لبنان بلد التناقضات، ليست فقط الناقضات السياسية والحزبية والطائفية، ولكن لكل تفصيل فيه ما يقابله من تناقض، فعلى سبيل المثال ناس يموتون امام المستشفيات لانهم لا يملكون ثمن العلاج في المقابل تعج غرف عمليات التجميل والنفخ والشفط والحقن بزبائن الفريش "دولار"، مطاعم ومقاهي غالباً ما تجدها "مفولة"، في المقابل تنام عائلات وبطونها خاوية، مطار يشهد زحمة مسافرين عند نقطة التفتيش إثر توقّف 4 آلات تفتيش عن العمل من أصل 9، في المقابل طائرات "مفولة" بالوافدين لقضاء عطلة الميلاد ورأس السنة مع الاهل في لبنان.
وعلى مسافة اسبوع من عيدي الميلاد ورأس السنة، يستبشر القيمون على القطاع السياحي خيرا من أرقام الحجوزات، ويُعول هؤلاء على عامل الاستقرار لجذب المزيد من المغتربين والسياح الى لبنان حيث تتنوع البرامج والمشاريع والنشاطات الميلادية والشتويّة.
وفي هذا السياق، اكد نقيب مكاتب السفر والسياحة جان عبود أنّ العدد المتوقع وصوله هذا الشهر هو حوالى ٦٠٠ ألفاً يتوزّعون بين وافد لبناني من بلاد الإغتراب وسائح عربي وأجنبي، وسط مؤشرات زيادة نسبة عدد السياح العرب والاجانب من ٢٠ في المئة في شهر كانون الاول من العام الماضي الى ٣٥ في المئة هذا الشهر لان موسم الاعياد متلازم مع اطلاق موسم الشوبنغ والعروض الذي تشتهر به العاصمة بيروت.
وبحسب المعطيات، فإن الطائرات القادمة الى لبنان، امتلأت بالحجوزات بدءا من منتصف هذا الشهر مع العلم ان شركة طيران الشرق الاوسط رفعت عدد رحلاتها الى بعض الدول ومنها باريس ولندن والرياض، كما ان عددا من شركات الطيران استبدلت طائراتها الصغيرة بأكبر منها لاستيعاب الاعداد المتزايدة من الوافدين.
ويتوقع عبود أن يرفد القطاع السياحي القطاعات الاقتصادية خلال هذا الشهر بأكثر من مليار ونصف المليار دولار في حال كان معدل صرف السائح لمدة خمسة أيام حوالى ثلاثة الاف دولار وهذا ما يؤدي الى انعاش القطاعات الاقتصادية الأُخرى.
ورفض عبود، الحديث عن أيّة تهديدات اسرائيلية لمطار بيروت الدولي لان السائح العربي او الاجنبي اعتاد برأيه على الاوضاع السياسية والاقتصادية في البلد وبالتالي اذا كان الامن ممسوكا فالجميع سيتمكن من تمضية فرصة الاعياد بطمأنينة وراحة بال، مؤكّداً ان السياحة رئة الاقتصاد اللبناني، التي لا تزال تضخ في جسده أوكسيجين الحياة رغم كل الانتكاسات التي تعرض لها. ومن بلاد الارز الى كل المغتربين والسياح "عيدوها هالشتوية".
ومما لا شكّ فيه أن نسبة اللبنانيين الوافدين إلى لبنان خلال فترة الأعياد ستكون في مستوى التوقعات المرجوّة، ولكن ماذا عن نسبة من يريد الاحتفال بالميلاد ورأس السنة في الخارج؟ هل عادت عروضات شركات السفر في الأعياد تستقطب اللبنانيين المقيمين، في ظل الأزمة الراهنة؟
وتشير مصادر سياحية الى أن "عروضات فترة الأعياد لها زبائنها، بالرغم من الظروف الاقتصادية"، لافتة الى أن "من كان يمضي فترة الميلاد ورأس السنة خارج لبنان قبل الـ2019، لا يزال يحجز للاحتفال خارجاً".
كما كشفت المصادر أن "نسبة الحجوزات كبيرة خاصة في 21 و22 و23 من الشهر الجاري، حيث "فوّلت الطائرات" المُتجّهة الى دبي واسطنبول وقطر، مشيرة إلى أن "معظم هؤلاء يلاقون عائلاتهم المتواجدة في الخارج".