خلال السنوات الماضية، تحولت قضية المودعين، إعلامياً، الى قضية مملة، مضجرة، لا تحمل تشويقاً ولا تكتنف إثارة.
اليوم انكسر هذا الروتين، وكل مودع بدأ بالتفكير بحمل السلاح والتوجه الى المصرف الذي يحتجز له وديعته والحصول عليعا بالقوة، بعدما أدارت الدولة اللبنانية بوجهها عن وجعهم، وصم المسؤولين اذانهم عن مناشداتهم للحصول على اموالهم إما لفك دين ما او لعلاج مريض، خصوصاً ان المستشفيات لم تعد ترحم اللبناني، وضربت اسعار فاتورتها الاستشفائية اضعافاً او ربما أكثر.
عامان واكثر على الازمة الاقتصادية التي ضربت لبنان، انفق فيها اللبناني كل مدخراتها وهو يقول "بكرا بتفرج"، الا ان الفرج لم يأت، والمؤتمنون على أموال الشعب سرقوه، وهربوه الى الخارج، وعندما جاع اللبناني وإحتاج قرر النزول الى الشارع واخذ حقه بيده.
فبعد عبد الله الساعي الذي دخل مطلع العام الجاري، فرع مصرف "بنك بيروت والبلاد العربية" في منطقة جب جنين في البقاع الغربي، وتمكّن من الحصول على وديعته البالغة 50 ألف دولار، وبسّام الشيخ حسين، الذي اقتحم مصرف "فديرال بنك" في منطقة الحمرا، واحتجز الموظّفين، مطالباً بكامل الوديعة، بعدما سئم من ممطالة المصرف الذي رفض الإفراج عن 5500 دولار من وديعة بسّام البالغة 210 آلاف دولار، بهدف دفع كلفة علاج والده.
اليوم وبمسدس "بلاستيك"، اقتحمت المودعة سالي حافظ، بمؤازرة من عدد من المودعين، مصرف "لبنان والمهجر" في السوديكو، واحتجزت عدداً من الرهائن، وطالبت باسترداد أموالها المحتجزة لعلاج شقيقتها المصابة بمرض السرطان، وتمكنت الحافظ من استرداد وديعتها المحتجزة.
وكانت سالي نشرت عبر حسابها عل موقع فايسبوك صورة لشقيقتها المريضة، واعدة بتأمين الأموال لها لمعالجتها.
ولاحقاً نشرت سالي على حسابها الخاص على فايسبوك رسالة للدولة اللبنانية وكتبت: "الدولة كلها تحت بيتي وانا صرت بالمطار. بشوفكن باسطنبول. تشاو".
لم تمض ساعات قليلة، الا وكانت عملية اقتحام ثانية في عاليه، حيث قام المودع رامي شرف الدين باقتحام مصرف "بنك ميد" في عاليه.
لاحقاً، ت
ضاربت المعلومات بشأن العملية، وفقاً لمصادر "الحدث" نقلاً عن جمعية المودعين، إن مقتحم بنك البحر المتوسط في عاليه أخذ 30 ألف دولار وسلم نفسه للقوى الأمنية.
أمّا رئيس جمعية المودعين حسن مغنية نفسه فقال للجديد: "ليس لدينا معطيات ما اذا كان المودع في عاليه قد تمكّن من استعادة وديعته، ويوم أمس تشاورت مع أعمدة جمعية المصارف وقد حذرت من تكرار قصة عبدالله الساعي واذا بقي الوضع كما هو فسنكون أمام مشهد يومي متكرّر لما حصل اليوم".
ما حصل بالامس ينذر بأن هناك قرار قد اتخذ من قبل الناس قبل اي جهة ثانية، انه عندما ستحتاج ستستخدم القوة لأخذ أموالها، وتساءلت هنا مصادر مطلعة هل ما لوحت به جمعية المودعين خلال مؤتمر صحافي بانها ستتخذ خطوات تصعيدية تجاه فروع المصارف التي تقوم باغلاق حسابات المودعين، وعدم اعطائهم اموالهم، معلنة انها "لن تردع بعد اليوم اي مودع يقرر ايفاء حقه بالطريقة التي يراها مناسبة بعدما عمدت في الفترة الماضية الى تهدئة النفوس عسى وعلَّ ان تقوم خطة منصفة للمودعين، لكن يبدو ان هناك من يريد تصفية قضيتهم".
من الواضح ان الانفجار الشعبي بات قريباً جداً، والمستقبل سيكون أكثر قتامة تتحمل الدولة، التي رَشَت الناس بأموال المودعين عبر الاستدانة من المصارف، مسؤولية هذا العنف.
وتتحمل المصارف مسؤولية سوء الأمانة، حين جمعت الأرباح من التعامل مع الدولة، ووضعت المودعين في المخاطر.