لم تكن خطوة المرجع الروحي لدى طائفة الموحدين الدروز الشيخ ابو يوسف أمين الصايغ مُجرد عودة عن قرار اعتكافه عن ارتداء العمامة المكولسة وحسب، بل انها تشكل بحسب ما تفيد أوساط درزية مطلعة لوكالة أنباء آسيا نقطة البداية نحو مرحلة جديدة، عنوانها استعادة حقوق الطائفة والعمل على تكريس الوضع الديني بعيداً عن التأثير السياسي الحاصل اليوم، والذي يصادر الدور والقرار الديني الدرزي لصالح فريق واحد يسيطر سياسياً ومؤسساتياً.
وتتوقف المصادر عند "الحضور الديني الرفيع المستوى والجامع لمختلف المناطق، الذي واكب خطوة عودة الشيخ الصايغ عن قرار اعتكافه، حيث حضر الى دارته ببلدة شارون كبير مشايخ خلوات البياضة الشيخ ابو سهيل غالب قيس، والشيخ المرجع ابو سعيد أنور الصايغ، وحشود من مشايخ المتن وخلوات القطالب ومناطق عاليه والمتن والشوف، في مشهد ديني مهيب قل نظيره في المدى المنظور، وهو ما يؤكد على هيبة الموقف وخطورة ما حصل مؤخراً، من محاولة لتهميش دور المرجعية الروحية".
وتلفت المصادر ايضا الى مسألة حضور شيخ العقل نصر الدين الغريب المُعين من قبل رئيس الحزب الديمقراطي طلال ارسلان والفريق الدرزي الحليف له، حيث تعتبر بمثابة اشارة للذهاب نحو ارساء التوازن داخل طائفة الموحدين الدروز، خصوصا وان شيخ العقل المعترف به رسمياً سامي ابي المنى، يعتبر ممثلاً لتوجهات رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، وتم تعيينه بقرار سياسي من جنبلاط رغم اعتراض المرجعيات الروحية الدرزية على تعيين أبي المنى في موقعه الحالي، ما شكل تهميشا واضحا لدور المرجعيات الروحية في تسمية شيخ العقل وتعيينه، رغم ان المنصب يتطلب وجود غطاء ديني وروحي يضاهي الغطاء السياسي.
وعليه تؤكد المصادر ان "عناوين المرحلة المقبلة داخل طائفة الموحدين الدروز، أشار اليها المرجع الصايغ في بيانه عندما سأل عن غياب الذمة في إدارة الأوقاف، في اشارة واضحة الى المطالبة بمعرفة مصير وكيفية ادارة الاوقاف الدرزية، التي يتولى الفريق المحسوب على جنبلاط ادارتها، وتضيف المصادر معتبرة أن النقطة الابرز في خطاب الشيخ الصايغ اشارته الواضحة الى خطورة مزج السياسة بالدين، والتي تؤدي الى اختراق الصف الديني، ما ينعكس حالة من التفكك والتحلل، وبروز مظاهر التفرقة داخل أبناء الصف الواحد، ما يعني ان هناك توجه لتأكيد استقلالية القرار الديني بعيدا عن السياسة".
وتختم المصادر مؤكدة ان طائفة الموحدين الدروز باتت مقبلة على مرحلة جديدة، حيث حمل خطاب الشيخ الصايغ عناوينها العريضة، والتي ستشكل منعطفاً كبيرا في تاريخ الموحدين الدروز في لبنان، خصوصا وانها تشكل نقطة انطلاق نحو معركة تثبيت حقوق طائفة الموحدين لجميع أبناءها، وانتزاع القرار الديني من سطوة اهل السياسة، ما يطرح الكثير من التساؤلات عما ستشهده طائفة الموحدين الدروز دينياً وسياسياً بعد كلام المرجع الصايغ الأخير.