خلال الأيام الماضية تداولت أنباء عن انتشار إصابات بالكوليرا في سوريا، وتحديدا في محافظة حلب، وأكدت وسائل إعلام محلية، إلى جانب بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أن بعض المستشفيات في حلب استقبلت حالات إسهال مصحوبة بانخفاض في الضغط، وجفاف في بعض الحالات الأخرى، ما قد يؤدي إلى إصابة الكلى، وبالتالي هذا جزء من الأعراض المصاحبة للكوليرا.
من جانبها، نفت وزارة الصحة السورية تسجيل وفيات ناجمة عن الكوليرا في دمشق، وأوضحت أنه تم تسجيل حالتي وفاة في حلب، و26 إصابة في عموم سوريا.
وقالت الوزارة إن ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود وفيات ناجمة عن المرض في دمشق، غير صحيح.
وحول عدد الإصابات المثبتة حتى الآن، أوضحت أن هناك 20 حالة في حلب، و4 حالات في اللاذقية، وحالتين في دمشق، (قادمين من حلب إحداها مرافق المريض دون أعراض)
وأشارت إلى أن هناك حالتي وفاة (بسبب تأخر طلب المشورة الطبية ووجود أمراض مزمنة مرافقة).
وأضافت الوزارة أنها "تقوم على مدار الساعة بالترصد الوبائي للمرض واتخاذ الإجراءات المناسبة" لتطويق المرض، ونوّهت إلى أن "العلاج متوفر بكافة أشكاله وتم تعزيز وتزويد المشافي بمخزون إضافي من العلاج تحسبا لأي زيادة في أعداد الحالات المحدودة حتى الآن".
بينما نقلت وكالة "سانا" عن مدير صحة دمشق محمد سامر شحرور أن المديرية "تعمل بشكل مكثف عبر فرق الترصد الوبائي بالتعاون مع المحافظة لأخذ العينات اللازمة للكشف عن بكتيريا الكوليرا في مياه الصرف الصحي إضافة إلى أخذ عينات من بعض الخضراوات والمزروعات في مناطق مختلفة".
وأشار إلى أنه "يتم العمل وفق بروتوكول طبي للكشف عن حالات الإصابة بالمرض عبر أخذ عينات من إفرازات أشخاص مشتبه بإصابتهم والكشف عن الإصابة عبر إجراء زرع جرثومي تظهر نتيجته بعد 3 أيام ووفق نتيجة هذا التحليل يتم تأكيد أو نفي الإصابة بشكل دقيق".
وأوضح شحرور أن "المشافي والمراكز الصحية في دمشق في حالة تأهب تام وعلى استعداد كامل لاستقبال أي إصابة في حال حدوثها وإجراء الاستقصاءات الطبية والعلاجية المناسبة".
وكان قد أكد مدير مستشفى “المواساة الجامعي”، عصام الأمين، عدم وجود أي حالات راجعت المستشفى، ولم تسجل أي إصابة بمرض “الكوليرا” أو وجود اشتباه بالإصابة، بحسب تصريحه لصحيفة “الوطن” المحلية يوم، الأحد.
أما في مناطق شمال غربي سوريا، فأكد وزير الصحة في “الحكومة السورية المؤقتة”، الدكتور مرام الشيخ، في تصريح سابق، عدم تسجيل أي إصابة بمرض “الكوليرا” حتى يوم الجمعة 9 من أيلول، في مناطق سيطرة “المؤقتة” بريف حلب.
واعتبر الشيخ أن النظام الصحي في المنطقة “قادر على التعامل مع أي طارئ في حال حدوثه” بخصوص انتشار المرض، مستندًا بذلك إلى “تجارب القطاع السابقة، وقصة نجاحه السابقة بمواجهة فيروس (كورونا)”.
من جهتها أعلنت “الإدارة الذاتية”، في شمال شرقي سوريا، عن تسجيل ثلاث وفيات بمرض “الكوليرا”، مؤكدة انتشار المرض في المناطق التي تسيطر عليها، وبالأخص في محافظتي الرقة ودير الزور.
وأكد الرئيس المشترك لهيئة الصحة في “الإدارة”، جوان مصطفى، لوكالة “هاوار“، السبت 10 من أيلول، تسجيل عدة إصابات بمرض “الكوليرا” في الرقة والريف الغربي لدير الزور.
وأرجع مصطفى سبب انتشار مرض “الكوليرا” إلى الدراسات الأولية التي أجرتها الهيئة نتيجة شرب مياه غير صالحة للشرب، كما أوضح أن المصابين يتلقون العلاج في مستشفى “كسرة” بريف دير الزور، وأن بعض الحالات تماثلت للشفاء.
وذكر مصطفى أن هيئة الصحة دعت جميع المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، لتقديم الدعم اللازم لمواجهة الانتشار.
وقال مصدر طبي من مستشفى “الكسرة”، السبت، لموقع “نورث برس” المحلي، إن المستشفى أجرى مسحًا لـ50 حالة مشتبهًا بإصابتها بمرض “الكوليرا”، تبين إصابة 24 منها بالمرض بسبب شرب المياه الملوثة.
وعن الأسباب “المفترضة” لتلوث المياه، أوضح المصدر للموقع، أن التلوث مصدره مياه نهر “الفرات”، بسبب انخفاض منسوب النهر، وعدم استعمال مواد التعقيم والتصفية في محطات ضخّ المياه.
وكإجراء وقائي، أعلنت مؤسسة المياه في “الإدارة” توزيع مادة الكلور السائل على وحدات المياه بريف دير الزور الغربي لتعقيم مياه الشرب.
والكوليرا مرض معدٍ، يصيب الصغار والكبار، تتسبب به جراثيم عضوية الشكل تسمى “ضمة الكوليرا”، تعيش في الظروف الطبيعية بالماء الآسن عند مصبات الأنهار، ومناطق التقائها بالبحار والمحيطات.
تنتقل بكتيريا “ضمة الكوليرا” إلى الشخص السليم عن طريق مياه الشرب أو الخضراوات أو الفواكه الملوثة ببقايا براز أشخاص مصابين.
ويموت المرضى المصابون بإصابات شديدة بـ”الكوليرا” في غضون ثلاث ساعات، إذا لم يتم تقديم العلاج الطبي اللازم.
وعادة ما يتطور المرض من البراز السائل إلى التجفاف والصدمة (هبوط في الدورة الدموية) في غضون أربع إلى 12 ساعة، وتحدث الوفاة في غضون 18 ساعة إلى عدة أيام، ما لم يقدم العلاج بالسوائل عن طريق الفم أو الوريد حسب الحالة.
وتعتبر الجراثيم الموجودة في براز الشخص المصاب المصدر الرئيس للتلوث، فتحدث العدوى عن طريق تلوث مياه الشرب بالفضلات البشرية التي تحتوي على جرثوم “الكوليرا”، أو عن طريق دخول الجرثوم بطريقة مباشرة عبر الفم باستعمال أدوات ملوثة به أو تناول طعام ملوث نيء أو سيئ الطبخ (خاصة الأسماك والخضراوات والفواكه).
كما يكون للذباب في بعض الأحيان دور بسيط في نقل العدوى خصوصًا في أثناء الأوبئة.
وتبقى الجراثيم موجودة في براز المصاب لمدة تتراوح بين أسبوع وأسبوعين من العدوى، ولأن ثلاثة أرباع المصابين بـ”الكوليرا” لا تظهر لديهم الأعراض، فإنهم ينقلون العدوى دون أن يعلموا أنهم مصابون، وهذا يزيد من انتشارها.