يكاد لا يمر يوماً، إلا وتعلن فيه الأجهزة الامنية اللبنانية عن اعتقال شبكة تُروج وتبيع المخدرات، او الإعلان عن إحباط عملية كبيرة لتهريب الكبتاغون الى إحدى الدول العربية او إفريقيا.
وبحسب اعترافات الموقوفين، فان أي شبكة في اي منطقة لبنانية لا يقل عدد مشغليها عن خمسة، تعمل على الترويج وبيع المخدرات سيراً على الأقدام بين الاحياء، او "ديلفيري" بعدما يكون المشتري قد تحول الى زبون دائم لدى هذه العصابة، او على متن دراجة نارية.
اما اخر الموقوفين لدة الاجهزة الامنية كان يروج للمخدرات وهو يسوق "الفان" ويجوب به مختلف المناطق اللبنانية متستراً تحت وظيفة نقل الركاب، الا ان الاجهزة الامنية وبعد الرصد والتحري تمكنت من اعتقاله.
تصنيع الكبتاغون في لبنان تطور وشهد نمواً بدءا من العام 2018، وذلك بعد استيراد أجهزة وتقنيات متطورة للتصنيع أُحضرت خصيصا من الصين، بحسب مصادر امنية معنية بهذا الملف، مشيرة الى ان عمليات ضبط تهريب أقراص الكبتاغون والأنواع الأخرى من المواد المخدرة ارتفعت خلال السنتين الماضيتين، موضحة أن القنب الأفغاني يهرب بكميات كبيرة إلى البلدان العربية ودول أخرى في الشرق الأوسط.
ولا تخفي المصادر الامنية وجود أنشطة متزايدة للشبكات اللبنانية والسورية في تهريب الأقراص المخدرة، بحسب ما كشفته التحقيقات مع الموقوفين، مشيرة إلى أن السلطات الأمنية لاحظت ذلك بعد اندلاع الحرب السورية عام 2011، وتمكنت الأجهزة الأمنية اللبنانية من إحباط أكثر من 90 عملية كبيرة لتهريب المخدرات خلال السنوات الثلاث الماضية.
أخر هذه العمليات كان الاسبوع الماضي، حيث أعلنت الاجزة الامنية عن إحباط تهريب كمية كبيرة من حبوب الكبتاغون المخدرة بلغت 5.4 ملايين حبة خلال مداهمة مستودع في منطقة الغازية قبل نقلها الى مرفأ بيروت، لتكون الوجهة الأولى لها أبيدجان ثم السودان.
عمليات تهريب الحبوب المخدرة كادت ان تؤدي الى ازمة دبلوماسية مع المغرب والسعودية، بعدما أعلنت الشرطة المغربية، قبل اسبوعين تقريباً عن إحباطها في ميناء طنجة، شمال المملكة، عملية تهريب دولية، لأكثر من مليوني حبة من الكبتاغون، كانت على متن باخرة قادمة من لبنان باتجاه ميناء في غرب إفريقيا.
واوضحت المديرية العامة للأمن الوطني المغربي أن هذه الشحنة تم ضبطها داخل حاوية بضائع كانت على متن باخرة تحمل علم دولة أوروبية، انطلقت من أحد الموانئ في لبنان ومتوجهة نحو ميناء في دولة في غرب إفريقيا، لم يتم تحديدها.
إحدى أشهر شحنات الكبتاغون التي وصلت إلى السعودية وتم احباطها هي تلك التي كانت مخبأة داخل صناديق من الرمان، في نيسان الماضي، واتخذتها الرياض ذريعة لوقف استيراد الفاكهة والخضار من لبنان، وكادت ان تفجر ازمة بين البلدين.
اما آخر العمليات التي اختتم بها العام الماضي كانت إحباط تهريب نحو 9 ملايين حبة كبتاغون في شحنة من البرتقال في مرفأ بيروت، معدّة للتصدير إلى الكويت.
وتبين أنها جزء من عملية أوسع تضمنت شحن مليون حبة كبتاغون تم ضبطها في دبي، وشحنة ثانية كانت لا تزال في عرض البحر في طريقها إلى الكويت.
وانتقدت حينها الكويت الحكومة اللبنانية لعدم اتخاذها الإجراءات الكفيلة لردع عمليات التهريب المستمرة والمتزايدة للمخدرات.
مصادر مطلعة على هذا الملف، اشارت الى أن عمليات تصنيع الكبتاغون في لبنان سجلت نشاطا كبيرًا في السنوات العشر الأخيرة، لافتا الى أن هذه الحبوب ليست بدعة محلية أو خبرة لبنانية ماهرة في التصنيع والترويج، بل من يقوم بها من السوريين لما يتمتعون به من خبرات تصنيعية معروفة للعاملين في هذه الآفة، معربة عن إعتقادها بأن هناك أكثر من 30 مصنعا صغيرا بمنطقة البقاع، وأكثر من 70 معملا متوسطا ووفير الإنتاج في مناطق سورية متاخمة للحدود مع لبنان أو متداخلة جغرافيا بين البلدين، مرجحة ان القوى الأمنية تعجز عن ضبط هذه المعامل لوعورة تلك المناطق والالتباس الحدودي بين البلدين.
واشارت المصادر إلى أن السلطات الأمنية اللبنانية فككت خلال السنتين الماضيتين نحو 17 معملا صغيراً في سهل البقاع، وأن عدد الموقوفين تجاوز 200 شخص.
قضية زراعة المخدرات في لبنان وصناعتها وتهريبها وتسويقها بين الشباب في لبنان، جاء نتيجة للأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية المتغيرة والأزمات المتعاقبة التي تشهدها الدولة، بحسب مصادر متابعة، اشارت الى ان حجم عمليات التهريب التي أحبطت من قبل الاجهزة الأمنية اللبنانية تُظهر تطور هذه الظاهرة وتحولها إلى صناعة متكاملة أسهمت فيها الأوضاع الأمنية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد بحسب المصادر.