كيف أصبحت اللحوم والدجاج ضيوفاً عزازاً على موائد فقراء مصر؟
شيماء حمدي- القاهرة
تسبب الغلاء الذي ضرب مصر على موجات متقاربة خلال العام الحالي إلى ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء(الدجاج) بشكل مبالغ فيه، وتتراوح أسعار اللحوم البيضاء (الدجاج) بين 45 و48 جنيها للكيلوغرام الواحد بعد أن كان يتراوح سعره ما بين 25 إلى 27 جنيهاً.
إلى جانب ارتفاع أسعار اللحوم لتسجل 200 جنيهاً للكيلو غرام من المجزر الحر، فيما وصل سعره إلى 170 للكيلو في المجازر المدعومة من القوات المسلحة ووزارة الداخلية والموجودة في المناطق الشعبية فقط، وكانت أسعار اللحوم تتراوح بين 90 إلى 120 جنيها قبل موجات غلاء الأسعار.
وبحسب أحد الجزارين، فإن عملية إقبال الزبائن على شراء اللحوم لم تعد كما كانت في السابق، وحتى الزبائن التي تقبل على الشراء توجهت نحو تقليل الكمية بسبب غلاء أسعارها. مشيراً إلى أن هذا الغلاء ليس الأخير فمن المتوقع أن تزداد أسعار اللحوم مجدداً مع عملية التعويم المتوقع أن تحدث خلال الفترة القليلة القادمة.
وبحسب أحد بائعي الدجاج، فإن ارتفاع أسعار كيلو الدجاج يعود إلى أزمة العلف التي تشهدها مصر منذ أشهر، إلى جانب ارتفاع تكلفة الأعلاف بسبب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه. مشيرا إلى أن الكثير من الزبائن غير القادرين يقومون بشراء ( هياكل الفراخ) مثل ( الأرجل والأجنحة ورقاب الدجاج) نظراً لانخفاض أسعارهم أمام سعر الدجاج.
وأدى انخفاض مستوى الجنيه إلى موجات غير مسبوقة من ارتفاع الأسعار، كان أبرز مشاهدها إقدام أصحاب مزارع دواجن على إعدام آلاف الكتاكيت بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، إضافة إلى وجود أزمة في توافر الأرز في الأسواق، بعدما اعتبرت شركات التعبئة أن الأسعار الجبرية التي وضعتها الحكومة ستؤدي إلى خسائر.
وتراجعت القدرة الشرائية للمصريين على إثر الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، إذ اضطروا مرغمين إلى إجراء تعديلات قسرية على موائدهم، نظراً إلى ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري مع تدني رواتب الموظفين أو رفعها بما لا يتناسب مع الغلاء الجنوني.
ومن أحد الأسواق الشعبية، أكدت أم رحمة وهي سيدة أربعينية لديها 3 أطفال، بأنها اضطرت إلى تقليل استهلاكها من اللحوم والدجاج والبحث عن البدائل قدر المستطاع، حتى وإن كانت أسعار تلك البدائل ارتفعت عن السابق لكنها بالتأكيد ستكون أقل في التكلفة من اللحوم والدجاج.
وأوضحت أنها أصبحت تكتفي بطبخ لحم أو دجاج مرة واحدة كل أسبوعين، وباقي الأيام تحاول الحصول على العناصر الغذائية من مكونات أخرى. وعبرت أم رحمة عن خشيتها من ارتفاع الأسعار أكثر من ذلك لأنها في هذه الحالة ستعجز عن توفير الطعام لأطفالها.
أما الحاجة صفية عبد العزيز والتي تبلغ من العمر 56 عاما، أكدت أن اللحوم أو الدجاج أصبحوا كالضيوف على موائدها، فشراء لحوم أو فراخ يكون لسبب من السببين إما أول الشهر بعد قبض معاشها عن زوجها مباشرة، أو وجود ضيوف. مشيرة إلى أنّ الأسر لم يعد بمقدورها استقبال الضيوف كما كان في السابق خوفا من التكلفة المادية.
وكشف استطلاع للرأي أعده مركز المعلومات ودعم القرار فى يونيو 2022 حول كيف تواجه الأسر المصرية أزمة ارتفاع الأسعار فهناك نحو 46% من المصريين قالوا إنهم اضطروا لاستبدال بعض السلع التي اعتادوا عليها، و55% قالوا إنهم خفضوا استهلاكهم من بعض السلع الغذائية، 38,4% لم يقللوا استهلاكهم.
وبسبب حالة الاحتقان والغضب من ارتفاع أسعار جميع السلع، والتي ظهرت بشكل كبير على صفحات العديد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي. نشر المعهد القومي للتغذية في مصر منشورا على موقعه على فيسبوك يتحدث فيه عن عدة "بدائل غذائية غنية بالبروتين وقادرة على توفير الميزانية"، وعلى رأسها أرجل الدجاج.
كما نشرت صحف ومواقع إخبارية مصرية تقارير تتحدث عن "فوائد أرجل الدجاج" مستشهدة بما جاء في صفحة المعهد القومي للتغذية في هذا الإطار، وهو ما أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتساءل البعض عما إذا كانت هذه حملة إعلامية تهدف إلى إقناع الناس بتناول أطعمة رخيصة، بدلا من اللحوم والدواجن، التي تشهد أسعارها ارتفاعا ملحوظا، كبقية السلع والمنتجات، هذه الأيام.
وقال المعهد إن أرجل الدجاج "غنية بالبروتين والفيتامينات والمعادن اللازمة لإصلاح أنسجة الجلد ونمو العضلات". كما أشار إلى أنها تحتوي على الكولاجين الضروري لتجديد خلايا البشرة وتأخير علامات الشيخوخة والحفاظ على صحة الشعر والأظافر.
في المقابل انتقد نقيب الفلاحين في مصر، حسين أبو صدام، الدعوة إلى تناول أرجل الدجاج كأحد الحلول بعد ارتفاع أسعار الدجاج، وقال لصحيفة المصري اليوم المحلية إن هذه الدعوة "لا تصح" في دولة كبيرة مثل مصر، التي لديها اكتفاء ذاتي من الدواجن.
وأشار إلى أن سعر كيلو الدواجن يسجل هذه الأيام ٤٧ جنيها، في الوقت الذي يصل فيه سعر كيلو العدس لـ 50 جنيها، وكيلو السمك البلطي ٥٠ جنيها، وهو ما يعنى أن سعر كيلو الدواجن أرخص، مضيفا أن الأزمة العالمية هي التي أثرت على الأسعار .
