«أنا لقيت شنودة في الكنيسة وعمره كان يوما واحدا ولما أخذته فرحت بيه، واتصلت بجوزي كلمته وخدناه من الكنيسة وفرحنا به وسميناه شنودة»، بتلك الكلمات عبرت أمال ميخائيل، الأم البديلة للطفل شنودة، عن حزنها الشديد لفقدانها طفلها شنودة بعد سحبه من حضانتها وإيداعه في دار للرعاية.
ووجهت أمال ميخائيل، رسالة إلى المسؤولين في الدولة، قائلة: «نطلب من المسؤولين والرئيس السيسي يتدخل في الأزمة، وأنا عملت ورق كفالة عشان نأخذ الطفل سواء مسلم أو مسيحي، وهو كل حياتنا واطلب من الرئيس بكلمة منه يحل المشكلة والطفل ذنبه ايه».
وأثارت قضية الطفل شنودة، الذي وجدته أسرة مسيحية وربته أربع سنوات قبل إيداعه دار رعاية، جدلا واسعا ونقاشا عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول قوانين التبني والكفالة.
وتبدأ القصة التي ترويها آمال عندما اختلفت مع أحد أفراد أسرتها، الذين كانوا يعلمون بسر شنوده الطفل الذي وجداه الزوجان عند باب كنيسة وعمره أيام، وقررا تبنيه بعد استشارة المعنيين في الكنيسة إذ لم يرزقا بأطفال، فأخرجت له شهادة ميلاد وآوته حتى أصبح عمره 4 سنوات، وبسبب هذا الخلاف أبلغت قريبتها الشرطة أنها خطفت طفلا بينما لا يعد من ظهرها لتنقلب الحياة رأسا على عقب.
قانونيا، خضع الزوجان والطفل لتحليل الحمض النووي، وثبت عدم نسبه لهما، فيما قررت النيابة العامة المصرية إيداعه دار أيتام بوصفه «فاقدا للأهلية» وتغيير اسمه إلى «يوسف».، ولم تتخذ النيابة العامة أي إجراء ضد الزوجين، إذ ثبت لديها حسن نيتهما، فيما يستند قانون التبني في مصر إلى الشريعة الإسلامية، التي تعتبر فاقد الأهلية «مسلما بالفطرة».
تختتم السيدة آمال البالغة الواحد والخمسين من عمرها، بأن السبب الرئيسي في الخلاف مع قريبتها كان الميراث الذي أشعل الخلاف لتبلغ الشرطة بخطفها لطفل مسلم، مناشدة للرئيس عبدالفتاح السيسي بإرجاع الطفل إليها، خاصة وأن بقاءه معها تربيه وتحافظ عليه وتحنو عليها كحريصة على أحلامه وحياته أفضل من أن يعيش في أحد دور الأيتام.
وأثارت قضية الطفل شنودة خلال الفترة الماضية جدلًا واسعًا في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وجعلت الكثير من الأشخاص يتحدثون حول قوانين التبني والكفالة في مصر، وموقف الطفل شنودة القانوني.
بدورها علقت نهاد أبو القمصان، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، على الواقعة، قائلة: “المشكلة ليست في ديانة شنودة ولكن في الإجراءات التي تم اتخاذها منذ الابلاغ عن الواقعة، والحقيقة التبني غير معترف به في مصر على الإطلاق”.
وتابعت: “الطفل غير المعروف نسبه لازم يتم إبلاغ مركز الشرطة ويتم تسليم الطفل لدار رعاية، وفي حال يريد شخص كفالة طفل يستكمل الإجراءات”.
وأضافت: “أسرة الطفل شنودة وقعت في عدد من الأخطاء القانونية، وأرى أن المخرج الوحيد لهم الآن أنهم يقدموا طلب كفالة”، متمنية تقديم مشروع قانون لمجلس النواب ينظم التبني.
وقال إيهاب رمزي، أستاذ القانون وعضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، إن أزمة الطفل شنودة الآن في التبني ونعاني من فراغ تشريعي في التبني، موضحا أن قانون التبني غير منظم في القانون المصري، ولا يوجد قانون في مصر يسمح بالتبني وكفالة اليتيم هي البديل.
وأوضح رمزي، أن دستور عام 2014 ينص على احتكام أصحاب الأديان الأخرى إلى شرائعهم واللائحة التي تضعها الكنيسة الآن تتفق مع المادة الثالثة من الدستور، مؤكدا أن هذه اللائحة هي الحاكمة في كل الأحوال الشخصية للمسيحيين.
ويرى المستشار القانوني للكنيسة المصرية، رمسيس النجار، إنه "وفقا للدستور المصري وتحديدا المادة الثانية منه، والتي تنص على أن الإسلام دين الدولة، فإن الطفل مجهول النسب يحمل ديانة الإسلام من تلقاء نفسه، حتى لو عثر عليه كاهن أمام كنيسة ورباه، ويظل على هذا الحال طيلة عمره، إلا لو اكتشف يوما أسرته وكانت مسيحية، فيجوز له تغيير اسمه وديانته، لكن والديه سيحاكمان بتهمة إهمال الطفل".
ويرى رمسيس أن "إيجاز القانون للتبني سيحسم هذا الأمر ويضعه في نصابه الصحيح، وبناء على ديانة الأسرة التي ستتبنى الطفل تحدد ديانته سواء كانت مسلمة أو مسيحية".
وتفرق السلطات المصرية بين مفهوم التبني والكفالة. فالتبني" هو أن يرعى أبوان في بيتهما طفلا ليس من صلبهما، ويعتبر الطفل ابنا شرعيا لهما، إذ يحق للعائلة إعطاء هذا الطفل الاسم الكامل لها وتوريث الطفل من ممتلكاتهم".
أما الكفالة:" ترعى أسرة طفلا لا يقدر أهله على رعايته أو محروما من الجو الأسري. ولا يأخذ الطفل الاسم الكامل للأب الكافل أو للأم الكافلة ولا يكون له حق في الميراث".
أما التبني الموجود في مصر فيعرف بالكفالة أو "برنامج الأسرة البديلة الكافلة". حيث يمكن هذا البرنامج الأوصياء، أو الأم البديلة/ الكافلة، من رعاية طفل في بيتهم كما لو كان ابنهم أو فردا من أسرتهم. كما يتيح للوالدين أو للأم منح اسم العائلة أو اسم عائلة الأم لهذا الطفل، ويكون الوالدان أو الأم مسؤولين بالكامل عن رعاية الطفل ماديا ومعنويا.