استهدف مسلحون مجهولون يستقلون دراجة نارية بالأسلحة الرشاشة، قيادي سابق بـ”فرقة الحمزة” الموالية لتركيا وسط مدينة رأس العين ضمن منطقة “نبع السلام” بريف الحسكة، مما أدى إلى إصابته بجروح بليغة، وجرى نقله إلى مشافي تركيا لتلقي العلاج، فيما لاذ المهاجمون إلى جهة مجهولة.
ووفقا للمعلومات، فإن القيادي تم عزله من قبل قادة ضمن فصائل “الجيش الوطني”، ويتهمه الأهالي بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين في رأس العين وريفها منها الخطف والاعتقال والتعذيب والقتل، فضلاً عن سرقة ممتلكات الأهالي وسلبها عنوة.
وأصبحت فرقة الحمزة التابعة لما يسمى الجيش الوطني علامةً فارقة في سجلات الانتهاكات ضد المدنيين في مناطق الشمال ولا يكاد يمضي أسبوع دون توثيق جريمةٍ أو انتهاكٍ لمجموعاتٍ تابعةٍ للفرقة في المناطق الخاضعة لسطوتها، فمن تجارة البشر والمخدرات إلى استهداف تجمعاتٍ مدنية أو فصائل أخرى، إلى العمالة مع التنظيمات الإرهابية.
بدأت نواة فرقة الحمزة بمجموعة مقاتلة تابعة للواء التوحيد في أرجاء متفرقة من محافظة حلب، وكانت هذه المجموعة تشارك في العمليات العسكرية خلال الفترة ما قبل دخول “تنظيم داع ش” إلى ريف المحافظة، لتتوسع لاحقاً وتصبح لواءً منظماً يقوده ياسر أبو الشيخ، ومع اجتياح التنظيم لمناطق توزع فصائل المعارضة بدأت حالة التفكك والانشقاقات من اللواء إلى صفوف التنظيم، ليعود اللواء بعد هزيمة التنظيم كأحد أهم فصائل المنطقة.
في 23 نيسان 2016 اندمجت 5 تشكيلات عسكرية تتبع للمعارضة السورية المسلحة واتخذت من بلدة مارع في ريف حلب الشمالي مقراً لها، وهي لواء الحمزة، لواء ذي قار، لواء رعد الشمال، لواء مارع الصمود، لواء المهام الخاصة، وأعلنت هذه الفصائل عن تشكيل فرقة الحمزة وذلك بهدف توحيد الجهود ومحاربة “تنظيم داعش” الذي كان في بداية تقهقره حينها.
وشهد هذا العام تغيرات كثيرة على المستوى القيادي والتنظيمي للفرقة، أبرزها مقتل قائد لواء الحمزة ياسر أبو الشيخ خلال العمليات العسكرية ضد فلول “داعش” في أرياف حلب، والذي أثيرت حول مقتله شكوك وتسببت بحالة من الإرباك ضمن التشكيل العسكري، وبعد اجتماعات تقرر تسليم قيادة اللواء والفرقة لـ سيف بولاد المعروف باسم “سيف أبو بكر” وهو ملازم أول منشق عن الجيش السوري.
وفي حزيران 2016 انضم لواء سمرقند إلى صفوف الفرقة وتزامن ذلك مع تلقي الفرقة شحنة من صواريخ تاو كدعم من التحالف الدولي وفي شهر آب من نفس العام كانت فرقة الحمزة أولى الفصائل التي تدخل جرابلس من ناحية منطقة كركميش بدعمٍ من القوات التركية، وذلك ضمن العملية العسكرية التي أطلق عليها حينها “درع الفرات”.
مع ركود الجبهات في ذلك العام نقلت فرقة الحمزة مقرها الرئيسي من مارع إلى بلدة بزاعة في ريف حلب. وفي آذار 2017، أوقفت واشنطن الدعم المقدم لفرقة الحمزة، وفرقة المعتصم واللواء 51، بعد ورود كثير من التقارير عن تحالف هذه التشكيلات العسكرية مع جبهة النصرة التي أصبحت فيما بعد هيئة “تحرير الشام” وبعد الأفرع المحلية لتنظيم القاعدة في مناطق الشمال السوري، لتنتقل فرقة الحمزة إلى مرحلة جديدة.
حيث أعلنت الفرقة في نهاية العام 2017، عن انخراطها في “الجيش الوطني السوري” الذي شكلته “الحكومة المؤقتة” التابعة للائتلاف الوطني المعارض، لتندرج تحت تقسيم “الفيلق الثاني” في الجيش، وأعلنت قيادة الفرقة حينها الولاء الكامل للقوات التركية التي واصلت دعمها بعد أن انتهى دعم التحالف لما عرف حينها بـ “غرفة عمليات حوار كلس” وفي أيلول 2017 أعلنت الفرقة عن افتتاح أول كلية عسكرية في ريف مدينة الباب.
فاعلية فرقة الحمزة في القتال والتي تعتبر من أكثر “فصائل المنطقة” اهتماماً بالدعم اللوجستي لعناصرها وأهم الفصائل من حيث الموارد المالية، جعل منها محط أنظار لقيادة الجيش التركي وأكسبها الثقة، لذا فقد تم الاعتماد عليها كقوة أساسية في العمليات اللاحقة كـ “غصن الزيتون” عفرين وريفها و”نبع السلام”؛ المنطقة ما بين مدينتي رأس العين وتل أبيض السوريتين، لا بل وتم الاعتماد على الفرقة في معارك خارجية في ليبيا وأذربيجان.
تعتبر فرقة الحمزة من أكثر الفصائل تعقيداً من حيث هيكليتها وترتيب قادتها، وذلك بسبب العدد الكبير وتوزعهم على منطقة جغرافيةٍ واسعة، لكن بمجرد ذكر اسم “الحمزات” كما هو متعارف عليه محلياً يعرف الجميع أن هذا الاسم مرتبط بـ سيف بولاد (سيف أبو بكر) الأكثر ظهراً عبر وسائل الإعلام، والذي يحرص على تقديم صورةٍ براقةٍ للفرقة من خلال خطاباته في جميع المناسبات، لكنها في الواقع لديها سجل حافل بالانتهاكات والجرائم.
ويقف وراء سيف أبو بكر عددٌ من “رجال الظل” الذين قلما يظهرون عبر وسائل الإعلام بعكسه، ويدير هؤلاء ملفاتٍ عديدةٍ باختصاصاتٍ متنوعة، كتجارة البشر والمعابر، وتجارة المخدرات والممنوعات، والتصفيات وإدارة الأموال والأراضي والمزارع المصادرة خلال العمليات العسكرية، وإدارة السجون التي تزدحم بمئات المغيبين قسراً، والعمالة مع”قسد” والصفقات مع الفرقة، والتي سوف نأتي على ذكرها بشكلٍ مفصل.