"لا علاقة للخارج بالملف الرئاسي"، "لا تنتظروا الخارج لانتخاب رئيس للجمهورية"، خلاصة توافق عليها من دون قصد، الأمين العام لـ "حـ ـزب ال له" السيد حسن نصرال له مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فكلاهما لا يريان أن التأثير الخارجي له هذه الأهمية، التي يحاول البعض تضخيمها.
فالخارج مشغول بقضاياه الخاصة، ولن ينشغل بمسألة لبنانية داخلية، لم تحظ حتى اللحظة بتوافق من قبل المعنيين بالاستحقاق الرئاسي.
خلاصة نصر ال له وجعجع، أكدتها مصادر دبوماسية متابعة للملف الرئاسي في عواصم القرار، حيث اشارت في حديثها لوكالة انباء اسيا ان الدول الخارجية لم تخصص حتى الساعة اي اهتمام للبنان، بالرغم من ذكره في بعض البيانات، مؤكدة ان كلاً من السعودية والولايات المتحدة وفرنسا، لا تتعاطى بالملف اللبناني ولم تطرحه على طاولاتها بجدية حتى اليوم، بانتظار الاجتماع الرباعي الذي سيعقد في باريس والذي تعتبره المصادر انه لن يأتِ بحلول ملموسة.
وعن التحضيرات لعقد هذا الاجتماع في باريس، اشارت المصادر الى ان هذا الأمر متفاعل في الاعلام اكثر مما هو على ارض الواقع، مرجحة امكانية انعقاده او تطييره في نفس الوقت.
إذا سلمنا جدلاً بالقراءة الموضوعية للتطورات الدولية والإقليمية من قبل نصر ال له وجعجع، فلا بد من التساؤل هنا عن السبب الذي يمنع النواب من القيام بواجبهم الدستوري، وعن السبب الكامن وراء عدم انتخاب رئيس الجمهورية حتى اللحظة، والسبب الذي يمنع جميع الافرقاء من الجلوس على طاولة واحدة للحوار لإخراج البلد من عنق الزجاجة التي ادخلوه بها.
وانطلاقاً من ذلك، رأت اوساط سياسية انه يتوجب على جميع الكتل النيابية، وخصوصاً "القوات اللبنانية"، و"حـ ـزب ال له"، تبديل الاسلوب والتكتيك اللذين يتبعانهما خلال جلسات الانتخاب، او في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، والكف عن التمسك بخيار الورقة البيضاء وتقديم الحزب وفريقه لمرشحهم الرئاسي، معتبرة ان الامر ينسحب على جعجع والمعارضة، حيث بات عليهم التوقف عن التمسك بالنائب ميشال معوض كمرشح للرئاسة، خصوصاً ان هذا الاسلوب المتبع خلال الجلسات السابقة للانتخاب لم يوصل الى أيّة نتيجة.
مواقف غالبية الأطراف السياسية تصب في خانه ضرورة التوصل الى توافق داخلي لانتخاب رئيس الجمهورية وعدم التعويل على الحلول الخارجية، الأمر الذي يطرح أكثر من تساؤل حول كيفية إنتخاب الرئيس العتيد من خلال توافق الكتل النيابية، بينما ليس في الأفق أيّة إيجابيات تصب في هذا الإطار، فلكل فريق مرشحه وحساباته، ومن هنا ترى المصادر ان هذا الاستحقاق لا زال معقداً وهو ما ينذر بفترة فراغ رئاسي طويلة الامد.
وتعتبر المصادر ان الاسماء الرئاسية التي كانت مطروحة بجدية ما قبل رأس السنة، كاسم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، واسم قائد الجيش العماد جوزيف عون، بدأت تتلاشى، مع المحافظة على حظوظها في الوصول الى سدة الرئاسة، في حال التوصل الى تسوية ما.
خلاصة ما تقدّم ذكره، إذا كان الخارج مشغولًا بأموره، والداخل غير متوافق على الآلية السليمة للعملية الانتخابية، فإن لبنان باقٍ دون رئيس إلى أن يقرّر هذا الخارج أن يتدّخل لوضع جميع من يمسكون بزمام السلطة أمام مسؤولياتهم، وهذا ما عهدنا حصوله في لبنان سابقاً وسيبقى يحصل اليوم وغداً ومستقبلاً.