فيما يراهن انصار حلف الممانعة في بيروت على كلام السيد حسـ ـن نصـ ـر اللـ ـه عالي السقف بخصوص منع اسرائيل من استخراج النفط والغاز من مياه المتوسط إن لم يجري السماح للبنان القيام بالامر نفسه، تشير مصادر ديبلوماسية الى أن غرور القوة يمنع الاميركيين من رؤية الحقائق اللبنانية وهم يراهنون على عقلانية ايرانية لا مصلحة لها في دفع تكاليف حرب لبنانية مع اسرائيل.
هذا الغرور مصدره اسرائيلي، اذ يتنبى الطاقم الامني في البيت الابيض دون كثير عناء الرؤية الاسرائيلية للوضع اللبناني وهي رؤية ترى في استمرار الحصار على لبنان اقتصاديا وماليا وخدماتيا وسيلة فضلى لتجنب الحرب الواسعة ولتدمير الخطر الذي يمثله حـ ـز ب الـ ـله على أمن اسرائيل.
وفي حين يرى ديبلوماسي غربي أن الفرنسيين يصدقون نصـ ـر اللـ ـه ولا يراهنون على إيـ ـران لمنعه من ضرب اسرائيل لان الحرب في لبنان تقررها اسرائيل لا حـ ـز ب الـ ـله ولا ايـ ـران كون الجوعى لبنانيون والمعتم على بيوتهم هم اللبنانيين وبالتالي كلام نصـ ـر اللـ ـه يوصف الواقع الحقيقي لفئة واسعة من اللبنانيين وهي أن الحرب قد تحمل الامل باصلاح الاوضاع الحياتية والمعيشية لهم وأما الاستمرار بفعل اللاشيء ردا على الحصار الاسرائيلي المصدر الاميركي التنفيذ فهو يعني الدمار الحتمي.
المصدر الديبلوماسي الضليع بالشأن اللبناني والذي علق على معلومات صحيفة تصف قرار الصقور في الكيان الاسرائيلي والإدارة الأمريكية بالمتعنت والغير مصدر لتهديدات نصـ ـر اللـ ـه ، وهم ليسوا في وارد التنازل السريع ولن يسعوا الى الافساح بالمجال لمفاوضات مثمرة وإيجابية في موضوع ترسيم الحدود البحرية (اللبنانية – الفلسطينية) وحقوق وصلاحيات استخراج الغاز والنفط من المنطقة، بل يبدو من المعلومات المتاحة للديبلوماسيين أنهم مستمرون في ممارسة الضغط الأقصى على لبنان خلال الأسابيع الاربعة القادمة على أقل تقدير، وإيصال الملف إلى حافة الهاوية قبل البدء بمفاوضات جادة وحقيقية هدفها دفع الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي وبدفع من جبران باسيل ونبيه بري الى تقديم تنازلات للاسرائيلي بحيث يحصل التبني اللبناني لمطالب اسرائيل فتنزع الحكومة بثلاثي المرعوبين من العقوبات الاميركية قصة الحرب من يد السيد نصـ ـر اللـ ـه.
ويؤكد الديبلوماسي أن الاسرائيليين يرون في استمرار الدفع بالأزمة اللبنانية اقتصادياً ومعيشياً إلى حافة الهاوية، أفضل طريقة لتحسين الشروط "الاسرائيلية"، كما أنها ستجبر المفاوض اللبناني على التنازل عن السقف العالي جداً الذي حشر فيه الأمين العام لحـ ـز ب االـ ـله جميع الأطراف خلال كلمته يوم الأربعاء الماضي، ويبدو أن التهديدات الواضحة التي أطلقها السيد نصـ ـر اللـ ـه قد وصلت إلى الرئاسة الامريكية بشكل واضح أيضاً، حيث أنه وخلافاً للعادة فإن كل البيانات المشتركة التي صدرت عن لقاءات بايدن مع جميع الأطراف في الكيان الاسرائيلي والسعودية، قد تضمنت فقرة ضد حـ ـزب اللــه (ظهر من خلال تحليل مضمونها أنها حشرت حشراً في تلك البيانات)، باستثناء بيان قمة جدة التي يبدو أن المؤتمرين راعوا فيها الوجود العراقي وتجنبوا إحراجه من خلال الاشارة المباشرة لحـ ـز ب الـ ـله واكتفوا بالتلميح.
أذا السباق الآن هو بين الغباء الاسرائيلي وبين صواريخ لبنانية تنطلق بقرار يعارضه الرسميون وقد يكون أيلول الاسود في التاريخ العربي تاريخا ليوم أسود للغاز الاسرائيلي الذي تنتظره اوروبا، فهل يتراجع نصـ ـر اللـ ـه تحت ضغط الرؤساء الثلاثة ام تتراجع اميركا واسرائيل بعد فشل مشهد القمة الثنائية الايرانية الروسية في طهران؟
ونقول ثلاثية لان وجود أردوغان في القمة تلك لم يكن بذات الاهمية لتلك التي شملت بلدين يخوض كل منهم حربا فعلية في ساحة واحدة على الاقل مع ادوات أميركية سواء مباشرة (بالنسبة للروس) او عبر الصراع الأمني كما هو حال الايرانيين.