إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية عمل تقني ليست له أي أبعاد سياسية أو مفاعيل تتناقض مع السياسة الخارجية للبنان في علاقاته مع الدول، هذا ما اكده رئيس الجمهورية ميشال عون بعد توقيعه في قصر بعبدا اليوم، رسالة تحمل موافقة لبنان على مضمون الرسالة الأميركية عن نتائج المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود الجنوبية.
بعض الاطراف اللبنانية التي تبحث دائماً عن تشويق سياسي، والتي حاولت التقليل من اهمية الانجاز التاريخي، تقاطع كلامها مع كلام رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد، الذي قال: "إنّ لبنان اعترف بدولة إسرائيل في اتفاق ترسيم الحدود البحرية"، على حد تعبيره،
وعلى وقع موافقة حكومته على اتفاق الترسيم، وصف لابيد الاتفاق البحري مع لبنان بالإنجاز الدبلوماسي والاقتصادي.
وعشية توقيع الاتفاق، كان الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في البيت الأبيض في واشنطن، مطلقا موقفا بارزا أكد فيه أن الاتفاق تاريخي ويجلب الأمل والاستقرار للمنطقة.
وكان قصر بعبدا شهد من الصباح حركة ملحوظة، بعدما وصل الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين لتسليم الرئيس عون النص الرسمي لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بحضور النائب الياس بو صعب، الذي أعلن أن رئيس الجمهورية وقّع الرسالة الأميركية الرسمية التي تسلّمها من هوكشتاين، في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وسلّمها الى الوفد اللبناني، لافتاً إلى أنّ الرئيس عون كلّف وفداً باسمه لتسليم الرسالة إلى هوكشتاين في الناقورة، وستكون هناك رسالة أيضاً للأمم المتحدة من قبل الخارجية اللبنانية.
وترأس عون، اجتماعا للوفد اللّبناني لتسليمه الرّسالة الرّسميّة، وضمّ الوفد مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير، مفوّض الحكومة لدى اليونيفيل العميد الركن منير شحادة، عضو مجلس إدارة هيئة النفط وسام شباط ورئيس مركز الاستشارات القانونية في وزارة الخارجية أحمد عرفة.
وفي سياق متصل، شدَّد المسؤول الإعلامي في القصر الجمهوري رفيق شلالا على أنَّ الوفد اللبناني لن يلتقي إطلاقاً الوفد الإسرائيلي في الناقورة.
من جهته، قال الوسيط الأميركي آموس هوكشتين، بعد لقائه رئيس الجمهورية، إنّ "الاتفاق من شأنه توفير الاستقرار على جانبي الحدود، وسيشكّل نقطة تحوّل في الاقتصاد اللبناني وسيشعر به المواطن قريباً".
ولفت إلى أنّ "الاتفاق يسمح ببدء العمل في حقل قانا وحق الشعب اللبناني مضمون ببنود الاتفاق".
وأضاف أنّه "إذا حصل أيّ خرق لاتفاق ترسيم الحدود البحرية فإنّ لبنان وإسرائيل سيخسران".
من بعبدا انتقل هوكشتاين إلى السرايا الحكومية، حيث التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، ومن ثمّ زار عين التينة حيث اجتمع مع رئيس مجلس النواب، نبيه بري.
وأمل ميقاتي "أن يكون ما تحقّق خطوة أساسية على طريق الإفادة من ثروات لبنان من الغاز والنفط، بما يساهم في حلّ الأزمات المالية والاقتصادية التي يمرّ بها لبنان، ويساعد الدولة اللبنانية على النهوض من جديد"، مشيراً إلى أنّ "التعاون بين مختلف المسؤولين اللبنانيين، بمساعدة أصدقاء لبنان، حقق هذه الخطوة النوعية الأساسية في تاريخ لبنان، بعد سنوات من العمل الدؤوب".
وقال: إنّ "الاهتمام الشخصي للرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعطى دفعاً لمسار جديد في المنطقة ولدعم لبنان لاستعادة عافيته الاقتصادية".
المحطّة الأخيرة في الناقورة
وبحسب البرنامج ، فقد وصل هوكشتاين إلى الناقورة ومعه مساعدون بينهم السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، فيما وصل أعضاء الوفد الى الناقورة لتسليم الرسالة الرئاسية الى المبعوث الأميركي وتسليم ممثلة الأمين العام للأمم :المتحدة جوانا فرونيتسكا رسالة وقعها وزير الخارجية تتضمن تأكيد الاحداثيات المرتبطة بالحدود البحرية اللبنانية لايداعها الأمم المتحدة وفقا للاليات المتبعة في قانون البحار، وذلك في حضور سفيرة فرنسا في لبنان آن غرييو.
وتزامنت إجراءات توقيع اتفاق الترسيم مع تحليق للطيران الحربي المعادي وغارات وهمية فوق النبطية وإقليم التفاح وصور والقطاع الغربي والناقورة.
وفي سياق متصل، سأل رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، عبر "تويتر": لماذا تغيب الجيش عن إبرام الاتفاق حول الترسيم الذي يثبّت الهدنة ويؤكّدها؟ وأين هي الشركة الوطنية للنفط وأين هو الصندوق السيادي؟"، معتبراً أنّ "تحركات المسؤولين في هذا الشأن تثير الريبة، وكأنّ الموضوع هندسة مالية إضافية مصيرها الضياع والهدر".