تحت هاشتاج " قناة السويس خط أحمر" دون عدد كبير من النشطاء والسياسيين على مواقع التواصل الاجتماعي، معربين عن غضبهم وتخوفاتهم من بيع أصول قناة السويس، وذلك على خلفية مشروع القانون المقدم من الحكومة المصرية للبرلمان المصري لتعديل قانون هيئة قناة السويس.
والأثنين، وافق مجلس النواب، على مجموع مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، فيما أرجأ رئيس المجلس، حنفي جبالي، الموافقة النهائية إلى جلسة لاحقة. وجاءت الموافقة النهائية رغم ما شهدته الجلسة من هجوم عدد من النواب على الحكومة ورفضهم مشروع القانون لما يحتويه من إنشاء صندوق جديد يحمّل الدولة أعباءً جديدة، حسبما قالوا، بالإضافة لرفضهم ما تضمنه من السماح ببيع بعض أصول هيئة القناة، واستقطاع جزء من إيراداتها لصالح الصندوق المزمع إنشاؤه.
التعديلات المطروحة التي أثارت الجدل:
يهدف مشروع القانون المقدم من الحكومة إلى "إنشاء صندوق مملوك لهيئة قناة السويس"، تسعى من خلاله إلى زيادة قدرتها على المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرافق الهيئة.
واستحدثت التعديلات إنشاء صندوق تابع لهيئة قناة السويس، له شخصية اعتبارية وموازنة مستقلة، يهدف إلى المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق قناة السويس وتطويره من خلال الاستغلال الأمثل لأمواله وفقًا لأفضل المعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها، ومجابهة الأزمات والحالات الطارئة التي تحدث نتيجة أية ظروف استثنائية أو قوة قاهرة أو سوء في الأحوال الاقتصادية.
وبحسب التعديلات، يقوم الصندوق بجميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، بما في ذلك: المساهمة بمفرده أو مع الغير في تأسيس الشركات، أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصوله الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، ويكون رأس مال الصندوق المرخص به مائة مليار جنيه مصري، ورأس ماله المصدر والمدفوع عشرة مليارات جنيه مصري تسدد من قِبل هيئة قناة السويس.
فيما حددت التعديلات موارد هذا الصندوق بأنها رأس ماله، ونسبة من إيرادات هيئة قناة السويس، أو تخصيص جزء من فائض أموال هيئة قناة السويس لصالح الصندوق بعد الاتفاق مع وزير المالية، وعائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق، بالإضافة إلى الموارد الأخرى التي تحقق أهداف الصندوق، ويقرها مجلس الإدارة، ويقبلها رئيس مجلس الوزراء.
نواب يرفضون مشروع القانون:
شهدت جلسة البرلمان المصري حالة من الجدل بين النواب بشأن "مواد القانون"، بين مؤيد لها ومعارض.
من جهته، أكد رئيس مجلس النواب المصري، حنفي جبالي، إن مشروع القانون المقدم من الحكومة "لا يتضمن أي أحكام تمس القناة أو بيعها"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الدولة ملزمة بحمايتها وتنميتها والحفاظ عليها بصفتها ممرا مائيا دوليا.
وخلال الجلسة العامة، الثلاثاء، قال جبالي إن" البيع أو الاستئجار أو الاستثمار بصندوق القناة يتوافق مع طبيعة الصناديق ولا يمس بأي شكل القناة نفسها، وأن قناة السويس مال عام لا يمكن التفريط فيه". مؤكداً على أن "البرلمان المصري يبذل قصارى جهده في تمحيص القوانين للحفاظ على الوطن والمواطن وعلى رأسها صندوق قناة السويس".
في المقابل رفض عدد من النواب مشروع القانون، إذ يرى النائب محمد عبد العليم داوود، إن تعديلات القانون وإنشاء صندوق لقناة السويس هو بمثابة تحويل المال العام إلى مال خاص. لافتاَ إلى الخطر الذي تشكله تلك التعديلات على مصر.
وقال النائب في تصريحاته لوكالة أنباء آسيا أن تعديلات القانون تشبه مشروع قانون بيع الأهرامات في سبعينات القرن الماضي، الذي تصدت له البرلمانية نعمات أحمد فؤاد.
من جانبه قال أمين سر لجنة الخطة والموازنة، عبد المنعم إمام؛ نحن نتحدث عن أكبر مصدر للنقد الأجنبي وهي قناة السويس التي تدر 7 مليار دولار في الموازنة العامة للدولة التي تعاني بالفعل من عجز 560 مليار جنيه.
وتابع في حديثه لوكالة أنباء آسيا : "ليه أنشئ صندوق تاخد نسبة من الإيرادات ديه وتأثر على الموازنة العامة للدولة، وليه انشئ صندوق من الأساس لقناة السويس مش كفاية عندنا 7000 صندوق خاص في مصر".
من جانبها، رفضت النائبة عن حزب المصري الديمقراطي، مها عبد الناصر، مشروع القانون، قائلة إن «الحكومة كل شوية تبهرنا بصندوق جديد، كيف نتحدث عن وحدة الموازنة وننشئ صناديق جديدة؟ الحكومة مصرة على عمل نفس الأشياء ومنتظرة نتائج مختلفة، وسابتنا لحد ما لبسنا في الحيط»، مضيفة: «نقترض ونزيد من الاقتراض، ومكلمين في نفس السكة، قناة السويس هيئة اقتصادية طيب ليه بنعملها صندوق ولّا ده علشان تعيين ناس في مكان جديد؟»
قناة السويس خط أحمر:
من جانبها، نفت الحكومة المصرية أي نية لبيع قناة السويس، وقال المستشار علاء الدين فؤاد، وزير شؤون المجالس النيابية، إن الهدف من الصندوق هو تحقيق التنمية الحقيقية للهيئة.
وردّ الوزير على ما أثاره بعض الأعضاء من مخاوف بشأن بيع قناة السويس، وقال إن الصندوق يعمل على تعظيم الاستفادة من الإيرادات عن طريق استثمارها أفضل استثمار.
ورغم نفي المسؤولين المصريين وجود أي نية لبيع أصول قناة السويس، التي تمثل المصدر الثاني لتوفير العملة الصعبة في مصر بعد عوائد المصريين في الخارج، إذ حققت العام الماضي عائدا بلغ 7 مليارات دولار، إلا أن توقيت إعلان إنشاء الصندوق، وتزامنه مع اتجاه الحكومة لبيع العديد من الأصول في ظل الأزمة الاقتصادية شكك المصريون في النفي الحكومي، وهو ما أثار حالة الجدل والغضب، فيما دون العديد من السياسيين عبر صفحاتهم رفضهم لصندوق قناة السويس تحت هاشتاج قناة السويس خط أحمر.
ودون المرشح السابق لرئاسة الجمهورية وزعيم الحركة المدنية حمدين صباحي، عبر صفحته قائلاً: "الرفض القاطع الحاسم للصندوق السيادي للقناة واجب وطني وسياسي وأخلاقي على الحكومة أن تسحب فورا هذا المشروع المهين، #قناة_السويس_خط_أحمر".
وقال عضو لجنة العفو الرئاسي في مصر، المحامي طارق العوضي، في منشور عبر حسابه بموقع "فيسبوك"، إن "أصول الدولة ملك أجيال رحلت والجيل الحالي والأجيال القادمة"، مضيفا أن "الجيل الحالي لا يملك (حق) التصرف فيها".
فيما رأى الخبير الإقتصادي هاني توفيق أنه كان من الواجب أن يدور حوار مجتمعي لقانون قناة السويس قبل اصداره، او عدمه، وإعتقادي أن الغرض منه استبدال مديونية الدولة المستحقة عاجلاً بسندات طويلة الآجل (يصدرها الصندوق بضمان إيرادات القناة).
وأضاف، ما يقلقنى في هذا القانون هو المزيد من تجاهل مبدأ شمولية ووحدة الموازنة العامة للدولة.
الحركة المدنية ترفض صندوق قناة السويس:
كشف مصدر داخل الحركة المدنية، بأن الحركة بصدد إصدار بيان لإعلان رفضها القاطع لمشروع إنشاء صندوق لهيئة قناة السويس.
وأوضح المصدر لوكالة أنباء آسيا أن " إنشاء صندوق لقناة السويس تعتبره الحركة بأنه من الممكن أن يمس سيادة مصر على مواردها الاستراتيجية ومن شأنه ايضاً أن يهدد أمن مصر القومي" .
وأوضح المصدر " أن الحركة المدنية ترى أن جميع مواد القانون الحالي ٣٠ لسنة ١٩٧٥ يفي بالغرض تماما دون الحاجة لإنشاء صندوق مستقل عن الهيئة نفسها"، مشيرا إلى" أن بيان الحركة سيتضمن أيضاً ما يراه كل علماء الاقتصاد في مصر والمؤسسات الدولية والذين يطالبون بوحدة وشمول الموازنة وإذا بنا نضرب عرض الحائط بكل هذه المطالبات بإنشاء صندوق جديد موارده وإيراداته لا تمت بصلة لموازنة الدولة وبعيد تماما عن رقابة البرلمان" .
كما أكد المصدر على أن "الحركة سيتضمن بيانها رفض قاطع لأي احتمال لخصخصة أي جزء من قناة السويس التي هي مصدر أساسي للدخل القومي للشعب المصري ورمز من رموز كفاحه ودفع ثمنها كثيرا على مر التاريخ، وتعتبر رمزاً كبيراً للمصريين لا يمكن أن تفرط فيه ولابد أن يظل بعيدا عن أي شبهات" .
من جهته كشف رئيس التحالف الشعبي عن اجتماع طاريء للأمانة العامة للحركة المدنية الديمقراطية من المقرر عقده قبل نهاية الأسبوع الحالي، لبحث المسارات المقرر التحرك فيها للتصدي لمشروع قانون الصندوق، التي قد تشمل إقامة مؤتمر موسع، فضلا عن التحرك القانوني أمام المحكمة الدستورية العليا، بالإضافة الى حشد الرأي العام لتوعيته بمخاطر مثل هذا التوجه، وغيرها.
وعبر الزاهد في تصريحات صحفية عن استغرابه من إنشاء صندوق سيادي جديد خارج رقابة البرلمان، يتيح التصرف في موارد الهيئة ومشاريعها ووضع أرباحها وفوائدها محل تصرف مستثمر أجنبي، في الوقت الذي يتجه العالم إلى دمج وتوحيد الصناديق وليس زيادتها، خاصة أن القناة هي المورد الأكبر للدولة بعائدات بلغت 8 مليارات دولارات في العام المالي الأخير.
وجاءت موافقة مجلس النواب المصري على تعديلات القانون، بعد أيام من إعلان صندوق النقد الدولي، منح مصر على حزمة دعم مالي لمصر بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا، إضافة إلى حزمة تمويلية بنحو 14 مليار دولار.
وأعلن صندوق النقد الدولي، في البيان، أن التمويل الإضافي بقيمة 14 مليار دولار، سيتم سدادها ببيع مزيد من أصول الدولة.
وتشهد مصر أزمة اقتصادية، دفعتها للاقتراض للمرة الثالثة من صندوق النقد الدولي، واتخاذ إجراءات تتعلق بتحرير سعر صرف العملة، وبيع عدد من أصول الدولة لسد الديون المتراكمة.