شغور يتبعه شغور، وفراغ يستولد فراغات: دستورية ومالية وعسكرية، هذا واقع الحال في لبنان، في ظل الشغور الرئاسي الذي ستمدّد إلى العام المقبل، وحكومة تصريف أعمال عاجزة عن تسيير أمورِ البلد.
في غضون ذلك، لا تزال المؤسسة العسكرية في لبنان بانتظار حلول عاجلة تحيّدها عن تداعيات استمرار الفراغ الرئاسي من أجل تجاوز معضلة الشغور في المناصب العسكرية العليا، إذ أن العديد من القيادات العسكرية على أبواب التقاعد، من بينهم رئيس أركان الجيش اللواء أمين العرم الذي يُحال إلى التقاعد في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، وعضوَي المجلس العسكري اللواء ميلاد إسحق، واللواء مالك شمص الذي يُحال إلى التقاعد في شباط 2023.
وتسودُ خشيةٌ من أن تؤدي إحالة مجموعة من كبار الضباط على التقاعد إلى إحداث شغورٍ في المجلس العسكري ما يجعله عاجزاً عن الإجتماع وإصدار القرارات، فيضعُ صلاحيات المجلس في يد قائد الجيش العماد جوزف عون.
وانطلاقا من ذلك، كثرت التفسيرات حول عدم الذهاب الى الخطوة الاستثنائية لجهة التمديد للأعضاء الثلاثة وفق ما يجيز القانون وهو تمديدٌ يُبنى على اقتراح قائد الجيش وموافقة وزير الدفاع الوطني، وفي العادة يتم التمديد إمّا لثلاثة اشهر قابلة للتجديد لثلاث مرات او لستة اشهر قابلة للتجديد مرة واحدة.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر مطلعة أن قانون الدفاع الوطني لا يسمح بالتمديد، مشيرة إلى ان وزير الدفاع في حكومة تصريف الاعمال موريس سليم، سعى الى استباق الوصول الى هذا اليوم وعمل على تعيين ضباط ليشغلوا هذه المواقع قبل شغور موقع رئاسة الجمهورية، الا أنّ تلك التعيينات لم تحصل، لافتة الى أنه لدى إحالة رئيس أيّة مؤسسة على التقاعد بسبب بلوغه السن القانونية للتقاعد الحُكمي فإنّ الضابط الأعلى رتبة في أيّة من مؤسسات وزارة الدفاع يقوم بتسيير شؤون المؤسسة.
ومع الوصول الى الوقت القاتل، كشفت مصادر مطلعة ان الاجراءات اللازمة سلكت طريقها للتمديد للاعضاء الثلاثة في المجلس العسكري بناءً على اقتراح قائد الجيش وموافقة وزير الدفاع.
ويثير سدّ الشغور في المناصب العسكرية قلق العديد من السياسيين وقادة تلك الأجهزة أنفسهم رغم تأكيدهم أنهم يعملون على تحييد مؤسساتهم عن الشغور الرئاسي والأجندات السياسية.
وتشير المصادر إلى أن آلية إحالتهم على التقاعد تتم بقرار يصدر عن مجلس الوزراء الذي لن ينعقد في ظل استمرار الشغور الرئاسي، كما أن تعيين من يخلفهم يستوجب انعقاد مجلس وزراء وهو ما ليس متاحا بعد.
ويثير كل ذلك مخاوف من إرباك الأجهزة الأمنية والعسكرية على وقع تجاذبات سياسية لا يبدو أن لبنان سيتجاوزها في الأفق القريب.
ولتلافي فقدان المجلس العسكري لنصابه وكحلٍّ مؤقت، كان قد تقدّم "اللقاء الديمقراطي" في حزيران الماضي وعبر النائب الدكتور بلال عبدالله باقتراحَيْ قانون معجّلين مكرّرين، الأول لتعديل المادّتين 56 و57 من المرسوم الاشتراعي رقم 102 (قانون الدفاع الوطني) المتعلّقتين بالتسريح الحكميّ للعسكريين بحيث يُمدِّد لهم سنتين في كلّ مواقعهم ويُسرّحون حكماً بعد انتهاء المدّة، على أن تكون مدّة تطبيق القانون ثلاث سنوات فقط. والثاني لتعديل المادة 68 من المرسوم الاشتراعي 112 (نظام الموظفين) لتمديد سنّ التقاعد أو الصرف من الخدمة لكلّ الموظفين إلى الثامنة والستين من العمر، أي بزيادة أربع سنوات، وبالتالي فإنه كان من الواجب انتظار ما سيقدم عليه المجلس النيابي، لان اي استباق لموقف المجلس لجهة اقرار الاقتراحين من عدمه كان سيفسّر بطريقة سلبية.