إشتعلت المواجهات الكلامية على جبهة عين التينة – بعبدا، بعد تحفظ الرئيس ميشال عون على الدعوة للحوار التي أطلقها الرئيس بري للأفرقاء السياسيين.
وفي حين تنشغل وسائل اعلام الطرفين في نقل وقائع القصف السياسي المتبادل يشير عقلاء الى ان ما يراه الجمهور قضية خلافية بين الطرفين قد لا يكون هو الحقيقة بل هي اليافطات التي تختفي تحتها المسائل الجدية التي تسبب منذ عقود خلافا جوهريا بين الطرفين
فالصراع الابدي بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، يبدو أنه سيستمر الى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، بحسب ما نقلت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية لوكالة انباء اسيا، مؤكدة ان الرئيس عون بعد انتقاله الى الرابية سيخوض مواجهة شرسة في السياسة مع التركيبة الفاسدة للدولة والتي منعت أي محاولة للاصلاح وعلى رأس تلك التركيبة يقف الرئيس بري.
عون لم ينتظر الخروج من بعبدا ليفتح النار على بري من باب دعوته للحوار، معتبراً أنه "يحق للرئيس برّي أن يتشاور مع الكتل النيابية، وليس أن يدعو للحوار"، قائلاً: "حتى إن انتهت ولايتي الرئاسية فلا يحقّ له أن يحلّ مكان رئيس الجمهورية، والحوار حول الموضوع الرئاسيّ سيفشل، ولكن التشاور ربما قد يفضي إلى نتيجة؛ كونه حواراً بين اثنين ولكن المجموعة لا تحاور بعضها كلها".
هذا الكلام، إستفز عين التينة، فأصدرت هيئة الرئاسة في حركة "أمل" بياناً معتبرة انه"بعد أن بلغ سيل التطاول والتجني على رئيس حركة أمل من جهات عدة حداً لم يعد جائزاً السكوت عنه تحت أي وجه من الوجوه"، مشيرة الى أنه من المؤسف التجني الذي يلحق بالرئيس بري من جهات يعرفها القاصي والداني، والتي تتذرع حينا بأن رئيس المجلس لا يحق له الدعوة الى الحوار وأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية، متناسياً حوار عام 2006 بحضوره بشخصه وكانت المطالبة آنذاك بوجوب مشاركته في الحكومة، وحيناَ آخر بالتذرع بأن الرئيس بري ليس مع تأليف الحكومة وهو الذي سعى ولا يزال بإخلاص وبقوة من أجل إنجازها، لكن الحقيقة بائنة كما الشمس بأن من يتهم ويصوب السهام نحوه هو الذي عطل تأليف الحكومة ويريد تسمية أغلب وزرائها دون ان يمنحها الثقة، فمن هو اليوضاسي؟ وذاكرة اللبنانيين لا تزال تنضح بمقولة"كرمال عيون الصهر عمرها ما تتشكل الحكومة".
واضاف البيان: "من نكد الدهر ان تصبح الدعوة الى الحوار جريمة والنعق في أبواق الشرذمة والتفرقة والفراغ فضيلة، يا عيب الشوم".
بدوره، أكد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم، أنهم اتخذوا قراراً أن لا يدخلوا في أي سجال سياسي لكن ما وصل إليه هو إستعمال البعض لمصطلحات خالية من القيم الأخلاقية، معتبراً ان الهجوم على بري سببه الوقوف بوجه ما يريده النائب جبران باسيل في الحكومة، قائلاً: "كان يريد كل شيء".
وعن سر هذا الهجوم على بري، رأت مصادر سياسية أن العلاقة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل هي في حكم الضرورة إلا أن الخلافات بينهما كبيرة والرئيس عون بخطابه الخميس كان يحاول البرهنة لأنصاره أنه صحيح لم يحقق إنجازات ولكن هناك من منعه من تحقيقها، متهماً بري والجميع بذلك، معتبرة ان الدعوة للحوار ليست سبب الصراع، ولكن "القلوب المليانة" بين الطرفين انفجرت وخرجت الى العلن، بحسب المصادر.
"الكيمياء السياسية" المفقودة بين بري وعون كانت تظهر تبعاتها في مختلف الاستحقاقات وداخل عالبية المؤسسات، وآخرها كان معركة تشكيل الحكومة والاستحقاق الرئاسي، فالصراع بينهما لا يمكن أن يجد طريقه إلى الحلّ، حتى في حالات المهادنة التي يصلان إليها، يكون كل واحد منهما متربصاً بالآخر.
كما كانت تظهر هذه الخلافات في التعيينات الادارية، وترقية الضباط، واختيار الحقائب الوزارية، واتهام التيار الوطني بإلتفاف بري وبعض حلفائه على الخطة الإصلاحية لعون.
المعركة بين الرجلين بدأت في مرحلة الطائف عام ١٩٩٠ حيث بقيا نقيضين في السياسة وفي العلاقة الشخصية لم يستسغ كل من بري وعون الشخص الاخر بتاتا.