اختفت كمية كبيرة من دواء علاج السرطان المناعي "Obdivo" الذي قدمته منظمة ANERA الأمريكية، هبة إنسانية، إلى وزارة الصحة اللبنانية، وكان يفترض أن تكفي لحوالي شهرين ونصف، لكنها اختفت في غضون أسبوعين من وصولها.
وذكرت المنظمة الأمريكية أنها وزعت الأدوية على مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت ووزارة الصحة اللبنانية، لكنها وجدت طريقها إلى السوق السوداء، بعد تورط موظفين في الوزارة.
من جانبه قال رئيس الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية- الصحة حق وكرامة، النائب السابق، الدكتور اسماعيل سكرية، أن الفساد ينخر وزارة الصحة اللبنانية منذ حوالي الثلاثة عقود، بعد "بيع الأدوية في السوق السوداء بالتواطؤ مع موظفين في الوزارة، وهذا ليس مجرد كلام، بل مثبت في وثائق نشرتها في كتابين، فقبل 25 عاماً بدأت أتابع هذا الملف في مجلس النواب وخارجه، حيث مرت العديد من الأحداث المشابهة والموثقة في كتابي، ونتيجة ذلك، تقدمت بدعاوى لا تزال تغط نوماً في قصر العدل، من هنا لم أتفاجأ بالفضيحة الجديدة".
وتحدث سكرية عن قضايا فساد مماثلة منذ سنوات منها "تهريب أدوية سرطان من الكرنتينا وبيعها في السوق السوداء، وإحراق ملفات وهمية لمرضى سرطان كان يجري بيع أدوية بأسمائهم وذلك قبل وصول التفتيش المركزي"، ويضيف "برامج عدة أخذتها الأمم المتحدة على عاتقها بمليارات الدولارات كلها تبخرت نتيجة التنفيعات والسمسرات والسرقات والفساد، كما يكفي الإشارة إلى أن استحداث طابق واحد في مستشفى بعلبك الحكومي كلّف 4 ملايين دولار من أموال قرض من البنك الدولي".
أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، فراس الأبيض، المباشرة في التدقيق بالمعلومات حول فقدان أدوية أمراض سرطانية بعد فترة قصيرة من تسليمها لمستودعات وزارة الصحة.
وأوضح المكتب الإعلامي لوزير الصحة، في بيان، أنّ لجنة تحقيق شكّلها الأبيض بتاريخ السابع عشر من آب الجاري، ومؤلفة من مفتش إداري وعدد من المعنيين في دائرة التفتيش الصيدلي واللجنة الطبية لأدوية السرطان ودائرة المعلوماتية في وزارة الصحة، تواصل «التدقيق بالمعلومات التي تمّ تداولها عبر وسائل الإعلام حول فقدان أدوية أمراض سرطانية بعد فترة قصيرة من تسليمها لمستودعات وزارة الصحة العامة. والأدوية هي التالية: Obdivo، Tecentriq، Ibrance، Xtandi»، لافتاً إلى أنّ اللجنة ستقوم «في فترة أسبوعين بالتدقيق والتحقيق مع المعنيين كافة للتثبت من حصول مخالفات وتحديد المسؤوليات في حال وجدت».
وأكد الأبيض أنّ «الوزارة تأخذ الموضوع بدرجة كبيرة من الجدية، ففي حال تبين أي خرق للقانون وللالتزام الطبي والإنساني والأخلاقي، سيحال الملف على النيابة العامة لإجراء المقتضى»، معتبراً أنّ «ما يشهده ملف الدواء منذ بدء الأزمة المالية يؤكد صوابية ما تسعى إليه وزارة الصحة العامة من تغيير استراتيجي في كيفية تتبع حركة الدواء ومراقبتها من خلال برامج وأنظمة حديثة ممكننة، تبدأ باعتماد رقم صحي للمريض يتيح التدقيق بالملف الطبي في موازاة حصر حركة الدواء من بداية وصوله إلى لبنان حتى تسليمه للمريض أو للمستشفى المعالج».
وفي وقت سابق، قالت منظمة العفو الدولية في ديسمبر الماضي إن "السلطات اللبنانية تتقاعس عن حماية الحق في الصحة والحياة للمواطنين في خضم أزمة مستمرة جعلت المرضى غير قادرين على تحمل تكاليف الأدوية الأساسية، أو الحصول عليها".