سعياً وراء الربح السريع بكبسة زر واحدة، أدمن عدد كبير من شباب لبنان على المراهانات، وللسيدات والنافذين الحصة الأكبر، والاكثر اقبالاً وحماساً، فتراهم يراهنون على أي شيء، وبما ان اليوم زمن المونديال وكأس العالم، فقد نشطت هذه الظاهرة، وإنتشرت بشكل كبير في لبنان، خصوصا بين الشباب اذ ان أرقاما مذهلة تُدفَع على توقعات نتائج الفيفا.
وفي جولة قصيرة على المقاهي داخل الاحياء، او على محلات الحلاقة ومراكز تحويل الاموال، تكتشف حجم "الكارثة" التي تورط فيها شباب لبنان وأدمنوا عليها من دون أن يدركوا ذلك، فألعاب المراهنات باتت في متناول الكبار والصغار من خلال عدد من المواقع الالكترونية غير القانونية، ولكل منها وكيل في لبنان، هو رأس الخلية ولديه عدد كبير من السماسرة يديرون المراهنات من مكاتبهم أو مقاهيهم أو حتى عبر الهاتف.
ورأس الخلية غالباً ما يعمد الى شراء "أكاونت" كبير من الخارج ويضع فيه مبلغاً كبيراً من المال، ثم يقوم بتقسيمه الى حسابات صغيرة ويشغل السماسرة ليأتوا له بالزبائن ليفتحوا الحسابات من عنده، وهو كما السمسار يأخذ نسبة من الأرباح ونسبة أكبر من الخسائر.
اما مواقع المراهنات بالدولار فهي معروفة ولها أربابها مثل Bets360 أو Kuragoal وغيرها، وهي شرعية في البلدان التي تسمح بالمقامرة، وتلاقي هذه المواقع إقبالاً كبيراً من قبل اللبنانيين الذين يراهنون بالدولار إما بالكاش او عبر حسابات مصرفية لهم في الخارج.
والى جانب هذه المواقع مواقع أخرى تتم المراهنة فيها باللبناني مثل lira.com500، او millionbet.com، وغيرها.
وهناك مقاهي تتيح للشباب الذين يتابعون المباراة وهم يدخنون النرجيلة بالمراهنة باللبناني نقداً، ويجري الدفع في آخر المباراة، وسمسار المراهنات الذي يدير المقهى، قد يخدم الزبون ويشرج له الـ"أكاونت" على حسابه، فيتحمس الشاب ويكرر تعبئة حسابه بالدين مرات عدة الى أن يقع في المصيدة، ويبدأ السمسار يطالبه بتسديد ما عليه، عندها يضطر الى رهن او بيع بعض من اغراضه.
اما في مكاتب السمسرة الأخرى، فيتمّ الدفع من خلال تحويل المبلغ عبر مراكز Wish money ويتم تحصيل الربح بحوالة الى المركز نفسه، والملاحظ في الفترة الاخيرة ان مثل هذه المراكز قد انتشر بشكل كبير وزاد عددهم في الاحياء والقرى بشكل لافت، ويرجح البعض ان للمراهنات دور في هذا.
شريحة كبيرة من المتابعين لا تنظر إلى المونديال كونه حدثاً رياضياً فقط، بل تراه فرصةً لجني الأرباح، وذلك عبر المراهنة على المباريات، وترك الحظ يلعب دوره خصوصا في هذه الأيام التي تشهد بطالة غير مسبوقة بين الشباب في لبنان، أحد المراهنين يقول لوكالة انباء اسيا انه ربح حتى اليوم اكثر من 80 مليون ليرة، مشيرا الى انه لم يغامر بعد بارقام كبيرة، وسيتركها الى النهائي.
وعن عملية الرهان، يوضح ان الرهان يبدأ بمئة الف ليرة وقد يصل الى الملايين هذا اذا كان الرهان باللبناني، اما اذا كان بالدولار، و"هذا خربان بيوت"، بحسب تعبيره لان الخسارة موجعة هنا، لافتا الى السمسار هو من يضع القواعد قبل بدء المباراة، فقد يراهن الشخص بمئة ألف على فوز فريق معيّن وفي حال فاز سيستعيد المئة وفوقها مليون، وهكذا دواليك.
المراهنات المونديالية يمكن ان تكون على اي تفصيل، من بينها نتائج المباريات، الأهداف والأخطاء، عدد البطاقات الصفر والحمر.
داخل معظم المقاهي التي تستضيف عشاق المونديال، يجلس المراهنون في زوايا متعددة من دون أن يظهروا أنفسهم بأنهم مراهنون للعلن، ويبدأ العد، فإما أن يصيبوا من الفائز وإما يخسؤون، وطبعا خلف كل هؤلاء مجموعة من السماسرة يديرون اللعبة ويجنون الأموال مضاعفة.
وجود التكنولوجيا سهل عمليّة المراهنات كونها أصبحت في متناول الكبير والصغير، في كل مكان وزمان، من خلال المواقع الشرعية وغير الشرعية، ولكن لهذه الظاهرة تداعيات خطرة بحسب علماء الاجتماع والنفس، فالخسارة يمكن أن تودي بصاحبها الى حدّ الانتحار بسبب خسارة كافة أملاكه وأمواله نتيجة الهوس بهذه الألعاب.
وفي هذا السياق، أكّد المتخصص في علم النفس الإجتماعي الدكتور جان كلود حصري، أن المراهنة عندما تتخطّى حدودها يمكن أن تتحول الى نوع من الادمان، مشيرا الى أن الادمان بكل أنواعه له علاقة بالهوية وتحديد الذات أو بتحقيق انتصار وهمي.
بدروه، يرجح المتخصص في علم الاجتماع نظام إبراهيم ان يكون الوضع الاقتصادي المتدهور أحد أسباب ظاهرة المراهنات التي تجتاح الأوساط الاجتماعية اللبنانية الغنية منها والفقيرة، لافتا الى ان هناك عدد لا بأس به من السيدات اللواتي يراهنن ايضا، الى جانب عدد من النافذين يُراهنون بأموالهم عبر المواقع غير الشرعية، مشيراً إلى أن ملاحقة المخالفين غائبة تماماً عن يوميات الدولة.