نجحت الوساطة الدولية بقيادة مصر في وقف إطلاق النار بين حركة الجهاد الإسلامي والاحتلال في قطاع غزة، واستمر القتال لمدة ثلاثة أيام، ارتقى خلالها 43 شهيداً، ومئات المصابين، بالإضافة إلى الدمار الذي طال الكثير من المباني السكنية.
وافتعلت حكومة الاحتلال بقيادة لابيد أزمة مع حركة الجهاد لاكتساب شعبية في مواجهة معايرة منافسيه الإسرائيليين له بأنه لا يملك سجلاً عسكرياً قوياً أو خبرة في المناصب الأمنية العليا، أو لتصنيفه مدنياً جاهلاً، عليه أن يترك هذه الأمور لمحترفين حقيقيين، حسب وصف صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
وسادت حالة من الجدل في إسرائيل بشأن تقييم المعركة ودوافعها السياسية المرتبطة بانتخابات الكنيست التي ستجري في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. حيث أشارت تقارير عبرية إلى أنه بالإضافة إلى الوساطة المصرية، هناك عدة أسباب لتحقيق وقف إطلاق النار الذي استمر ثلاثة أيام.
أولا، تحقيق إسرائيل أهدافها والخروج سريعا من المعركة قبل انضمام الفصائل الفلسطينية الأخرى إلى المعركة، ويأتي الهدف الرئيسي من تلك المعركة هو تحقيق مكاسب للانتخابات البرلمانية من خلال هذا الصراع.
وقالت تقارير عبرية أن في هذه الجولة من العمليات العسكرية، قام لابيد "بأداء جيد للغاية"، حيث تخلص من صفات وصفته المعارضة بها دائما، والمتمثلة في نقص الخبرات العسكرية، والسذاجة السياسية، وكسب المكاسب السياسية.
وعلى الرغم من التأييد الواسع في أوساط الإسرائيليين للحرب على غزة، فإن هناك تباينا بالمواقف بشأن تحقيق أهداف العملية التي أطلق الاحتلال عليها "بزوغ الفجر" حيث يوصف ما أنجر بـ "النجاح الجزئي" وليس "الانتصار" بسبب عدم الحسم على جبهة غزة، وكذلك بفعل المخاوف التي رافقت المستويين السياسي والعسكري طيلة العملية من سيناريو الانجرار إلى مواجهة شاملة طويلة الأمد في حال انضمام حماس إلى المعركة.
وعلى الصعيد السياسي والهدف الانتخابي من العدوان على غزة، يقول أبو ارشيد "الاعتقاد السائد بالمجتمع الإسرائيلي هو أن لبيد وغانتس نفذا عملية نوعية ناجحة دون خسائر، لكن دون النجاح بالقضاء على المقاومة في غزة أو تقويضها، وعليه سيرافق هذا السجال أيضا الحملة الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية، علما بأن غالبية العمليات العسكرية ضد غزة كان لها أهداف انتخابية".
وترى غاييل تلشير، من الجامعة العبرية (القدس) إن لبيد الآن في موقف أقوى من قبل حيث أن عدم امتلاكه الخبرة الأمنية الكافية كان أبرز الانتقادات التي وجهت إليه سابقاً.
ويتعتبر الإسرائيليون ذلك نقطة ضعف لدى لبيد، بعكس رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، الذي يقدم نفسه لانتخابات تشرين الثاني/نوفمبر كـ"أحد الصقور" القادرين على ضمان أمن الإسرائيليين. وبدا أن لبيد نجح في التخلص من هذه الصورة والقول إنه قادر أيضاً على الردّ سريعاً واستباق ضربات وشيكة تخطط لها الحركات الفلسطينية.
ويقول الخبير السياسي تال شنيدر إن ما حدث بين الجمعة والأحد الماضيين "ضروري جداً لحملة لبيد الانتخابية" ويضيف أن "امتلاك خبرة عسكرية يساعد في الانتخابات".
وكان لبيد هو الذي هندسَ ائتلافاً سياسياً، تمكن من وضع حدّ لاثنتي عشرة سنة من حكم نتنياهو. ومن المتوقع أن يحصل حزبه "هناك مستقبل" على ثاني أكبر كتلة في البرلمان خلال انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر، ما قد يعطيه فرصة لتشكيل حكومة جديدة.
فيما تناولت مجلة "إيكونوميست البريطانية الهجوم الإسرائيلي على غزة، بأنه تم التخطيط له مسبقا بشكل جيد ولم يكن مفاجئا على الإطلاق، إذ أقدمت إسرائيل في الخامس من أغسطس/آب الجاري على شن سلسلة من الغارات السريعة بطائرات مسيرة على قطاع غزة أسفرت عن مقتل قائد في حركة الجهاد الإسلامي.
وتقول المجلة البريطانية إنه إذا نجحت الحملة العسكرية القصيرة على غزة في إضعاف حركة الجهاد الإسلامي وإبقاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خارج المعركة من دون أن تتسبب في سقوط قتلى في صفوف الإسرائيليين، فإن ذلك من شأنه تعزيز الثقة في قدرات لبيد الأمنية.
وتخلص المجلة إلى أن خطة لبيد لتعزيز حظوظه في الانتخابات من خلال الهجوم على غزة تنطوي على مخاطرة، فلطالما كان لقطاع غزة طريقته في الإطاحة بالقادة الإسرائيليين في الوقت الذي لا يتوقعون فيه ذلك.