تعد التغيرات المناخية من التحديات البيئية التي تواجه البشرية في كل دول العالم لأنها تؤثر على کافة أوجه الحياة على الأرض وبشکل خاص الأمن الغذائي. وتعاني مصر من نقص الغذاء في ظل الزيادة السكانية وانخفاض نسبة الاکتفاء الذاتي من بعض السلع الأساسية.
ويمثل قطاع الزراعة أحد القطاعات الهامة التي تتأثر بالتغيرات المناخية، والتي بدأت تؤثر على إنتاجية الأراضي الزراعية ومن ثم إنتاجية المحاصيل، ومن المحاصيل المؤثرة في الأمن الغذائي في مصر والتي تأثرت بالتغيرات المناخية محصول القمح.
وتتعرض مصر لتغيرات حادة في درجات الحرارة على مدار السنوات القليلة الماضية، إذ أصبحت تعاني من ارتفاع شديد في درجات الحرارة في فصل الصيف، بالإضافة إلى البرودة القارسة في فصل الشتاء.
وكشفت دراسات علمية تأثير التغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي، وأكدت وجود تأثيرات كبيرة للتغيرات المناخية -سواء ارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها- على معظم المحاصيل والخضراوات، ما يؤثر على انخفاض إنتاجيتها بنسب كبيرة. وهو ما شهدته مصر خلال السنوات الماضية، ففي صيف 2018 تعرض محصول المانجو للتدمير بسبب موجات الصقيع والحرارة الشديدة التي تعرضت لها مصر.
القمح أيضًا من أهم المحاصيل الإستراتيجية التي تعتمد عليها مصر في غذائها؛ إذ تُعَدُّ أكبر مستورد للقمح في العالم، فالاستهلاك المحلي منه يزيد عن 16 مليون طن سنويًّا، نستورد من هذه الكميات 12 مليونًا و243 ألف طن، وفق تقرير رسمي لوزارة الزراعة صادر عام 2018 ، في حين تُنتَج الكمية المتبقية محليًّا. ويقول مزارعون إن محصول القمح تأثر بصورة كبيرة بسبب موجات الصقيع وطول الفترة الممطرة.
نُشرت دراسة في دار النشر العالمي سبرنجر في عام 2013 تحت عنوان "الزراعة المستدامة والتغيرات المناخية في مصر"، أكدت أن الزيادات في ارتفاع وانخفاض درجة الحرارة وانخفاض توافر المياه وهطول الأمطار المتوقعة نتيجة التغيرات المناخية، ستقلل من صافي الإنتاجية للمحاصيل الزراعية، وأيضًا ستتسبب في زيادة حدوث الآفات والأمراض.
وتوقعت الدراسة أن تكون الزراعة في مصر معرضةً بشكل خاص؛ بسبب المناخ الحار الذي يتسبب في خفض إنتاجية محاصيل الغذاء الرئيسية في مصر، بالإضافة إلى زيادة الاستهلاك المائي لها. وتشير نتائجها إلى أن التغيرات المناخية سوف تؤثر سلبًا على إنتاجية المحاصيل الحقلية، وكذا نسبة الاكتفاء الذاتي، لذلك من الضروري زراعة أصناف القمح التي تتحمل درجات الحرارة المرتفعة وتقاوم الجفاف، في الميعاد المناسب، مع التوزيع الجيد لأصناف القمح على المناطق الجغرافية، إلى جانب التوسع في زراعة المحاصيل الشتوية الأخرى مثل العدس والفول البلدي، فمن المحتمل أن تمنع هذه الإجراءات الآثار السلبية المتوقعة، أو على الأقل تخففها.
من جانبه قال الدكتور محمد علي فهيم، مستشار وزير الزراعة، ورئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إن استقبال مصر لمؤتمر المناخ كوب 27؛ يعد حدثا رئيسيا، واستثنائيًا لمصر، مشيرًا إلى أن قطاع الزراعة في مصر له خصوصية كبيرة في ملف التغير المناخي.
وأوضح الدكتور محمد علي فهيم، خلال تصريحات مُتلفزة، أن مصر بدورها لا تُساهم إلا بنسبة ضئيلة جدًا في غازات الانبعاث الحراري، مضيفًا أن
مصر دولة متأثرة بالظاهرة، وليست مُؤثرة، وبالتالي فإن مصر تستضيف مؤتمر المناخ باسم القارة الإفريقية، والتي تتأثر بشكل أكبر بالتغير المناخي.
وأشار مستشار وزير الزراعة، ورئيس مركز معلومات تغير المناخ بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إلى أن ملف الزراعة من أولويات أجندة مؤتمر المناخ، ولذلك مصر ستتبنى موقفًا مُحايدًا وعادلًا، لدعم الدول المتأثرة بتداعيات تغير المناخ، وتحويل المعاهدات لالتزامات على الدول الكبرى. ولفت فهيم، إلى أن ظاهرة التغير المناخي؛ بدأت تؤثر فعليًا على قطاع الأمن الغذائي، منوهًا بأنه لا بد من اتخاذ إجراءات سريعة، لدعم قطاع الزراعة في العالم.
وأكد رئيس مركز معلومات تغير المناخ، أن الأمن الغذائي أصبح هو القضية الأولى في العالم، وأهميتها أكبر بكثير من الأمن العسكري في بعض البلدان، ولذلك لا بد من وجود مشروعات وتمويلها، في إعادة تأهيل البنية الزراعية في مصر والبلاد النامية.