عبر قنوات مختلفة موزعة بين الداخل والخارج، يبذل لبنان جهوداً سياسية لاحتواء مناخ الاضطراب والتوتر الذي برز على خلفية التطورات التي شهدتها بلدة العاقبية بين "اليونيفيل" والاهالي، واسفرت عن مقتل جندي ايرلندي وجرح ثلاثة آخرين، وبحسب المصادر فإن إتصالات جرت للحيلولة دون حرف الحادثة باتجاه تصعيدي، ولضمان عدم الانزلاق نحو ما لن تحمد عقباه على مستوى أمن الساحة اللبنانية.
الحادثة بقيت اليوم متصدرة الاهتمام المحلي، وتفاعلت ردود الفعل المحلية والدولية واتخذت طابعاً سياسياً شابه تحريضٌ على بعض أهالي الجنوب ومكوّناته.
وفي مقابل ذلك التحريض، ومحاولات لبنان الرسمي لاحتواء الوضع، زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المقر العام لقيادة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان" اليونيفيل" في بلدة الناقورة، في زيارة تضامن.
ووصل ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون معا الى الناقورة، وكان في إستقبالهما القائد العام لـ"اليونيفيل"الجنرال أرولدو لاثارو.
وعقد إجتماع تم خلاله البحث في الحادثة وملابساتها والوضع في الجنوب، اضافة إلى شرح حول عمليات اليونيفيل والأنشطة التي تضطلع بها بالتعاون مع الجيش.
وفي خلال الاجتماع، اكد الرئيس ميقاتي "إن لبنان ملتزم بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701، ويحترم القرارات الدولية، ويدعو الامم المتحدة الى الزام اسرائيل بتطبيقه كاملا ووقف اعتداءاتها المتكررة على لبنان، وانتهاكاتها لسيادته برا وبحرا وجوا".
وختم "البيئة التي يعمل فيها الجنود الدوليون بيئة طيبة، والتحقيقات متواصلة في مقتل الجندي الإيرلندي ومن تثبت إدانته سينال جزاءه".
وفيما تستمرّ التحقيقات لكشف ملابسات الحادث، اشارت مصادر الى ان التحقيقات تجري على ثلاثة مستويات، الأول تقوده مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، والثاني تجريه قوات الطوارئ الدولية، أما الثالث فيجريه حزب ال له.
بالاستناد إلى هذه التحقيقات وما حصل بالتزامن معها من تنسيق وتواصل بين الأطراف المختلفة، فإن الجميع يؤكد أن ما جرى لم يكن مدبراً ولم يتم التخطيط له مسبقاً، وهذا ما يؤكده الجيش اللبناني.
في غضون ذلك، لا تزال التحقيقات تتركز حول حقيقة ما حصل ولحظة وقوع الإشكال، لا سيما أن هناك تدقيقاً في ما إذا كان قد وقع في منطقة العاقبية حصراً، أم أن إشكالاً سابقاً قد حصل وتطور بالشكل الذي انتهى عليه في العاقبية.
وهنا تشير المصادر المتابعة للتحقيقات، الى إن الدورية الإيرلندية وخلال مرورها على الطريق الدولي إلى الطريق الفرعية في العاقبية، كانت تقصد الاتجاه نحو الطريق البحري، علماً أن هذه المناطق كلها تقع خارج نطاق القرار 1701، أي خارج صلاحيات قوات اليونيفيل.
وتضيف المصادر أنه بنتيجة المرور في هذا الطريق الفرعي اضطرت السيارتان لتخفيف سرعتهما، الأمر الذي لفت نظر الأهالي، الذين سارعوا إلى التجمهر وقطع الطريق على الآليتين، لإجبارهما على الخروج والعودة إلى الطريق الدولي. هنا حصل توتر بين الأهالي وعناصر الدورية، ما دفع بسائق إحدى الآليات إلى الإصرار على العبور فصدم أحد الشبان واصطدم بعدد من السيارات، ما زاد من التوتر الذي دفع إلى إطلاق النار باتجاه الدورية. وهنا، حسب ما تقول المصادر، فإن إحدى الرصاصات التي اخترقت الشباك الخلفي هي التي أصابت الجندي الإيرلندي الذي قتل، والجنود الثلاثة، ومن بينهم السائق، ما أدى إلى فقدان الآلية لتوازنها وانقلابها.