لطالما ارتبط مفهوم التربية مع وجود المرأة، فعندما نتحدث عن الطفل، نتحدث عن الأم مباشرة، دون أن نلقي الضوء على دور الأب في هذه التربية، وأهمية دوره في بناء شخصية الطفل.
فقد يلقي على عاتق المرأة مسؤولية التربية كاملة، ليس فقط لأنه مشغول بتوفير لقمة العيش، بل قد يكون جهلاً منه بأهمية وجوده في مراحل تربية الطفل، وما يخصه في بناء شخصيته بشكل متوازن. فالأسرة المكونة من زوج وزوجة وأبناء، تحتاج إلى منهجية خاصة ودعائم قوية في علاقاتها في ما بينها، وفي معاملاتها مع أفرادها، حتى تستطيع تحقيق السعادة وتحصيل الغايات والأهداف المنشودة.
إن وجود الأب في حياة الأطفال، يعني الحماية والرعاية، يعني القدوة والسلطة والتكامل الأسري، فالأطفال بحاجة إلى أن يشعروا بأن هناك حماية ورعاية وإرشاداً يختلف نوعاً ما عما يجدونه عند الأم، وبأن الأب هو الراعي الأساسي للأسرة، وهو المسؤول عن رعيته، فوجود الأب كمعلم في حياة الطفل، يعتبر من العوامل الضرورية في تربيته وإعداده
وفي السياق ، أكد الاخصائي بالأمراض النفسية الطبيب السوري همام عرفة أن للأب دوران جوهريان في الأسرة من الناحية التطورية النفسية وهما:
١-الفصل بين الأم و ابنها، و بذلك يمنع إلتحامها الحتمي و تماهي الطفل مع أمه.
٢- يمثل الأب السلطة و القانون في البيت.
و بذلك تتكون لدى الإبن الأنا العليا.
وأضاف الاخصائي بالأمراض النفسية : إن الخلل في الوظيفة الأولى كأن يكون دور الأب ضعيفا مهمشا،و تكون الأم شخصية قوية قائدة، يؤدى إلى علاقة ثنائية نتيجتها بعمر الشباب الفصام أو أمراض اخرى.
و أما الخلل في الدور الثاني فيؤدي إلى عدم بناء الأنا العليا بشكل صحيح عند الإبن.
وتابع: فإن ضعفت الأنا العليا و كانت رخوة كانت النتيجة أن الإبن سيكون سايكوباتيا أي مصابا بإضطراب شخصية معادية للمجتمع،أو أن الأم ستعاوض و تبني الأنا العليا لإبنها بغياب دور الأب الذي يتوقع منه أن يحقق التوازن. فستقوم بدور معاوض واعي أو لا واعي يقود لبناء أنا عليا قوية صارمة أكثر مما ينبغي و هذا سيتظاهر قريبا فيما بعد بالوسواس القهري،أو اضطراب الشخصية الوسواسية.
وأكد الطبيب إن معرفة الخلل العلاقاتي بين : الأم-الإبن-الأب (الإبنة) يمكن طبيب النفسية بشكل شبه مؤكد من معرفة نوع المرض النفسي الذي سيصاب به الإبن، في المستقبل.
وختم الطبيب: للوراثة الصبغية دور لا يمكن تجاهله،بيد أن الوراثة الإجتماعية التطورية عبر تعلم نواة المرض النفسي من الأم له الدور الأكبر.