مطالبات إلغاء حفل الممثل الأمريكي كيفن هارت في مصر...فما علاقة أفروسنتريك؟

2022.12.14 - 11:19
Facebook Share
طباعة

تحت عنوان " غير مرحب بك في مصر"، دشن عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملةً للمطالبة بإلغاء حفل الممثل الأمريكي كيفن هارت، المقرر إقامته في 21 من شهر فبراير/شباط القادم في مصر.


وتأتي الحملة على خلفية تصريحات هارت لوسائل إعلامية، قبل أيام، قال فيها: "يجب أن نعلّم أولادنا تاريخ الأفارقة السود الحقيقي عندما كانوا ملوكاً في مصر، وليس فقط حقبة العبودية، التي يتم ترسيخها في التعليم في أمريكا، متسائلاً: "تتذكرون الوقت الذي كنا فيه ملوكاً؟".


إذ تسببت تلك التصريحات في غضب الكثير من المصريين، الذين اعتبروها تزييفاً صريحاً للتاريخ، وهو ما دفعهم للمطالبة بإلغاء حفله المقرر إقامته في مصر.

 

هارت كيفن واعتناقه أفكار " أفروسنتريك"


تصريحات كيفن لم تأتِ من فراغ، إذ عرف عنه اعتناقه الأفكار التي تدعو لها حركة "أفروسنتريك"، التي قامت بتأسيسها بعض الجماعات ذات الأصل الأفريقي في العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية.


ومن قبل أعلن رواد حركة "أفرو سنتريك" أن أصل الحضارة المصرية يعود للأفارقة فقط، بل إن ملوك مصر أنفسهم أفارقة ولا دخل للمصريين القدماء بالحضارة،حيث استشهدوا ببعض التماثيل واللوحات الفرعونية لأشخاص داكني البشرة، الأمر الذي أثار غضب المصريين.


واشترى هارت داراً للنشر في أميركا من أجل إعادة سرد التاريخ للأطفال من وجهة نظر الحركة التي ينتمي إليها، خاصة أن الكثير من رجال الأعمال الأفارقة ومشاهير آخرين من أصل أفريقي يدعمون الفكرة ليس فقط سياسيا بل ماديا أيضا ومن بينهم المغنية ريهانا.

 

عن نشأة الأفروسنتريك( المركزية الأفريقية):


تعرف الأفروسنتريك باعتبارها أيديولوجية عنصرية عالمية تحاول التنديد بالاضطهاد والعنصرية والاستعمار الذي تعرّضت له القارة الإفريقية على يد البيض، وذلك عبر ممارسة عنصرية مضادة تتمحور حول تفوّق وبراعة العرق الأسود وقدرته التاريخية على صنع الحضارات.


ويؤرَّخ لبداية ذلك الفكر، منذ القرن التاسع عشر على يد الناشط الجامايكي ماركوس غارفي الذي روّج لفكرة "الشتات الإفريقي"، داعياً إلى تدشين دولة إفريقية منفصلة للأمريكيين السود.


وأسهم العالم والمؤرّخ السنغالي أنتا ديوب في الترويج لفكرة المركزية الإفريقية، وألّف العديد من الكتب مدعياً أنّ منطقة شمال إفريقيا والتي تضم دول مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، هي "محتلّة حالياً من البيض"، وأنّ سكانها الأصليين كانوا من أصحاب البشرة السمراء ولكنّ أبيدوا قديماً.


فيما يعتبر الباحث والناشط الأمريكي من أصل إفريقي موليفي اشانتي، من أهم رواد ذلك الفكر أيضاً وذلك لإسهاماته في الثمانينيات من القرن الماضي في صياغة مصطلح الأفروسنتريك وتعزيزه بإطار نظري وفكري لترويج الادعاءات التي تتبناها المنظمة، إضافة إلى عقد المؤتمرات والندوات الدورية للتشاور بين أعضاء المنظمة عالمياً.

 

الأفروسنتريك والمصري القديم:


ويرى الافروسنتريك أن الفرعون المصري أصله من السودان، وأن المصري الحالي ليس له علاقة بالمصري القديم، وأن المصري القديم مات أو هاجر إلى الجنوب وإن كل من هم في شمال مصر هم جنسيات كثيرة بعيدين عن العرق المصري..


وزعموا أن إحدى ملكات مصر تيي زوجة أمنحتب الثالث في الأسرة ال١٨ أنها مصرية قديمة ذات ملامح أفريقية ولون اسود مؤكدين أن المصري القديم كان أسود إفريقي.


كما يرون أن والد تيي كان من أصل أجنبي لملامح المومياء، واسمه كان يكتب بأكثر من طريقة دليلا على أنه ليس اسما مصريا، وكما يزعم أصحاب الفكر الافروسنتريك أن علماء مصر الحاليين يقومون بتلوين المقابر باللون الأبيض لتزوير التاريخ، وإن كسر أنوف التماثيل لإخفاء ملامح الأنف الإفريقي..


وفي الحقيقة ان المصريين القدماء كان لديهم عادة كسر أنوف التماثيل لاعتقادهم بأن التماثيل تتنفس فيُكسَر الأنف لحجب الحياة عنها.


ويرى مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، حسين عبد البصير، أن ادعاءات حركة المركزية الإفريقية، محاولة منهم لإيجاد أصول وحضارة لهم تتفوق على الحضارة الأمريكية والأوروبية التي عاملتهم بقسوة وعنصرية، ولم يجد أمامه سوى الحضارة المصرية القديمة لمحاولة سرقتها باعتبارها أعظم حضارة في العالم.


فيما يرى أستاذ التفاوض الدولي الدكتور حسن وجيه أن خرافات الأفروسنتريك، -وفقًا لوصفه- تخلو من أي منطق، ولن تجد رواجًا لدى المصريين، رغم أنها تلعب على استقطاب الأقليات وتعزف على وتر أزماتهم ومعاناتهم، وهذا ما حاولت فعله مع النوبيين، لكسب تأييد بعضهم، باعتبار النوبة جزءا لا يتجزأ من حضارة الأفارقة السود.


مؤكداً أنّ تلك الادعاءات التاريخية، ما هي إلا عبث، مُضيفًا أن اللعب على وتر الأقليات واستقطابهم واستغلال مشاكلهم، سبب رئيسي لضرب ثوابت المجتمع المصري، وتقسيمه؛ لتحقيق أغراضهم، مطالبًا بضرورة الرد على تلك الادعاءات بردودٍ علميّةٍ لدحضها.


وفي مقال قديم له أوضح وزير الدولة الأسبق لشؤون الآثار وعالم الآثار المصري زاهي حواس، أنّه ألقى محاضرات بولاية دالاس الأمريكية ليؤكّد أنّ "الحضارة الفرعونية بعيدة عن الأصل الزنجي والإفريقي"، مفيداً بأنّ "المصريين القدماء قد صوروا أنفسهم بأشكال مختلفة تماماً عن الأفارقة أو الزنوج".


وندّد حواس في مقاله المنشور عام 2007 بعنوان "عن الفراعنة وأصلهم"، بمساعي البعض من جماعة الأفروسنتريك لترويج ادعاءات كاذبة، لافتاً إلى أنّ "بعض هؤلاء المدعو أنتوني برودر الذي يتردّد إلى مصر وينظّم العديد من الرحلات لإثبات أنّ أصل الفراعنة يعود إلى العنصر الزنجي". 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 7