مرَّ عامٌ على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر، والتي تستهدف تحسين أوضاع حقوق الإنسان من خلال مجموعة من المسارات والإجراءات، وعلى خلفية هذا أصدرت الأمانة الفنية باللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان تقريرها الأول تحت عنوان :" الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عامٌ من التنفيذ" في الفترة الممتدّة من سبتمبر 2021 حتى أغسطس 2022.
ورصد التقرير الذي تضمن 74 صفحة، بعض الإجراءات التي قامت بها الحكومة المصرية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر، لكن في المقابل رأى بعض السياسيين والحقوقيين إن ما رصده التقرير جاء عكس ما يحدث على أرض الواقع وبخاصة فيما يتعلّق بالحقوق السياسية والمدنية.
فمن جانبه تساءل محمد انور السادات رئيس حزب الاصلاح والتنمية، عما حققته الاستراتيجية بشكل حقيقي على مدار العام، على مستوى التشريعات اللازمة والملحّة أو الخطوات التنفيذية فيما يخص نشر ثقافة حقوق الإنسان ورفع الوعي والحفاظ على كرامة وحريات المواطن المصري.
كما تساءل هل تم إعداد خطة عمل للتنفيذ وما هي؟ ما هي الصعوبات التي واجهت اللجنة الدائمة عند التطبيق الفعلي حتى يمكن عمل مراجعة وإعداد خطّة لسرعة التحرك بشكل إيجابي؟ هل حققنا التكامل ما بين الإطار التنموي والإطار الحقوقي كما تهدف الاستراتيجية؟ ما هو حجم التقدم المحرَز في تنفيذ بنود الاستراتيجية؟ وهل قمنا بعمل تقييم ذاتي لما حققناه كي نقف على أوجه الخلل والقصور؟ وما هو حجم مساهمات الأطراف الأخرى المعنية برصد ومتابعة ما تحقق على أرض الواقع؟ في النهاية الجميع يبني آمالاً كبيرة على إحداث تغيير في مفاهيم ومعانٍ كثيرة وردت في الاستراتيجية ولا نريد أن نفقد الأمل بل نبني على ما تحقق حتى لو كان قليلا.
وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك عدد من الخطوات والإجراءات التي رصدها التقرير والتي زعمت بأنها عززت من وضع حقوق الإنسان في مصر، لكن في المقابل رصدت عدد من المنظمات الحقوقية تفاصيل مغايرة لما رصدته اللجنة الفنية لحقوق الإنسان وهو ما يعني أن هناك فجوة بين ما يحدث على أرض الواقع وبين ما تم رصده في التقرير.
حيث زعم التقرير بأن هناك مجموعة من الإجراءات اتخذتها الحكومة المصرية لمناهضة ومكافحة كافة أشكال التعذيب التي تتم داخل أماكن الاحتجاز، جاء هذا في الوقت الذي تحدثت فيه بعض التقارير الحقوقية عن استمرار التعذيب في أقسام الشرطة والذي نتج عنه بعض حالات الوفاة التي رصدها خلال العام المنصرم، فعلى سبيل المثال توفي محمد قاسم (32 عامًا)، بعد إحتجازه لمدة ثلاثة أيام بقسم شرطة الساحل في منتصف أغسطس/آب الماضي. بالإضافة إلى وفاة الشاب مصطفى نافع رمضان في قسم شرطة الرمل بالإسكندرية، وذلك دون إجراء تحقيقات حقيقة والوقوف على أسباب الوفاة الحقيقية، في المقابل تواردت أنباء حول تعرضهم للتعذيب عقب إلقاء القبض عليهم وهو ما تسبب في وفاتهم.
كما تحدث التقرير عن التدابير التي اتخذتها الحكومة المصرية لضمان معاملة السجناء" على نحو يحفظ كرامتهم". وكانت منظمة "نحن نسجل" قد أعلنت في نهاية نوفمبر/تشرين ثاني الماضي عن وفاة 5 سجناء في سجن "بدر 3" نتيجة سوء ظروف الاحتجاز والإهمال الطبي.
كما رصدت المنظمة عام 2021، وفاة 60 محتجزاً في السجون المصرية خلال العام، وقد قسموا إلى 52 ضحية من السجناء السياسيين وثمانية جنائيين، من بينهم ستّة أطفال.
وفي الوقت الذي زعم فيه التقرير بأن الاستراتيجية استهدفت تعزيــز منــاخ وثقافــة التعدديــة وتنــوع الآراء والــرؤى إزاء مختلــف القضايــا العامــة، ألقت قوات الأمن القبض على المئات على خلفية دعوات 11 نوفمبر.
وعشية انعقاد مؤتمر المناخ، أفرجت السلطات المصرية عن 766 سجينًا، في أعقاب قرار من الرئيس السيسي بإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي، في إبريل/نيسان 2022. إلا إن منظمة العفو الدولية وثَّقت خلال الفترة نفسها إلقاء القبض على ضعف ذلك العدد، حيث خضع 1540 شخصًا للتحقيق بسبب ممارستهم لحقهم في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.
كما تحدث التقرير عن الحبس الاحتياطي والتي اتخذت تتخذها الحكومة المصرية لإنهاء تلك المعاناة وعلى رأس ذلك تفعيل لجنة العفو الرئاسي، لكن في المقابل؛ لا يزال الآلاف قيد الحبس الاحتياطي، كما واصلت السلطات تجاهل قرارات صادرة بالإفراج عن بعض المحبوسين احتياطيا، فيما يُعرف باسم ”التدوير“. فمنذ إبريل/نيسان 2022، رفضت أجهزة الأمن المصرية تنفيذ أوامر قضائية بالإفراج عن 60 متهما على الأقل- وفقا لمنظمة العفو الدولية إذ تم تدويرهم وإحالتهم للنيابة ليواجهوا تهمًا بالإرها…