حذرت أجهزة أمنية ألمانية من تنامي المد اليميني المتطرف في البلاد، واستغلاله حالة الغضب العامة، تزامناً مع ارتفاع تكاليف المعيشة وأزمة الوقود وانقطاع الغاز، بسبب تبعات الحرب الروسية الأوكرانية ودعم برلين لكييف.
وبحسب صحيفة The Times البريطانية إن المستشار الألماني أولاف شولتز سافر مؤخراً إلى نيوروبين، وهي بلدة ألمانية صغيرة تقع على بعد 40 ميلاً شمال غرب العاصمة برلين، لإلقاء خطاب أمام جمهور من بضع مئات من المواطنين.
لكن شولتز وجد نفسه غارقاً في ضجيج الاستهجان والاستهزاء من نحو 300 متظاهر تجمعوا خارج الطوق حول الميدان، هاتفين: "كاذب"، و"خائن للشعب". تقول الصحيفة: "حتى الآن، هذا طبيعي في ألمانيا اليوم"- بحسب الصحيفة البريطانية.
وأوضحت الأجهزة الأمنية الألمانية أن ليس من بين المتظاهرين أفرادٌ من حزب البديل اليميني الشعبوي فقط، بل أيضاً عدد من الجماعات المتطرفة التي تتراوح بين اليساريين الراديكاليين إلى النازيين الجدد فيما يعرف بـ"منظمة كومبات 18″.
وحذرت السلطات الألمانية من "خريف الغضب". إذ يقول مسؤولون استخباراتيون لصحيفة The Times إن البلاد تواجه شهوراً من الاضطرابات في عاصفة كاملة من الاضطرابات الاقتصادية، وارتفاع أسعار الطاقة، والاضطرابات الجيوسياسية، وتصاعد أصوات اليمين المتطرف في الرأي العام الألماني.
ووصف ستيفان كرامر، رئيس مكتب ولاية تورينغيان في الفرع الشرقي لجهاز المخابرات المحلية الألماني، الحالة المزاجية بأنها "متفجرة". قال: "لدينا الآن مجموعة خاصة جداً من القوى المتطرفة هذا الخريف. لدينا سكان متوترون جداً جداً بعد الجائحة، ولا يزال لديهم الكثير من الغضب في داخلهم. إن المرونة والقدرة على حماية نفسك من الأزمات آخذة في النفاد".
وقال كرامر إن عوامل أخرى مثل الحرب في أوكرانيا، وخطر تدفقات الهجرة المتزايدة بسبب المجاعات في جنوب الكرة الأرضية، وبعض "سيناريوهات الرعب" المناخية الأكثر قتامة كانت تتعزز في مزيجٍ قابل للاشتعال قُدِّمَ كهديةٍ للمتطرِّفين.
وأضاف كرامر"التقاء كل عوامل التوتر هذه على وجه التحديد يجعل الناس يشعرون بعدم الأمان بشكل كبير، وفي بعض الحالات يكونون خائفين على وجودهم ذاته. لا يتعلق الأمر فقط بأنهم مستاءون وغاضبون للغاية- وهذا كله مشروع- ولكنهم أيضاً فريسة ضعيفة جداً للمتطرفين الذين قد يقدمون لهم إجابات ليست في النهاية حقيقية، ولكنها تحرضهم على التطرف".
من جانبه، حثَّ جوتز كوبيتشيك، الكاتب المؤثر ومؤسس معهد سياسة الدولة، وهو مؤسسة فكرية صُنِّفَت رسمياً على أنها متطرفة من قبل مكاتب المخابرات المحلية، مؤيديه على إشعال "خريف غضب حار" من التمرد. كما يحر ض يورغن إلساسر، محرر مجلة Compact، أبرز مجلة ألمانية يمينية متطرفة، على تحالف كبير بين اليسار واليمين الراديكاليين.
وكانت الحكومة الألمانية قد دعت قبل أسابيع إلى التعبئة الوطنية العامة لتوفير الطاقة التي قفزت أسعارها بشكل مهول، في ظل تراجع الإمدادات من روسيا والتي يقض شبح قطعها المحتمل خلال الشتاء القادم، مضاجع الحكومة الألمانية وسائر الحكومات الأوروبية.