زواج بقرار حكومي… شروط جديدة للعقد تثير الجدل في مصر

2022.12.28 - 10:28
Facebook Share
طباعة

 حالة من الجدل أثارها ملامح قانون الأحوال الشخصية الذي تعتزم الحكومة المصرية إصداره خلال الفترة القادمة، من أبرز تلك الملامح هو إقرار دفع مبلغ مالي في صندوق يحمل اسم دعم الأسرة المصرية، إضافة إلى إجراء الشاب والفتاة تحاليل طبية، ومنح لجنة برئاسة قاضٍ حقّ الموافقة على إتمام الزواج من عدمه.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد دعا -في كلمة له خلال افتتاح مشروعات جديدة أمس الاثنين، الشباب إلى تمويل الصندوق بمبلغ من المال قبل الارتباط، على أن تدفع الحكومة مبلغا مماثلا للصندوق المقترح، الذي سوف يتم استخدامه بعد ذلك لدعم الأسر، خاصة في حالات الانفصال.

الجدير بالذكر أن بنك ناصر الاجتماعي (حكومي) يمتلك صندوقا مشابها "صندوق تأمين الأسرة" منذ عام 2004، بموجب القانون 11 لسنة 2004، يهدف إلى مساعدة الأسر التي هجرها عائلها بلا منفق، بجانب تنفيذ الأحكام الصادرة بتقرير النفقات والأجور وما في حكمها.

إلى جانب الإجراءات الجديدة التي جاءت في تصريحات الرئيس المصري، أعلنت النائب عن حزب مستقبل وطن الذي يمثل الغالبية في مجلس النواب هالة أبو السعد، عن تقدمها بمشروع قانون يلزم المقبلين على الزواج بإجراء تحليل المخدرات.

وقالت أبو السعد، إن مشروع القانون يأتي في وقت ترتفع فيه حالات ونسب الطلاق الناتجة عن تعاطي الزوج المخدرات، وإن إجراء التحليل قد يحد من نسب الطلاق.

وأوضحت النائب في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، أن قانون الأحوال المدنية ينص في المادة 31 على أن يشترط لتوثيق عقد الزواج، أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج، للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما أو على صحة نسلهما، وإعلامهما بنتيجة الفحص، على أن يصدر بتحديد تلك الأمراض وإجراءات الفحص وأنواعها والجهات المرخص لها بقرار من وزير الصحة، بالاتفاق مع وزير العدل، على أن يعاقب تأديبيا كل من وثق زواجًا بالمخالفة لأحكام تلك المادة.

وبموجب مشروع القانون الذي تقترحه يتم إضافة مادة تشترط لتوثيق عقد زواج أمام المأذون أو جهة التوثيق إجراء تحليل مخدرات لكل من الزوجين، للتأكد من عدم تعاطي أي منهما لأي عقار مخدر لما في ذلك من تأثير على الحياة الزوجية مستقبلًا.

وينص مشروع القانون على أنه في حالة ثبوت إيجابية عينة تحليل المخدرات دون وجود مقتضى طبي لذلك لدى أي من الزوجين، وجب إخبار الطرف الأخر فورًا بذلك، ولا يجوز في هذه الحالة للموثق إتمام إجراءات التوثيق إلا بعد إقرار الطرف الآخر بعلمه بذلك.

في المقابل تباينت ردود الفعل عن الإجراءات والشروط الجديدة لتوثيق عقد الزواج، تقول الناشطة النسوية إلهام عيداروس  أنه حتى الآن لا يوجد نص رسمي أو شرح مفصل فيما يخص فكرة صندوق دعم الأسرة، وبالتالي لا نستطيع الحكم عليه إلا بعد وجود نص رسمي.

وأضافت:" لكن فيما يخص الشروط الأخرى لتوثيق عقد الزواج، فأي قانون يضع سلطة أو جهة في منح أو منع تصريح الزواج يصبح قانون تسلطي مرفوض تماما ومنتهك للحرية الشخصية والحق الدستوري في الزواج وتكوين أسرة".

وتابعت:" منذ سنوات ونحن نطالب بإلغاء تصاريح الزواج المقيدة حق المسيحيين في الزواج في مصر، كما أننا نرفض بالنسبة للمسلمين إعطاء سلطة للولي في فسخ العقد أو التحكم في ظلّ قدرة الست الراشدة إنها تزوج نفسها، ولذلك لا يمكن أن نقبل إعطاء هذه السلطة لأي جهة مهما كانت".

واستطردت:" كفاية قوانين العصور الوسطى التي تمنع الناس تتزوج في مصر على أساس الدين والتقاليد المتخلفة التي تضع شروط متعلقة بالعرق والقبائل والطبقات".

وتنص المادة الــ10 من الدستور المصري على أن الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها.

من جانبه يرى المحامي ياسر سعد أن فكرة الصندوق طرحت من قبل منظمات المجتمع المدني في إطار قانون الأحوال الشخصية المنتظر إقراره خلال الفترة القادمة. موضحاً أن الهدف من ذلك هو دعم المطلقات والأبناء ماديا في حالة عدم دفع الزوج للنفقة وبخاصة الذين يعملون في القطاع الخاص نظراً لعراقيل تنفيذ استقطاع النفقة من الأجر.

وأضاف سعد أن الجدل المثار حول فكرة الصندوق يرجع لانعدام الثقة وغياب الشفافية والمعلومات  والخوف من أن يلقي الصندوق مصير الصناديق الخاصة التي لا يعلم المواطنين مواردها أو مصيرها. مشيراً إلى ضرورة وجود رقابة شعبية متمثلة في المجتمع المدني على الصندوق حتى يكون هناك شفافية حول الصندوق وللتأكيد بإنه يفي غرضه.

وأكد سعد على ضرورة أن يكون المبلغ الذي سيضعه الزوج المقبل على الزواج في الصندوق بسيط حتى يستطيع سداده. كما أشار إلى أن الشروط الأخرى الخاصة بإجراء التحاليل سواء الطبية أو المخدرات لابد أن تكون لعلم الطرف الأخر فقط وليس للمنع لأن المنع غير دستوري، ولابد أن تكون مجانية بدون أي رسوم.

في المقابل ترى المحامية الحقوقية عزيزة الطويل:" أن فكرة صندوق دعم الأسرة فكرة حسنة للأسرة، وأنه في الأساس طرح مؤسسات أهلية وحقوقية، لأن حاليا أغلب الأزواج والآباء الذين يعملون في القطاع الخاص، وبالتالي يكون هناك صعوبة في التوصل للراتب أو التنفيذ عكس موظف القطاع العام".

وتابعت: "فكرة الصندوق سترحم سيدات وأبناء من جحود الأزواج والآباء من التخلي عن مسؤوليته بالإنفاق فضلا عن أن فلوس بنك ناصر الإجتماعى غير مناسبة مع التضخم".

من جانبها،أعربت  مديرة مركز "أسرتي" للاستشارات الاجتماعية، منال خضر، عن خشيتها من أنّ ما تم إعلانه من مواد في القانون الجديد يشكل "بالونة اختبار" قبل تمريره، خاصة أن بعضه يشكل مخالفة صريحة لاحتياجات المصريين وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية.

وكان عدداً من مؤسسات حقوقية مصرية قد أعدت مشروعا بقانونٍ للأحوال الشخصية، في حين شكلت رئاسة الجمهورية لجنةً لإعداد القانون.

ووفقاً لتقرير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر، أغسطس/ آب الماضي، ارتفعت نسبة الطلاق في مصر عام 2021 بنسبة 14.7 في المئة، مقارنة بعام 2020. وبحسب التقرير، بلغ عدد حالات الطلاق نحو 255 ألف حالة عام 2021، مقابل نحو 222 ألفاً عام 2020.

شيماء حمدي- القاهرة

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 10