يبدو أن هناك حالة من الشد والجذب بين المعارضة المصرية المتمثلة في (الحركة المدنية) وبين السلطة المصرية وبخاصة الجهة المسؤولة عن الترتيب للحوار الوطني، وهو ما برز بشدة في البيان الأخير الذي أصدرته الحركة المدنية خلال اليومين الماضيين والذي أشارت من خلاله أن هناك محاولات التفاف من السلطة على الحوار.
وكان حمدين صباحي قد انتقد في كلمة له الخميس الماضي، في مؤتمر "الحركة المدنية"، سياسات السلطة، قائلاً إن "الحركة المدنية تقبلت دعوة رئيس الجمهورية للحوار بإرادة جادة، لأننا ندرك مشكلات هذا الوطن وأوضاعه المعقدة التي تحتاج حواراً جاداً أملاً أن تتوفر في مصر حياة تليق بشعبها".
وتابع: "قبلنا الحوار بضمانات معلنة في بيان أصدرناه في 8 مايو/أيار الماضي، وما زلنا نتعثر في طريق تحقيق هذه الضمانات. وعلى الرغم من ذلك، فإن الحركة المدنية تريد أن تقول بطريقة واضحة إنه طالما وجدت إلى الحوار سبيلاً، فستناضل من أجل ذلك، فالخيار بين الحوار وبين الانفجار هو ما ألزمنا من موقع المسؤولية الوطنية قبول تلك الدعوة، وعليه نؤكد اليوم، أننا نريد لشعبنا أن يعلم أننا نريد الحوار، ولكن إذا ضُيق علينا هذا الطريق، فنحن أبرياء والسلطة هي المسؤولة".
وأضاف صباحي: "إذا أغُلق باب الحوار فهذه مسؤولية السلطة لا المعارضة... إذا قُطع الطريق على الحوار، فنحن الذين مددنا يد بنية صادقة وبعزم وبرؤية سياسية لطريق التحول السلمي، والسلطة هي التي أغلقته".
وانعقد هذا المؤتمر بعد اجتماع للحركة المدنية دام لساعات، وبحسب مصادر من داخل الحركة فإن عدد كبير من رؤساء الأحزاب وممثليها حضر الاجتماع لمناقشة عدة نقاط منها تأخر الإفراج عن سجناء الرأي وتعامل السلطة بسياسة التقطير وخروج عدد قليل من سجناء الرأي بالمقارنة بالأعداد الموجودة داخل السجون المصرية، إلى جانب رفض المعارضة للاستحواذ على رئاسة اللجان من قبل حزب مستقبل وطن الموالي للسلطة.
وأكد المصدر الذي فضل عدم ذكر إسمه إن الحركة المدنية لن تتنازل عن تقسيم اللجان بالتساوي بين السلطة والمعارضة، وأن المعارضة لن يذهب إلى الحوار وهي في موقف ضعف، كما أكد المصدر على أن الحركة المدنية مقدمة قائمة تضمنت عدد كبير من أسماء المعارضين المحبوسين احتياطيا وفي انتظار الوفاء بالعهد وخروجهم جميعها تمهيدا للحوار.
كما لفت المصدر إلى أن "إصرار الدولة على سياسات بيع الأصول الحكومية المملوكة للشعب دفعت الحركة المدنية إلى الإعلان عن موقفها المعترض على ذلك التصرف بعدما طالبت أكثر من مرة بالتوقف عن تلك السياسيات دون جدوى".
كما أوضح المصدر، أن القيادات داخل الحركة المدنية استشعروا حرجاً من تعيين الجهة المشرفة على الحوار، علي الدين هلال ( وزير عهد مبارك) كمقرر للجنة السياسية، في الوقت الذي ينتمي فيه معظم أعضاء الحركة إلى ثورة يناير.
في المقابل هاجم عدد من الاحزاب والاعلاميين المحسوبين على السلطة المصرية الحركة المدنية وقيادتها، وذلك بعد ساعات قليلة من البيان الصادر عن الحركة الذي طالبت فيه بإخلاء سبيل المحبوسين احتياطيًا في قضايا الرأي والتوقف عن القبض على المواطنين بسبب التعبير عن آرائهم وإعادة التوازن إلى تشكيل لجان الحوار الوطني، زاعمين أن الحركة المدنية ليس لها تأثير في الشارع المصري وأنه عليها أن تراجع مواقفها.
هاجم “تحالف الأحزاب المصرية” ما صدر عن الحركة المدنية مؤكدًا أن إدارة الحوار الوطني تتسم بحالة من الشفافية غير المسبوقة.. وقال النائب تيسير مطر، رئيس حزب إرادة جيل ووكيل لجنة الصناعة بمجلس الشيوخ وأمين عام تحالف الأحزاب المصرية: رغم إعلان الحركة المدنية استمرارها في الحوار الوطني إلا أنه فى الوقت ذاته تصدر بيانات مفخخة تسبب في إثارة البلبلة، فضلا عن ذلك أنها لا تعترف بالحالة الديمقراطية التي صنعها الحوار الوطني.. مشيرًا إلى أن مجلس أمناء الحوار الوطني يدير الحوار بشكل ديمقراطي بحت ويتمتع باستقلالية تامة، مؤكدين أنهم يرفعون شعار بالحوار نجني الثمار.
الإعلامي أحمد موسى من جانبه، شن هجومًا على “الحركة المدنية” بعد بيانها الذي أصدرته أمس وطالبت فيه بتحقيق عدة ضمانات للحوار الوطني أهمها إخلاء سبيل المحبوسين في قضايا رأي، ووقف القبض على المواطنين بسبب التعبير، ورفض السياسيات الاقتصادية الجارية، والمطالبة بتحقيق توازن في لجان الحوار الوطني.
وقال موسى، خلال برنامجه “على مسئوليتي” والذي يذاع على قناة “صدى البلد”، “الرئيس دعا للحوار الوطني، شئ عظيم ومحدش يختلف عليه، كل شوية أنا شخصيا والناس ملاحظة الحكاية دي، الأخوة في الحركة المدنية كل شوية بيانات ومطالب كل شوية شروط، كأن البلد مفيهاش إلا الحركة المدنية، كأن الحوار معمول علشان اخواتنا في الحركة المدنية، اللي هم انت كمواطن متعرفش هم مين، أنا بقالي سنين في الصحافة معرفش مين شخوص الحركة المدنية، مين بيمثلهم، انتوا مين؟”
وأضاف موسى “عايز حد من الحركة المدنية يطلع يقول لنا إحنا عندنا مليون واحد في الشارع، قولي انت معاك كام واحد وليك تمثيل فين، هو أنت فاكر نفسك المعارضة الوحيدة في مصر؟ هو ليه حضرتك عايز تحتكر الحوار الوطني، وتبقى فوق الحوار الوطني، هي البلد مفيهاش حد غيرك.. قوتك فين من الشارع وريني نفسك، دي طلبات وشروط أكتر من وجودك”.
وتابع “الحوار الوطني ليس حوار الحركة المدنية، الحوار لكل المصريين وكل المعارضة، أهلا بالمعارضة الشريفة النزيهة اللي مش عايزة تفرض شروطها على البلد.. دا إحنا قبلنا، وقولنا مع بعض، وقدم السبت وقدم الحد، هو عايزني أعمل ايه تاني.. قولي عايز ايه واديني أمارة لطلباتك الكتير دي، دا انتوا واخدين أكتر من حجمكم والله.. دا أنتوا كلها حزبين أوضتين وصالة.. دا في أحزاب مش موجودة غير على الورق”.
واستكمل “مع احترامي للكل والجميع، لكن حكاية الشروط والطلبات والأوامر مش عجباني ومش عاجبة حد ومش عاجبة الناس، المواطن كره حاجة اسمها الحركة المدنية.. الضغوط دي علشان إيه من الآخر يعني، علشان أنت سيد الشارع، لا والله، أنا اللي عارف قوتك، أنا شخصيا مش حد تاني، بالراحة يا جماعة وكل واحد يعرف وزنه كام ووزنه ايه”.
في المقابل أكد فيه ضياء رشوان المنسق العام للحوار الوطني، أنه سيتقدم خلال الاجتماع المقبل للحوار بالمقترحات التي أعلنتها الحركة المدنية، خاصة ما يتعلق بـ”إعادة تقسيم اللجنة السياسية” إلى 3 لجان.. حيث قال رشوان في حديث مع قناة “إكسترا نيوز” إنه “عندما نرى شيئا يستحق النظر، نعيد رسم مسارنا ونستجيب له، وأنا أعلن أنه سيعرض هذا الاقتراح يوم السبت المقبل على مجلس الأمناء مقترح أحزاب الحركة المدنية، واقترح أنه من الممكن أن نشكل لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل البرلماني تختص بقوانين الحقوق السياسية، وكذلك لجنة للأحزاب ولجنة ثالثة للنقابات المهنية والعمالية لأنها كيانات ضخمة، موضحا أن هدفنا جمهورية جديدة ولا نشكك في نوايا أحد”.