إحدى الناجيات من سجون الفصائل الموالية لأنقرة تروي تفاصيل صادمة

اعداد سامر الخطيب

2022.12.14 - 07:51
Facebook Share
طباعة

 بعد دخول القوات التركية والتشكيلات العسكرية العاملة تحت رايتها إلى منطقة عفرين بريف حلب الشمالي، منذ تاريخ 2018، تعرض أهالي المنطقة لأبشع أنواع الانتهاكات. لاسيما بحق من بقى فيها، بعد تهجير ثلث سكانها قسراً، بحسب شهادات بعض سكان المنطقة.


وبات الحدث الأبرز هناك (الاعتقال والقتل والسرقة والاغتصاب)، دون وجود أي رادع قانوني يحمي حقوق المواطن، في ظل تعتيم إعلامي على تلك الحوادث.


ودفعت النساء ثمن بقائهن في المنطقة كالرجال، لاسيما اللواتي تعرضن للاعتقالات بتهم باطلة ألصقها عناصر “فرقة الحمزات” وغيرهم، داخل المعتقلات، ومارس الفصيل بحقهن أفظع انتهاكات، من الضرب والاغتصاب والتنكيل وإهانة كرامتهن، في ظل سيادة قانون الغاب.


ونقلت وسائل اعلام معارضة شهادة احدى الناجيات من سجون الحمزات، تبلغ من العمر 52 عاماً أرملة ولديها 3 أولاد، اذ قالت بأنه تم إبلاغ المواطنين من قبل الفصائل المتواجدة في مركز المدينة، بأن سيتم اعتقال كل مواطن من المكون الكردي، بهدف إخضاعهم للمساءلة والتحقيق إذا ما كان لهم دور في المؤسسات التي تم تأسيسها من قبل الإدارة.


وأضافت قائلة، أن عناصر الفصائل اعتقلوها لمدة 4 شهور، وبعد التحقيقات التي جرت في مراكز تابعة لهم ضمن مدينة عفرين، تم نقلها إلى سجن مارع سيء الصيت بريف حلب الشمالي، حيث كان يتواجد فيه العشرات من السيدات مع أطفالهن بأعمار متفاوتة، غالبيتهم من أهالي قرى عفرين.


وتروي السيدة شهادتها، حيث يقدم عناصر الفصائل على تعذيب الأطفال بشكل غير إنساني، فصرخاتهم وويلاتهم تسمع في أرجاء السجن، ويعمد السجانين لرش السجناء بالماء البارد ومن ثم ضربهم بعصي حتى خروج الدماء من أجسادهم.


وتقول بأن المسؤولين عن السجن يقدمون الطعام بكميات قليلة تساعدهم على البقاء، حيث يقدم البرغل غير مطبوخ بشكل يومي، مما أثر على قدرتهم الحركية لاسيما السيدات اللواتي فوق عمر الـ 50 عام.


وتضيف السيدة، بأنها تعرضت للتعذيب والزج في غرفة صغيرة لا يصلها الضوء لساعات طويلة، دون مأكل ولا مشرب، وتم تهديدها بالقتل بين الحين والآخر، للحصول على اعتراف منها بأنها كانت من مؤيدي الإدارة الذاتية، في حين أنها اعترفت باطلا في نهاية المطاف، بعد أن أصيبت بمرض السكري نتيجة الخوف والتعذيب.


وبعد ذلك، أطلق سراحها، واعتقل ابنها (م.م) ونسبت إليه تهم باطلة، أبرزها المشاركة في الفنون المسرحية إبان سيطرة الإدارة الذاتية في المنطقة، وعلى أثر ذلك بقي متنقلا في السجون التابعة للفصائل عدة شهور دون معرفة مصيره، إلى حين إبلاغها بدفع مبلغ مالي قدره 3000 دولار أمريكي لقاء الإفراج عنه.


ونوهت السيدة الناجية، بأنها كانت شاهدة على ممارسات التعذيب بحق النساء اللواتي تعرضن للضرب بأدوات حادة، إلى حد النزف، فمنهن من اجهضن بظروف قاسية، دون إسعافهن، دون معرفة مصير الكثير منهن حتى الآن.


وأردفت، بأن هذه الممارسات أجبرتها للنزوح إلى مصير مجهول، إلى مناطق بريف حلب الشمالي، بعد دفعها مبالغ باهظة لعناصر الفصائل بهدف تأمين طريق للخروج من المنطقة، بينما أختار ابنها طريق أخر عبر طرق التهريب، بقصد الهجرة إلى أوروبا باحثا عن ملاذ آمن.


وتكمل السيدة حديثها، بأنها لجأت إلى منزل شبه مدمر في ناحية تل رفعت بريف حلب الشمالي، التي تتعرض للقصف بشكل عشوائي، إلى جانب الظروف المعيشية القاسية، وفقدان أدنى مقومات الحياة في المدينة، حيث بات تأمين لقمة العيش غاية في الصعوبة.


واختتمت الناجية حديثها، بأن هذه الممارسات الوحشية بحق أبناء عفرين أجبرتهم على النزوح ومغادرة عفرين، وباتوا أمام خيارين أحلاهما مر، إما البقاء تحت كنف الفصائل الموالية لتركيا والتعرض للانتهاكات، أو الخروج إلى المجهول.


وازدادت حوادث "الاقتتال" بين الفصائل المعارضة في النصف الأول من 2022 الأمر الذي عكس فشل الحكومة التركية في تحمّل مسؤولياتها عن ضمان النظام العام والسلامة العامة وتوفير حماية خاصّة للنساء والأطفال.


في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة التركية وبشكل رسمي عن خطة لإعادة أكثر من مليون لاجئ سوري في تركيا إلى ما تسمّيها بـ”المناطق الآمنة” شمالي سوريا تحت مسمّى “العودة الطوعية”، ما تزال تلك المناطق الواقعة تحت السيطرة التركية؛ “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام” مسرحاً لفوضى السلاح وساحة لاقتتال دائم ومستمر بين فصائل “الجيش الوطني السوري” التابع للحكومة السورية المؤقتة/الائتلاف السوري المعارض وتنافس هذه الفصائل لتحقيق المكاسب على حساب المدنيين والسكان الأصليين.


ومنذ بداية العام 2022 حتى نهاية حزيران/يونيو (أي الأشهر الستة الأولى)، جرت اشتباكات بمقدار ثلاثة أضعاف عن تلك التي حصلت في كامل العام 2021، وأكثر من كامل عدد الاشتباكات التي حصلت في العام 2020، وحوالي ضعف الاشتباكات التي وقعت خلال الأعوام 2018 و2019 و2021 مجتمعة.


وتدّل هذه الإحصائيات، على زيادة الانقسام داخل الإدارة العسكرية لـ”الجيش الوطني”، وتزايد الصراع على المصالح الشخصية البحتة (خاصة الاقتصادية المتمثلة بالأتاوات على الحواجز وطرق التهريب وممتلكات المدنيين) في مناطق السيطرة الثلاث، في ظل عدم اتخاذ السلطات التركية المسيطرة على هذه المناطق فعليّاً، أي إجراءات حقيقية لضمان سلامة السكان في تلك المناطق المحتّلة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 9