رغم عدم توصل المفاوضات المستمرة على مدار الشهور الماضية إلى نتيجة رسمية في أزمة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وصلت السفينة “إينرجيان باور” لإنتاج الغاز الطبيعي إلى حقل كاريش المتنازع عليه بين لبنان والاحتلال، وكأن اسرائيل تستخدم سياسية الأمر الواقع بعدما فشلت الوساطة الأمريكية في التوصل إلى حل سياسي.
وأفادت مصادر صحفية أن سفينة واحدة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه تابعة لـ ENERGEAN POWER دخلت حقل كاريش وقطعت الخط 29 وأصبحت على بعد 5 كلم من الخط 23، وسط تساؤلات شعبية وسياسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن دور الحكومة في وقف الخروقات الاسرائيلية.
وعقب الرئيس اللبناني ميشال عون على تلك الخطوة بأن المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية لا تزال مستمرة وأي عمل أو نشاط في المنطقة المتنازع عليها يشكل استفزازاً وعملاً عدائياً.
من جانبه قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني، نجيب ميقاتي، إن تعدي إسرائيل على ثروة البلاد المائية وفرض أمر واقع في منطقة متنازع عليها أمر في منتهى الخطورة.
وأوضح ميقاتي أن "محاولات العدو الإسرائيلي افتعال أزمة جديدة، من خلال التعدي على ثروة لبنان المائية، وفرض أمر واقع في منطقة متنازع عليها ويتمسك لبنان بحقوقه فيها، أمر في منتهى الخطورة، ومن شأنه إحداث توترات لا أحد يمكنه التكهّن بتداعياتها". محذرا من تداعيات أي خطوة ناقصة، قبل استكمال مهمة الوسيط الأمريكي، التي بات استئنافها أكثر من ضرورة ملحة.
ودعا ميقاتي الأمم المتحدة وجميع المعنيين إلى تدارك الوضع وإلزام العدو الإسرائيلي بوقف استفزازاته، مؤكدًا أن الحل بعودة التفاوض على قاعدة عدم التنازل عن حقوق لبنان الكاملة في ثرواته ومياهه.
من جانبها؛ غرّدت خبيرة النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان قائلة: “دقت ساعة الحقيقة وبعد 416 يوماً من عدم توقيع رئيس الجمهورية مرسوم تعديل المرسوم 6433، وبعد 34 يوماً على انطلاق المنصة العائمة ها نحن أمام الواقع المرير: وصلت إينرجيان باور إلى كاريش بعد شبك المنصة بالبنى التحتية ستحتاج إلى شهرين/ثلاثة أشهر لبدء الإنتاج ونكون خسرنا أكبر ورقة للتفاوض”.
وكشف رئيس الوفد التقني العسكري المفاوض حول الحدود البحرية الجنوبية العميد الركن بسام ياسين أن الباخرة اليونانية التي ستعمل على الغاز من حقل “كاريش” باتت قبالة مدينة حيفا وأنها سترسو فوق الحقل النفطي والغازي في “كاريش”. موضحا أنها وخلال مدة زمنية من شهر إلى شهرين وإلى ثلاثة أشهر على الأكثر ستسحب الغاز من هناك.
وطالب ياسين، في تصريح صحفي، الدولة اللبنانية بـ”تعديل الاحداثيات بالمرسوم 6433 بما يتلاءم مع الخط 29 وإبلاغ الأمم المتحدة بهذا التعديل قبل فوات الاوان، وباستطاعة كل من وزير الخارجية أو رئيس مجلس الوزراء أو رئيس الجمهورية إرسال هذه الرسالة كما ينبغي توجيه انذار إلى شركة التنقيب اليونانية بعدم بدء العمل في هذا الحقل لأنه يتم في منطقة متنازع عليها”.
وتابع: “إذا لم يتم تعديل المرسوم فإننا مقبلون على أيام صعبة ويبقى القرار للدولة والمقاومة ولا ترف للوقت عندنا”، منوها بمواقف مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم وتمسكه بالخط 29، مضيفا: “ما من وطني لبناني الا وعليه التمسك بهذا الخط لان عدم التمسك به يعني مسا بالسيادة الوطنية والثروة البحرية اللبنانية”.
وتجدر الإشارة إلى أن لبنان أودع الأمم المتحدة قبل أسابيع، رسالة يؤكد فيها تمسكه بحقوقه وثروته البحرية، وأن حقل “كاريش” يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها، وجرى تعميمها في حينه على كل أعضاء مجلس الأمن كوثيقة من وثائق المجلس تحت الرقم S/2022/84 بتاريخ 2 شباط 2022 وتم نشرها بحسب الأصول. وطلب لبنان في الرسالة من مجلس الأمن عدم قيام إسرائيل بأي أعمال تنقيب في المناطق المتنازع عليها، تجنبا لخطوات قد تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين.