" الحب القاتل" آفة تهز المجتمع المصري

اعداد شيماء ابراهيم

2022.08.11 - 07:24
Facebook Share
طباعة

 أسابيع قليلة فصلت بين حادث مقتل الطالبة نيرة أشرف الذي هز الرأي العام في مصر، وبين حادث مقتل سلمي الشوادفي الذي وقع خلال اليومين الماضيين. فقد تقاطع الحادثين في الأسباب والدوافع واختلافا في الزمان والمكان.
كان الدافع وراء الجريمتين هو " الحب" أو " الحب القاتل" كما أطلق عليه نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين حذروا من تداعيات تلك الجرائم على المجتمعات، مطالبين بوضع "إصلاحات مجتمعية عاجلة" لمنع انتشار مثل هذه الآفات في المستقبل.
وفي واقعة مقتل سلمى بهجت، والتي عرفت إعلاميا بـ"فتاة الشرقية"، على يد زميلها إسلام محمد اتهمت النيابة العامة المصرية بقتل المجني عليها "عمدا مع سبق الإصرار والترصد"، وفقا لبيان على موقع "فيسبوك".
وكشفت تحقيقات النيابة ارتكاب المتهم الجريمة بعد ملاحقته المجني عليها لفترة "هددها فيها وذويها بالإساءة لسمعتها وقتلها على إثر رفضهم خطبته لها"، حسب البيان.
وقال المتهم أمام الجهات القضائية، إن الدافع وراء ارتكابه لهذه الجريمة هو تخلي الضحية عنه بالرغم من حبه ودعمه المتواصل لها، وأكد على أنه قرر قيامه بقتل المجنى عليها بدافع الانتقام منها، لسابقة ارتباطهما بعلاقة عاطفية قام خلالها بمساعدتها، إلا أنها قامت مؤخرًا بالتخلى عنه وإنهاء تلك العلاقة دون رغبته، مما أثار حفيظته فاختمرت في ذهنه فكرة قتلها على غرار واقعة مقتل طالبة جامعة المنصورة «نيرة أشرف».
وجاءت تلك الواقعة بعد أقل من شهرين على مقتل نيرة أشرف التي عرفت إعلاميا بـ"فتاة المنصورة"، على يد زميلها في ظروف مشابهة.
من جهتها طالبت النائبة أمل سلامة عضو لجنة حقوق الإنسان بمحاكمة عاجلة للشاب المتهم بقتل " سلمى" فتاة الشرقية، الطالبة بقسم الإعلام كلية الآداب بجامعة الزقازيق، لينال العقاب العادل على جريمته البشعة، بعدما وجه لها 17 طعنة نافذة من الأمام والخلف، مستخدما سكينا أبيض، بمدخل إحدى العمارات السكنية بنطاق دائرة قسم شرطة أول الزقازيق.
وقالت النائبة أمل سلامة أن المجتمع يعانى حاليا من عنف غير مبرر تجاه المرأة، ولابد من وضع حد إلى هذا العنف، موضحة أن فشل العلاقات العاطفية تعد أحد أسباب القتل من جانب الشباب للفتيات وخصوصا طلاب الجامعة، مشددة على ضرورة إجراء تحليل المخدرات لطلاب الجامعات مع بداية كل فصل دراسى، والكشف النفسي على الطلاب، وتنظيم دورات لتأهيل الطلاب نفسيا واجتماعيا، وللتأكد من أن الطلاب لا يعانون من أمراض نفسية، وليس لديهم نزعات عدوانية تهدد أمن واستقرار المجتمع.
وأضافت أن تكرار مثل تلك الجرائم يثير حالة الفزع من جميع المصريين، وهذا يتطلب أن تقوم المؤسسات الدينية " الأزهر والكنيسة" بدورهما لترسيخ المبادئ والقيم والأخلاق فى المجتمع، وأن يقوم المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بإجراء الأبحاث اللازمة للتعرف على أسباب انتشار حالات القتل البشعة، وكيفية علاجها.
وشددت النائبة أمل سلامة على تغليظ عقوبة حيازة الأسلحة البيضاء، والتى ترتكب بها جرائم تهدد حياة المواطنين، مع تكثيف حملات التفتيش فى أماكن التجمعات ووسائل النقل العام والخاص، لتكون رادعا لكل من تسول له نفسه ارتكاب جريمة قتل وترويع المواطنين .
ويعزي استشاري الطب النفسي، الدكتور جمال فرويز، تكرار تلك الحوادث إلى"غياب الوعي وانتشار حب التملك بين الشباب"، نتيجة "اضطرابات شخصية"، بسبب سوء التربية وغياب الإرشاد الأسري.
وأكد في تصريحات صحفية على وجود "قصور فكري في فهم الشباب لمعنى الحب"، مشيرا إلى أن "وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الأعمال الدرامية التي تحض على العنف وغياب الوعي الاجتماعي" من الأسباب الرئيسية لتكرار تلك الحوادث.
ويعلق استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، الدكتور علاء رجب، على تكرار تلك الحوادث، ساخرا من المثل الشعبي القائل "من الحب ما قتل"، ومشيرا إلى "انتشار الروح الانتقامية" بين الشباب نتيجة سوء فهم المعنى الحقيقي للعلاقات العاطفية والحب.
ويرصد في حديثه لموقع "الحرة"، التشابه بين تلك الحوادث فيما يتعلق بـ"التفكك الأسرى، وحداثة السن، وعدم النضوج وغياب الإرشاد الأسرى" لدى المتهمين.
ومن جانبه يشير أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأميركية في القاهرة، سعيد صادق، إلى وقوع تلك الجرائم في "جامعات ريفية حكومية على يد شباب"، سواء فيما يتعلق بقضية فتاة المنصورة أو الشرقية.
وفي تصريحات لموقع الحرة، يتحدث صادق عن "انتشار ثقافة التحرش والذكورية في بعض المناطق الريفية"، في ظل "غياب محاسبة المتحرشين وتبرير فرض الرجل سطوته على المرأة".
حوادث مماثلة مستقبلا؟
تحذير من مغبة تداول وتبرير جرائم "القتل تحت مزاعم الحب" على منصات التواصل الاجتماعي/ صورة تعبيرية
جاءت المعطيات السابقة لتطرح سؤالا جديدا حول تداعيات تلك الجرائم على المجتمع ومدى إمكانية تكرارها في المستقبل.
يحذر علاء رجب من تكرار تلك الجرائم في المستقبل القريب، بسبب "تداولها وتبريرها"، عبر منصات التواصل الاجتماعي، بحثا عن "هوس التريند"، على حد تعبيره.
وتحدث رجب عن مغبة "تبرير جرائم القتل من ذلك النوع وانتشار ثقافة التعاطف مع القاتل"، ما يتسبب في "تقبل المجتمع تكرار تلك الحوادث وعدم النفور منها".
ويؤدي تداول تلك الجرائم وتبرير البعض للقتل وتبرئة المتهم، إلى تكرار الحوادث في المستقبل "دون خوف من العواقب"، وفقا لرأي جمال فرويز.
ويتحدث سعيد صادق عن "بعد أمني استباقي" من شأنه وقف تكرار تلك الجرائم مستقبلا، قائلا "يجب على الشرطة عدم إهمال البلاغات التي تتعلق بالتحرش والعنف ضد المرأة"، معتبرا أن "التقاعس في التعامل مع تلك البلاغات" يؤدي لتكرارها وانتشارها.
إصلاحات مجتمعية
تحدث خبراء علم النفس والاجتماع عن "سلسلة من الإصلاحات المجتمعية المتكاملة" التي من شأنها التصدي لتكرار تلك الحوادث ومنع تكرارها في المستقبل.
ويشير جمال فرويز إلى الحاجة الماسة لـ"تدشين منظومة متكاملة لتوعية الشباب والفتيات بالمعنى الحقيقي للقيم الإنسانية"، عبر منصات التواصل الاجتماعي والأعمال الدرامية والبرامج التوعوية.
فيما أوضحت النائبة نشوى الديب أنها ناشدت رئيس مجلس النواب عقب الحادث المؤلم، بضرورة سرعة إصدار القانون الموحد للعنف ضد المرأة.
وتضيف، “القانون لم يناهض العنف ضد المرأة وفقط وإنما يناهض العنف المجتمعي عموما، وخصوصاً مع تزايد حالات العنف وانتشارها في المجتمع”.
وتوضح أن القانون يمكن ألا يتم النظر فيه خلال هذه الدورة والتي ستنتهي قريباً، على أمل أن تتم مناقشته في الدورة الجديدة والتي ستبدأ في الأسبوع الأول من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
ووثق مرصد جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي، التابع لمؤسسة “إدراك للتنمية والمساواة”، 813 حالة عنف ضد النساء والفتيات في مصر خلال عام 2021، مقارنة مع 415 حالة في عام 2020، بزيادة تبلغ نسبتها 96 في المئة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 5