منذ عام 2016 اتخذ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مجموعة من الإجراءات الاقتصادية، قال عنها:" " تفادي سابقيه في السلطة المصرية اتخاذها"، وجاءت تلك القرارات ضمن شروط البنك الدولي الذي لجأت إليه مصر في هذا العام لتوفير العملة الصعبة.
وخلال الأيام القليلة الماضية، تم الاتفاق على حزمة مساعدات بقيمة 3 مليار دولار، وهي المرة الرابعة التي يساعد فيها الصندوق الدولي النظام المصري الذي تولى رئاسة البلاد عام 2014.
وأصبحت مصر تحتل المركز الثاني بعد الأرجنتين بين أكبر المقترضين من صندوق النقد الدولي، كما بلغت ديون مصر من الجهات المقرضة متعددة الأطراف 52 مليار دولار.
ويقول النظام المصري أن سبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر الحرب الروسية الأوكرانية، مرجحا أن البلاد تأثرت بالحرب بعد أن أدى الصراع إلى هروب الأموال الساخنة من دول الاقتصادات الناشئة وما أسفر عنه الوضع في شرق أوروبا من تبعات أدت إلى أزمة عالمية في الغذاء والطاقة، بحسب كاتب المقال.
ويرى الكاتب الصحفي لأندرو إنغلان في مقال له بفيننشال تايمز، أن مصر اعتمدت منذ تولي السيسي على تدفق الأموال السخية لشراء الدين المصري من أجل سد العجز في الحساب الجاري وسط دعم للجنيه المصري من جانب البنك المركزي والاستمرار في تبني معدلات فائدة مرتفعة.
وكانت نتيجة هذا أن مصر تدفع أعلى معدل فائدة حقيقي على سندات الخزانة التي تصدرها. كما اعتمد السيسي على الجيش في تحقيق النمو الاقتصادي وشجعه على الدخول في أنشطة وقطاعات اقتصادية لا تُعد ولا تُحصى- بحسب الكاتب.
ويوضح إنغلان أنه بينما يرى خبراء الاقتصاد أن استعادة الاستثمار الأجنبي المباشر هو المخرج الحقيقي من الأزمة الحالية بعد هروب استثمارات بحوالي 20 مليار دولار من الاستثمار في الدين المصري، أصدر السيسي أوامره بتشكيل "لجنة أزمة" لمتابعة الموقف أسبوعيا بمجرد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. كما أصدر تعليمات للجيش بتوفير السلع الغذائية للمواطنين بعد أن تسببت حرب بوتين في أزمة عالمية في الغذاء. كما قام الرئيس المصري بجولة في منطقة الخليج كانت حصيلتها 5 مليون دولار من السعودية، و5 مليون دولار أخرى من الإمارات في شكل ودائع لدى البنك المركزي المصري علاوة على حزمة مساعدات قطرية بقيمة 3 مليار دولار.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ بدأت دول الخليج الإعلان عن رغبتها في شراء أصول مصرية بمليارات الدولار. كما أكد السيسي أن الدولة تخطط لبيع أصول بقيمة 40 مليار دولار على مدار أربع سنوات، وفقا لمقال الفايننشال تايمز.
وفي وقت سابق، شدد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، على ضرورة منح مساحة أكبر للقطاع الخاص في الاقتصاد المصري وأشار إلى أن مرونة سعر الصرف ستساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وهذا ما قاله عند سؤاله عن وجود شرط للقرض المقدم من الصندوق لمصر يتعلق بنفوذ ونشاط الجيش في الاقتصاد.
فيما يرى رجل أعمال مصري اشترط عدم ذكر اسمه، أن الرئيس المصري أصبح عليه مسؤولية تحجيم الدور الذي يلعبه الجيش في الاقتصاد ويعزز أداء القطاع الخاص، وإلا "إذا استمر الوضع كما هو سيزداد الأمر صعوبة وسنضطر إلى قبول قيم أقل من القيمة الفعلية للأصول، ونبيع الأصول، وقد يؤدي ذلك بالبلاد إلى الإفلاس".
من جانبه يرى جيسون توفي من كابيتال إيكونوميكس أن: "الجيش لن يتخلى عن مصالحه بسرعة كبيرة، وعلينا أن نضع في اعتبارنا أن الجيش قريب جدا من السيسي، ويمكن أن يضغط عليه إذا شعر أن مصالحه تتعرض للضغط".
فيما قال مايكل وحيد حنا، المحلل في مجموعة الأزمات، أن تقليص دور الجيش "سيتطلب إعادة توصيل أجزاء كبيرة من الاقتصاد وإعادة ترتيبها".
وتعمل الحكومة المصرية على إعداد وثيقة "ملكية الدولة" والتي تهدف إلى تحديد القطاعات التي تتوخى فيها دورا لكيانات الدولة، بما في ذلك الجيش، وحيث ينبغي تقليص وجودها أو سحبه بالكامل.