بكثير من الهدوء، تلقى لبنان التصريحات والتسريبات الاسرائيلية حول ملف الترسيم البحري، وكل ما قيل عن رفض حكومة الاحتلال للملاحظات اللبنانية، لم يكترث لها لبنان فهو لم يتسلم جواباً رسيماً، بحسب المصادر، التي كشفت أن الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين سيسلم نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب اليوم الملاحظات الاسرائيلية الخطية على اقتراحه التي سبق وارسلها إلى بيروت.
هذا الامر بحسب المصادر "يؤكد أن التفاوض بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي مستمر وانتقل من مرحلة المفاوضات السياسية الى مرحلة درس المفردات القانونية والتقنية في اجواء هادئة بعيدة عن التشنج".
وفي هذا الاطار، تقول مصادر مواكبة ان تطمينات وصلت الى السلطة اللبنانية بأن الفورة الاسرائيلية هي انتخابية بامتياز ومرحلية وقيد المعالجة.
وبعد التسريبات الاسرائيلية، أجرى هوكشتاين عبر تقنية الفيديو مفاوضات مكوكية بين تل أبيب وبيروت، وكانت أجواء الفريق المفاوض في لبنان حاسمة لجهة أن النقاش حول أصل الموقف من مسألتي الحدود وخط الطفافات وحرية لبنان بالعمل في حقل قانا غير قابلة للنقاش.
وتعليقاً على رفض الجانب الإسرائيلي لورقة الملاحظات اللّبنانيّة، أشار رئيس الجمهورية ميشال عون إلى أنّ "لبنان ينتظر نتيجة الإتصالات التي يُجريها الوسيط الأميركي مع الإسرائيليين لتحديد مسار المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية".
بدوره، أكّد رئيس مجلس النّواب نبيه بري أنّ "لبنان لا يتعاطى مع التّسريبات الإعلاميّة، بل مع وقائع يُفترض أن ينقلها الموفد الأميركي الّذي نحصر اتّصالاتنا به".
وأشار إلى أنّ "الملاحظات اللّبنانيّة بسيطة، وقد نوقشت مع الموفد الأميركي وقبل إرسالها رسميًّا"، لافتًا إلى أنّ ما يحصل الآن هو "مناوشات إسرائيليّة انتخابيّة داخليّة لا تعنينا"، موضحاً أنّ "لبنان ينتظر ردًّا رسميًّا من هوكشتاين، ليبني على الشّيء مقتضاه".
التشويش الاسرائيلي على الاتفاق ما هو الا مناورة تهدف الى اظهار بعض التماسك والقوة الداخلية بهدف الاستهلاك الانتخابي داخل اسرائيل، بحسب مصادر مطلعة على الملف، مشيرة الى ان رئيس الحكومة الحالي يائير لابيد لا يمكنه التنازل للبنان بسهولة كبيرة، في ظل الهجوم الكبير الذي يمارسه عليه بنيامين نتنياهو.
اما الهدف الثاني من المناورة بحسب المصادر فهو محاولة الحصول على مزيد من المكاسب في اللحظة الاخيرة من خلال رفع السقف واظهار استعداد للذهاب الى تصعيد عسكري.
وفي ظل هذا التخبط الاسرائيلي، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية العامة، أن المفاوضات بشأن الترسيم لا تزال متواصلة بين الطرفين عبر الوسيط الأميركي في محاولة للتوصل إلى اتفاق بين الطرفين.
وقالت الإذاعة :"إن إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن تمارس ضغوطاً على لبنان للتراجع عن جزء من مطالبه الأخيرة"، فيما وصف مسؤول إسرائيلي الوضع بأنه بمثابة "محاولة لمدّ المباحثات بالتنفس الاصطناعي".
اما الخبير بالشؤون العربيّة الإسرائيلي يوني بن مناحيم، فاشار في تغريدة له إلى أنّ "تل أبيب ستتراجع في نهاية الأمر لأنها تحت الضغط، وهي تسعى لاستخراج الغاز الطبيعي ولذلك يجب إعطاؤها الوقت للنزول عن الشجرة وعدم الإسراع إلى تنفيذ عملية عسكرية".
في غضون ذلك، قال عضو بارز في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض لـ"واللا" إنّ "المحادثات بين إسرائيل ولبنان على الحدود البحرية وصلت إلى نقطة حرجة لكن الإدارة الأميركية تعتقد أنه لا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق".
ولفت المسؤول الأميركي إلى أنّ "الوسيط الأميركي يواصل محادثات مكثفة مع إسرائيل ولبنان لإنهاء المفاوضات حول الحدود البحرية"، كاشفاً أن "الفجوات ضاقت وهناك التزام بالتوصل إلى اتفاق"، وقال: "نعتقد أنه يمكن التوصل إلى التسوية المطلوبة".
في وقت صرح دبلوماسيون غربيون بأنّ "هوكشتاين يعتقد أن التعليقات اللبنانية ليست ضرورية ولا يجب أن تمنع التوصل إلى اتفاق".
ووفقاً للتقارير الإسرائيلية، فإنّ المشكلة ترتبطُ بـ"خط العوامات" الذي تعتبرهُ إسرائيل مهماً جداً بالنسبة لها لأسباب أمنية، على حد زعمهم.
اما صحيفة "إسرائيل اليوم"، فقد اشارت الى أن "السلطات الاسرائيلية تستعد لإجراء اختبار على ضخ الغاز من كاريش قريبا جدا وربما بداية الأسبوع المقبل".
وبعد هذه الانتكاسة الموضعية للاتفاق، هل ينجح هوكشتاين بـ "تدوير الزوايا" ووضع ملف الترسيم على السكة الايجابية من جديد؟