تعيش هيئة تحـ ـرير الشـ ـام حالة من الترقب في هذه الفترة، وسط ضبابية المشهد في شمال سوريا، في ظل الخطوات التي اتخذها الجانب التركي المتمثلة بعقد لقاءات أمنية وعسكرية مع دمشق بضمانة روسية، والاستعداد لتطوير مستوى العلاقات لتشمل الشق السياسي بين الجانبين.
وكانت الضغوط التي مارسها الجيش التركي على الهيئة لمغادرة كفرجنة في منطقة عفرين منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2022، بمنزلة جرس إنذار ودليل على الموقف الحاسم الرافض لنفوذها في المنطقة، بالإضافة إلى ملاحقة أي وجود إداري أو أمني علني لتحـ ـرير الـ ـشام في منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون.
وباتت قيادة الهيئة مقتنعة بأن خطتها التي بدأت بالعمل عليها في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، الهادفة إلى بسط سيطرتها المباشرة على عفرين واعزاز والباب بريف حلب بالقوة باتت غير ممكنة التطبيق، نتيجة الرفض التركي والضغوط الدولية، على اعتبار أن عفرين لها خصوصية كون سكانها من الأقليات، واعزاز خاضعة لنطاق عمل التحالف الدولي، ولذا تتحرك الهيئة مؤخراً لتقوية أذرعها بدرع الفرات وغصن الزيتون، المتمثلة بالفصائل المتحالفة معها، والمنتشرة في كل من عفرين والباب واعزاز، عن طريق دعمها بالسلاح والأموال.
وأدخلت الهيئة على مدار الأسبوعين الماضيين أسلحة ثقيلة مكونة من دبابات ومدافع وذخائر إلى منطقة الشيخ حديد التي تسيطر عليها فرقة السلطان سليمان شاه، المتحالفة مع تحـ ـرير الشـ ـام منذ أشهر طويلة.
ومدت الهيئة ما يعرف باسم “أحرار الشام – القطاع الشرقي” بالأموال والذخائر، على اعتبار أن هذا التشكيل له انتشار في ريف الباب وصولاً إلى جرابلس، ويسيطر حتى اللحظة على معبر الحمران المخصص لمرور المحروقات من شمال شرقي سوريا إلى شمال غربيّها، بالإضافة إلى دعم مجموعات سابقة كانت ضمن حركة نور الدين الزنكي.
واستقدمت الهيئة أمس تعزيزاتٍ عسكريةً مؤلفةً من دباباتٍ ومدرعاتٍ وناقلات جندٍ إضافةً لرشاشاتٍ ثقيلة ودراجات نارية، إلى نقاط انتشارهم في مركز ناحية جنديرس ومحيطها.
وكانت الهيئة الإرهابية التي تشكل الذراع السوري لتنظيم القـ ـاعـ ـدة، قد سيطرت في تشرين الأول / أكتوبر العام الماضي وعلى مرأى من الاحتلال التركي، على مساحاتٍ واسعةٍ في الشمال الغربي للبلاد، شملت كامل منطقة عفرين وأطرافَ مدينة إعزاز أقصى الريف الشمالي لحلب.
تحركات الهيئة لم تقف عند المناطق الشمالية الغربية من سوريا، بل توسّعت لتشمل منطقة “كري سبي / تل أبيض” المحتلة شمالي البلاد، حيث أدخلت العشرات من عناصرها عبر الحدود مع تركيا أواخر العام الماضي، بحسب ما ذكرت تقاريرُ إعلامية، ما اعتبره مراقبون دليلاً على علاقة أنقرة بالتنظيمات والفصائل الإرهابية، وعلى رأسها جبهة النصـ ـرة.