بين حسابات السياسة وتطبيق القانون، ضاعت آمال اللبنانيين بالحصول على تغذية كهربائية كان من المفترض ان تتراوح بين 8 و10 ساعات يومياً، إلان انه حتى ساعة التغذية الواحدة في اليوم باتت تُقسم من قبل شركة كهرباء لبنان الى نُصفين على مدار الـ24 ساعة.
فوزارة المال تُصر على تطبيق القانون على موضوع تمويل الكهرباء، وهو ما ظهر مع وزير المال يوسف خليل حول سلفة الـ62 مليون دولار للكهرباء، فبعد دراسة الملف من قبل وزير المال والمعنيين من أجل فتح اعتماد تمويل شراء مشتقات النفط من شركة vitol bahrain لزوم تشغيل معامل انتاج الطاقة في مؤسسة كهرباء لبنان، تبيّن أن مبلغ السلفة لا يمكن صرفه إلاّ بمرسوم حكومي.
وإنطلاقاً من ذلك، تسأل مصادر سياسية هل من الممكن ان يكون وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال وليد فياض قد وقع في الفخ بعدما كان قد استحصل من رئاسة الحكومة على خطاب موافقة استثنائية لسلفة مالية لمؤسسة الكهرباء، على أن يتم لاحقاً تحضير مرسوم بهذا الخصوص يُعرض على مجلس الوزراء على سبيل التسوية؟ متسائلة في حديثها لوكالة انباء اسيا ماذا يعني ان تصبح الموافقة في يد وزير الطاقة وبعد طلب فياض من وزير المال توجيه رسالة الى مصرف لبنان يعلن فيها قبول السلفة، ليحضه على إعداد رسالة ضمانات بغية تسليمها الى شركة "فيتول" لإفراغ حمولتها من الفيول أويل، يتبين استحالة تسليم هذا المبلغ من مصرف لبنان دون مرسوم من مجلس الوزراء؟.
وفي هذا السياق، أشارت اوساط حكومية الى ان "لا اقرار للسلف من دون عرض الموضوع على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، وما عدا ذلك صخب سياسي واعلامي لا قيمة قانونية ودستورية له".
فبدعة المرسوم الجوال لا يمكن تطبيقها راهناً، لان تطبيقها اقتصر على فترة الحرب حيث لم يكن في الإمكان التنقل وانعقاد مجلس الوزراء"، بحسب ما يؤكد رئيس مؤسسة "جوستيسيا" بول مرقص، موضحاً أن المادة 62 من الدستور "تخوّل مجلس الوزراء ممارسة صلاحيات الرئيس في حال الضرورة القصوى، إن لم يكن هناك مخرج آخر".
شرارة السجال "الكهربائي" عادت وأشعلتها عضو تكتل "لبنان القوّي" النائب ندى البستاني، متسائلة كيف انهم انتظروا لـ1 تشرين الثاني كي يفتحوا النقاش بسلفة الكهرباء فيما هي مطلوبة منذ أشهر".
واعتبرت البستاني أن "رئيس حكومة تصريف الأعمال ليس لديه الوقت الكافي او القدرة لكي يفهم ويستوعب الخطط التي سبق وقدمها فريقي السياسي لقطاع الكهرباء، كان عليه في أضعف الإيمان التنبّه لتاريخ مشروع المرسوم الذي عرضه على الرأي العام والذي وقعتُه يوم كنت وزيرة للطاقة. كان الأجدى به أن يسأل دوائر رئاسة الحكومة عن مشروع المرسوم هذا المودع لديها منذ سنة ٢٠١٩ ولم يتم البتّ فيه حتى اللحظة".
وهو ما رد عليه المكتب الاعلامي لميقاتي بالقول:"لأن الفجور الاعلامي الذي يعتمده "التيار" لا حدود له، سنضطر إلى كشف وثيقة تظهر مدى إمساك "وزيرة الظل" ونائب "وزير الوصاية" على مفاصل الوزارة وتحكمها بقراراتها، حيث تلقت رئاسة الحكومة مراسلة رسمية من وزير الطاقة، جرى فيها شطب إسم ندى البستاني وكتابة إسم الوزير وليد فياض بخط اليد. وتبعا لذلك، ننصحك سعادة النائب "برفع وصايتكِ الفاشلة عن الوزارة كمدخل اول لحل ازمة الكهرباء".
بدوره، أشار المستشار الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فارس الجميّل، الى أن "نشر وثيقة الكهرباء تأتي في إطار الرد على النائب ندى البستاني"، معتبراً أنّ التيار الوطني الحر افتعل السجال يوم الجمعة، والعنوان الأبرز "يا بتعطونا 68 مليون دولار، أو ما في كهرباء".
ولفت الجميّل إلى أنّ "تمسك التيار الوطني الحر بوزارة الطاقة يدل إما على خوف من شيء، أو إصرار على عناد يدفع ثمنه الشعب اللبناني"، مشيراً إلى أنّ "ميقاتي بصدد إجراء مشاورات مع المعنيين بانتظار استكمال الإتصالات، وعندما تدعو الحاجة لن يتردد بالدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء".
وذكر الجميّل، أنّ "شرط البنك الدولي لتمويل قطاع الكهرباء هو ضرورة إقرار الهيئة الناظمة للقطاع، ورئيس الحكومة عندما تحدّث عن 10 ساعات كهرباء كان لديه ضمانات عربية، ولكن صعوبات سياسية أخّرت هذا الموضوع، بالإضافة إلى العناد المستمر في الداخل".
وعن طعن "التيار" بمراسيم الحكومة، اكد الجميّل أن "المراسيم دستورية ولا يمكن الطعن بها، وهذا الموضوع خارج النقاش، ولا أعلم لماذا لديهم حنين للحروب والمشاكل".
لتعود وترد البستاني على الجميّل، بالقول: "يلي استحى مات بهالبلد".. الفجور الإعلامي هو الكذب على العالم.. والسؤال كيف بتنعمل مناقصات بدون رصد إعتمادات؟ ولو تنفذت خطة الكهربا ما كنا وصلنا لهون".
وسألت البستاني: "من يتحمل اليوم مسؤولية البواخر المتوقفة في البحر والتي تكلفنا غرامات تأخير؟ وأسأل الرئيس ميقاتي "وين الـ10 ساعات كهرباء؟".
وسط هذا الاشتباك، وغرامة التأخير demurrageالتي تقدر بنحو 20 ألف دولار عن كل يوم توقفت فيه باخرة الفيول قبالة شاطئي الزهراني ودير عمار، وحده المواطن اللبناني الخاسر دائماً، فهو محروم من الكهرباء، بإنتظار يأتي الترياق من مرسوم جوال أو من تسوية على الطريقة اللبنانية تطيح القانون والدستور.