بالتزامن مع تردي الأوضاع المعيشية ووصولها لحد الانهيار التام في سوريا، بدأت موجة من النزوح والهروب من الواقع المعاش لعدد كبير من المدنيين ولاسيما من فئة الشباب باتجاه تركيا عبر مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية من خلال طرق “التهريب” التي تشرف عليها الأطراف العسكرية، ثم إلى مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا ، ثم إلى تركيا، للاستقرار بها أو بهدف الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وكشفت تقارير صحفية عن وصول مئات المدنيين لمناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا خلال الأيام القليلة الماضية قادمين من عدة محافظات سورية من ضمنها حلب ودمشق، بهدف دخول الأراضي التركية.
ووفقاً لتلك التقارير، فإن طريقة هروب المدنيين تبدأ بالتنسيق مع مهربين مرتبطين بفصائل موالية لتركيا، حيث يخرج المدنيون بداية إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والأستقرار في مدينة منبج لعدة ساعات قبل نقلهم إلى النقاط العسكرية وإيصالهم بإتجاه بلدة الغندورة جنوبي مدينة جرابلس ضمن منطقة “درع الفرات”.
ثم تجري عمليات التهريب إلى تركيا حصرًا تحت إشراف الفصائل التي تستلم زمام السيطرة على المعابر، فلا يمكن لأي شخص يعمل في مجال التهريب القيام بذلك بشكل فردي دون علم وموافقة وإشراف الفصائل ويضيف، عادة ما يتم التهريب تحت إشراف قياديين معينين ضمن الفصائل ويحصلون بالمقابل على جزء كبير من المبلغ للسماح لهم بالعبور دون إلقاء القبض عليهم أو التحقيق معهم.
وتتراوح تكاليف “تهريب” الشخص الواحد إلى مناطق سيطرة المعارضة فقط ما بين 400 إلى 800 دولار أمريكي، وذلك عبر رحلات تجري بشكل يومي حيث تنطلق باصات محملة بمدنيين ذهاباً وإياباً، لكن خلال الأيام القليلة الماضية كانت أعداد القادمين من مناطق سيطرة الحكومة باتجاه مناطق الشمال السوري أكثر من المعتاد بسبب تردي الأوضاع المعيشية وغلاء أسعار معظم أنواع السلع والمواد الغذائية وفقدان المحروقات، حيث يفضل البعض التوجه لمناطق الشمال السوري رغبة منهم بإكمال طريقهم إلى تركيا بينما يفضل البعض الآخر إكمال رحلته باتجاه دول أوروبية.
وتعيش معظم المحافظات السورية واقعاً مأساوياً تمثل بغلاء فاحش في الأسعار وانعدام مواد التدفئة والغاز وانقطاع للكهرباء بشكل متواصل ، ما نتج عنه تداعيات عديدة حيث أغلقت الجامعات والمدارس أبوابها لعدم توفر مواصلات لوصول الطلاب، كما شهدت الأسواق ركودا واضحاً بسبب غلاء الأسعار وانعدام القدرة الشرائية للمواطن السوري الذي لا يتجاوز مرتب الموظف الشهري لديه ضمن مؤسسات الحكومة 25 دولار أمريكي فقط.
ويجدر الذكر أن الفصائل الموالية لتركيا تعتمد على التهريب بجميع أشكاله مثل تهريب البشر والمخـ ـدرات والمحروقات والمواد الغذائية وغيرها كـ مصدر أساسي لجمع الثروات وتعد عمليات التهريب بمختلف أنواعها من أهم أذرعها الاقتصادية حيث تجري عمليات التهريب عبر شبكات مهربين وتحت إشراف وعلم الجهات العسكرية.