بعد اكثر من شهر على نهاية ولاية رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون وخلو سدة الرئاسة، وانتقال صلاحيات الرئيس الى مجلس الوزراء مُجتمعاً، جاءت دعوة السعودية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للمشاركة في القمة الصينية- الخليجية، فهل تعد هذه الدعوة إشارة سعودية للبنان أنه عاد الى مركز الاهتمام السعودي العربي؟.
"التبجيل" والتهليل الذي منحته وكالة الأنباء السعودية "واس" لميقاتي، دليل على انها ارادت ايصال رسالة معينة الى من يهاجمه في بيروت، بحسب اوساط سياسية، لافتة إلى انها قد تكون اشارة الى ان الفراغ الرئاسي سيطول، وان ميقاتي هو من سيتسلم صلاحيات الرئيس طوال هذه المدة.
فمع وصول ميقاتي الى الرياض، منحته وسائل الاعلام السعودية لقب "الفخامة"، علماً أنّ اللقب الذي يمنح لرئيس الحكومة هو "دولة الرئيس".
وبدأت الوكالة خبرها حول وصول ميقاتي إلى مدينة جدّة لأداء مناسك العمرة في مكة المكرمة بالقول: "وصل دولة رئيس وزراء جمهورية لبنان نجيب ميقاتي اليوم، إلى جدة لأداء مناسك العمرة".
واستطردت: "وكان في استقبال "فخامته" في مطار الملك عبد العزيز الدولي، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل..."، فبحسب الاوساط السياسية لا يمكن ان تخطئ الوكالة في التسمية، معتبرة ان هناك توصية من قبل المعنيين بإستخدام هذه الصفة عن قصد.
وهنا تسأل المصادر، عن المغزى من هذا التوصيف، خصوصا وانه منذ أن ساءت العلاقة بين بيروت والرياض قبل عام، لف ميقاتي حول العالم ولم يحظ برمشة عين في أي مؤتمر او قمة من مسؤول سعودي على رغم ما أنتجته المبادرة الكويتية من ترطيب للأجواء.
علماً أن لبنان كان قد استبعد في منتصف تموز الماضي عن القمة الاميركية ـ السعودية والخليجية التي عقدت في جدة، على الرغم من دعوة المملكة قادة الدول العربية والخليجية باستثناء اليمن وكل من سوريا ولبنان الذين وضعوا على لائحة المُبعدين عنها بكل المعايير الديبلوماسية والسياسية.
وانطلاقاً من ذلك، تشير المصادر الى انه لا بد من التوقف عند المؤشرات الدالة الى الخطوة السعودية المفاجئة وقراءة ما سبقها وما يمكن ان يليها، والرسائل التي أطلقتها في أكثر من اتجاه.
وترى المصادر أن الدعوة للرئيس ميقاتي اليوم لا سيما أنه الممثل المطلق للجمهورية اللبنانية في ظل الشغور الرئاسي، هي عبارة عن تأكيد لعودة الدور السعودي إلى لبنان وتتناغم مع قناعة رئيس الحكومة أن لبنان لا يمكنه التخلي عن أشقائه لا سيما المملكة العربية السعودية.
اما السؤال عن عدم انخراط السعودية في التسوية الرئاسية، تجيب المصادر أنّ الرياض تُراهن أولاً على اتفاقٍ داخليّ لبناني بشأن الاستحقاق الرّئاسي، كما انّ السّعودية تُحبّذ وصول شخصية إلى سُدّة الرئاسة تحفظُ مكانة لبنان مُجدداً وتُعزّز انتماءه إلى الحضن العربي بعد مسارٍ طويل من الانتكاسات، بحسب المصادر.
واشارت المصادر الى أنّ المرحلة المقبلة ستكون مُتصلة بسلّة متكاملة رئاسياً وحكومياً على مختلف الأصعدة، وسيكون أساسها اقتصادي وأمني، لاعتبارات أهمها أن دول الخليج لا يمكنها الاستثمار في لبنان مُجدداً من دون وجود أرضية اقتصادية ونقدية مُستقرة، موضحة ان الملف الاقتصادي المطلوب خليجياً وعربياً وسعودياً بالتحديد يحتاجُ إلى حكومة فاعلة وعلى رأسها شخصيّة لها حيثية عربية ودوليّة، بحسب تعبيرها.