كتب المحلل العسكري المقرب من مراكز القرار في جيش الاحتلال الاسرائيلي مقالات يوم امس الجمعة في السادس والعشرين من آب قال فيه ما تفكر فيه القيادة العسكرية وما تفهمه حول تهديد زعيم حزب الله حسن نصرالله.
وفي تحليل المقال وما ورد فيه يمكن القول أن القيادات الاسرائيلية الامنية والعسكرية والسياسية تعاني من أزمة في فهم مقاصد نصرالله مهما كانت واضحة وبينة وجلية. لأن عملية التحليل الموصلة للتقييم الخاصة بنصرالله في المؤسسة الاسرائيلية الرسمية تنطلق من العقلية الاسرائيلية الحسابية التي تتعلق بالممكن واللاممكن ماديا ما يورط الاسرائيليين في تقييم خاطيء يوصلهم دوما الى مشكلة في الفهم وفي التطبيق ما قد يؤدي حتما الى الخسارة.
ما علاقة ذلك بنصرالله؟؟
المحلل العسكري عاموس هارئييل يقول ان كل المعطيات العلمية تشير لصاحب القرار الاسرائيلي بان تهديدات نصرالله لا معنى لها وفارغة وغيرمنطقية لان وضع لبنان الاقتصادي لا يسمح لحزب الله بخوض حرب ستورط لبنان في دمار يقع مسؤوليته على عاتق نصرالله بالتالي لا يمكن ان يكون زعيم حزب الله جديا بتهديده بالحرب. بل يجب ان يخشى نصرالله الحرب لان تكاليفها اكبر من قدرة لبنان على التحمل وسيكون هو شخصيا مسؤولا امام اللبنانيين عن التسبب بالدمار الذي سيعني نهاية حتمية لاي فرصة للعيش الطبيعي للبنانيين الغارقين في ازمة اقتصادية قاتلة.
هذه الحسابات التي وردت في مقال المحلل لا ترتبط برأيه الشخصي، فهذا رجل لا يكتب ما يفكر به بل ما يطلبون منه في المؤسسة الامنية نشره. وهم هنا يخاطبون مستوطني الارضي المحتلة ولا يتوجهون للبنانيين اي ان الكلام ليس بروباغندا اعلامية بل جزء من حملة طمأنة موجهة للاسرائيليين.
ويذكر هرئيل في مقاله أن نيات الأمين العام لحزب الله (السيد) حسن نصرالله، ليست مفهومة للقيادة الاسرائيلية لانه لا يوجد منطق في تهديدات نصرالله المتكررة بمهاجمة منصات الغاز الإسرائيلية والمخاطرة بحرب، فلبنان في ذروة أزمة اقتصادية وسياسية خطِرة، وإذا نشبت الحرب، فمن المعقول أن تُوجَّه أصابع الاتهام إلى الحزب الذي ورّطه في مغامرة جسيمة الأضرار ولا ضرورة لها.
بناء على اقوال هذا المحلل الذي يمثل صدى المؤسسة الامنية يمكن فهم مسار المفاوضات مع لبنان ويمكن توقع الرد الاسرائيلي الذي سيكون نعم للطرح اللبناني ولكن كبيرة ومتشعبة بحيث تضيع الموافقة الاسرائيلية على الطرح اللبناني في غياهب التفاصيل والتحفظات والمماطلة التي لن تنتهي.
ويذكر هارئيل رأيا آخر اضافة الى رأيه في المقال للمدعو د. شمعون شابيرا من مركز القدس للشؤون العامة والسياسة، والذي يشاهد باستمرار خطابات نصرالله ويحللها. حيث يقول الاخيران نصرالله بخطابه التصعيد يقوم بمقامرة رهانها هو كل ما يملكه حزب الله من رصيد.
شابيرا الخبير في الموضوع اللبناني تكوّن لديه انطباع ان رسالة نصرالله في الخطابات الاخيرة هي بالتأكيد رسالة حربية. في رأي شابيرا، خطابات نصرالله موجهة إلى جمهورين منفصلين في لبنان: “حيال الطائفة الشيعية، يحضّر نصرالله النفوس للحرب، إذا كان هناك حاجة إليها. أما بالنسبة إلى سائر اللبنانيين، فهو يقول لهم: سأحقق لكم إنجازاً، فقط بقوة التهديد باستخدام سلاحي، الذي أردتم نزعه، سأجبر إسرائيل على الرضوخ في المفاوضات وإعطاء لبنان حقول الغاز التي يطالب بها”. وأضاف شابيرا أن نصرالله يوزع تلميحات بشأن مطالب لبنانية مستقبلية من السيادة على مغاور في رأس الناقورة، إلى حقول غاز بحرية أُخرى.
هارئيل يعود ليقول ربما الاستعداد الإسرائيلي لإظهار مرونة في المفاوضات، في ضوء اقتراب انتخابات الكنيست، هو ما يدفع نصرالله إلى الاعتقاد أن الضغط سيثمر أيضاً تنازلات كبيرة. إقرأ على موقع 180 "هآرتس": مفاوضات الترسيم البحري بلغت طريقاً مسدوداً كلام نصرالله العلني العالي السقف يكشف عن استراتيجية السير حتى النهاية. المشكلة هي أن تبادُل الرسائل مع إسرائيل، بواسطة ضربات عسكرية، يمكن أن يتدهور بسهولة إلى مواجهة شاملة ليس في إمكان أحد السيطرة على مدتها أو نتائجها. محاولة حزب الله مهاجمة منصة غاز بواسطة مسيّرات انتحارية، يمكن أن تؤدي إلى رد إسرائيلي قاسٍ، وربما إلى حرب. طوال أعوام، كان التقدير السائد في إسرائيل أن نصرالله تعلّم من تجربة حرب 2006، ويعرف جيداً قوانين اللعبة غير المكتوبة، ويتجنب الوقوع في سوء الحسابات. الأسابيع الأخيرة طرحت علامات استفهام على هذا التقدير. في هذه الأثناء، جرت هذا الأسبوع محاولة سياسية لتعقيد الصورة. فقد أعلن عضوا الكنيست ياريف ليفين (الليكود) وأوريت ستورك (الصهيونية الدينية) أن أي تسوية لترسيم الحدود البحرية تنطوي، في رأيهم، على تنازلات جغرافية، وليس من صلاحية الحكومة الانتقالية اتخاذ قرار فيها، وأن هذا الأمر يتطلب موافقة الكنيست بأغلبية 80 عضواً. من الممكن ألّا نُفاجأ بالالتزام الأيديولوجي لعضو من الكنيست تقطن في مستوطنة من الخليل، بأرض إسرائيل الكاملة وبمياهها، لكن من الصعب أن نقرأ بهذه الطريقة خطوة الشريك في هذه المبادرة عضو الكنيست ليفين، المقرب من رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو. إذا نضجت الفكرة، من المحتمل أن تكون إشارة واضحة إلى أن نتيناهو يريد إفشال الحكومة في مسألة وطنية حساسة، وإبقاء التوترات الحادة على حالها. وزير الطاقة السابق يوفال شتاينتس، الذي استقال من الحياة السياسية، أوضح الأمور في مقابلة أجريت معه مؤخراً، أنه عندما يكون المقصود المياه الاقتصادية، فإن هذا لا علاقة له بالسيادة، وقرار عادي من الحكومة يكون كافياً”.