مصر لـ اسرائيل: حلف غاز نعم، نقاتل ايران لا!!

ياسر عاصي- بيروت

2022.05.24 - 04:01
Facebook Share
طباعة

في إطار الخطة التي تسعى إسرائيل لتطبيقها والتي تتضمن رسم خريطة جديدة للتحالفات السياسية بين دول الشرق الأوسط والانخراط بداخلها، تسعى دولة الاحتلال إلى تحويل الصراع من  الصراع بين العرب وإسرائيل - الذي بدأ مع صعود المشروع القومي الصهيوني منذ ما قبل عام 1948، والاستيلاء على فلسطين وأراض عربية أخرى - إلى صراع بين العرب وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى. واستغلت إسرائيل مشروع إيران النووي وسياساتها الإقليمية لبناء تحالفاتها السياسية والسعي قدما نحو هذه الخطوة.

وفي إطار هذه الخطوة؛ عقد وزراء خارجية إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية ومصر والمغرب والإمارات والبحرين اجتماعًا في كيبوتس "سديه بوكير" في النقب، يومَي 27-28 آذار/ مارس 2021، فيما اعتذرت الأردن عن الحضور رغم دعواتها.

وحتى الآن لم يصدر عن المؤتمر بيان مشترك؛ ما يشير إلى خلافات متعلقة غالبًا بـالصياغات بين الأطراف المشاركة فيه. أو أن مقرراته سرية وليست للأعلان.

وكشفت مصادر صحفية لوكالة أنباء آسيا، أن الاجتماع لم يصدر عنه بيان مشترك حتى الآن نتيجة لخلاف سياسي بين مصر وإسرائيل، بعدما فشلت الاخيرة في فرض أجندتها على الاجتماع، إلى جانب فشلها في إقناع مصر أن تكون طرفا فاعلا في التحالف العسكري  العربي - الإسرائيلي ضد إيران.

وبحسب المصدر ذاته، فالتردد المصري الخاص بالمشاركة في اجتماع النقب، قائم على أن مصر رأت أن هذا الاجتماع يمنح إسرائيل دورًا قياديًّا في المنطقة على حسابها. إضافة إلى ذلك، لا تُبدي مصر ارتياحًا لمقترح إسرائيل بشأن بناء منظومة دفاع جوي في عدد من الدول العربية لمواجهة الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية التي يمكن أن تستهدف إسرائيل، وكذلك إقامة نقاط ومكاتب لأجهزتها الأمنية في العديد من الدول العربية، تحت غطاء التنسيق الأمني والاستخباري.

وإلى جانب قضية إيران  ناقش الاجتماع  قضايا أخرى تهمّ خصوصًا مصر والمغرب، وأهمها تداعيات حرب روسيا في أوكرانيا على أسعار النفط والقمح والمواد الاستهلاكية الأساسية الأخرى، التي يُتوقع أن تكون كبيرة في مصر، فضلًا عن قضية الصحراء الغربية التي عادت إلى الواجهة بقوة، منذ أن قررت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الاعتراف بسيادة المغرب عليها عام 2020، في مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل- بحسب المصدر.

وعلى مدار العام الماضي وحتى الآن تمارس إسرائيل ضغوطا كبيرة خشية من عودة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الاتفاق النووي مع إيران،  لكن في المقابل يبدو أن تلك الممارسات والمحاولات باءت بالفشل؛ فالمفاوضات بين إيران والدول الغربية مستمرة وتقترب من إعلان اتفاق تعود بموجبه إيران إلى التزاماتها النووية، في مقابل رفع الجزء الأكبر من العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

وفي إطار ذلك ومع اقتراب العودة إلى الاتفاق النووي، ضاعفت إسرائيل جهودها لتعزيز العلاقات مع عدد من الدول العربية، وخصوصًا الدول التي وقّعت معها "اتفاقات أبراهام"، عام 2020، بهدف التوصل إلى أرضية مشتركة لإقامة تحالف سياسي وأمني بين إسرائيل وبعض الدول العربية ضد إيران.

وقطعت إسرائيل شوطًا في هذا المسار؛ واستطاعت في إطار تطبيع علاقاتها مع الإمارات والبحرين والمغرب، في الارتقاء بهذه العلاقات إلى درجة التحالف. حيث تنامت الزيارات التي قام بها مسؤولون أمنيّون إسرائيليون إلى هذه الدول خلال الفترة الأخيرة، وقد جرى خلالها توقيع عدد من  الاتفاقات الأمنية وكذلك تنظيم مناورات عسكرية مشتركة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، أكدت وزارة الخارجية البحرينية في 12 شباط/ فبراير 2022، تعيين ضابط ارتباط إسرائيلي في البحرين، في إطار ترتيبات متصلة بإنشاء تحالف دولي لـ "تأمين حرية الملاحة في المياه الإقليمية للمنطقة". وفي 9 آذار/ مارس 2022، زار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، البحرين، وناقش خلال زيارته آليات التنسيق والتعاون الأمني بين البلدين.

وقد قام وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، بأول زيارة علنية للمغرب، وقّع خلالها مع نظيره الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، أول اتفاقية أمنية بين البلدين؛ وذلك لفتح الطريق أمام بيع الكيان الإسرائيلي السلاحَ للمغرب، وجرى الاتفاق على إنشاء لجنة مشتركة من أجل تبادل المعلومات الاستخبارية والبحوث والتدريب العسكري المشترك.

فضلاً عن مشاركة 60 دولة، من بينها إسرائيل، إلى جانب الإمارات والبحرين والمغرب، في مناورات بحرية في الخليج العربي والبحر الأحمر في شباط/ فبراير 2022، ، بتنظيمٍ وإشراٍف للقيادة الوسطى في الجيش الأميركي.

ويرى مراقبون أن إسرائيل استغلت جملة من المتغيرات للتقارب مع بعض الدول العربية، الخليجية، في إطار تكوين تحالف ضد إيران، أبرز تلك المتغيرات: " أولًا، تزايد الحديث عن تراجع الاهتمام الأميركي بمنطقة الخليج والشرق الأوسط، وتوجه الولايات المتحدة إلى الانسحاب التدريجي منها، في مقابل زيادة تركيزها على الصين، ومنطقة جنوب شرق آسيا وتاليا أوروبا بعد الحرب الأوكرانية.

ثانيًا، اقتراب العودة إلى الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة دول "5+1"، بما يترتب عليه من رفعٍ للعقوبات عن إيران، وهو ما يساهم في زيادة نفوذها ودورها في المنطقة، وزيادة قوتها أيضًا، خاصة مع اقترابها من التحول إلى دولة "عتبة نووية"".

الجدير بالذكر أن العلاقات بين دول الخليج وبخاصة السعودية والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية تشهد توترا  وفتورا منذ وصول إدارة بايدن إلى السلطة في كانون الثاني/ يناير 2021، على خلفية امتناع الرئيس بايدن عن التواصل مع وليّ العهد السعودي، وسماحه بنشر ملخص استخباراتي أميركي يحمّله مسؤولية إصدار أوامر بقتل الصحافي جمال خاشقجي وهو أمر تم تجاوزه مؤخرا تحت ضغط الحاجة الأميركية للنفط الخليجي.

وكشف مصدرا مطلعا أن بالرغم من أن اسرائيل لم  تحقق هدفها الرئيسي من اجتماع النقب، وهو بناء تحالف لمواجهة إيران، نتيجة تحفّظ مصر عن تلك "الفكرة"، إلا أنها  اعتبرت أن مجرد عقد الاجتماع يمثّل إنجازًا سياسيًّا ودبلوماسيًّا كبيرًا بالنسبة إليها، خاصة أنه قد عُقد في كيبوتس "سديه بوكير" الذي اتخذه دافيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، ومؤسس الجيش الإسرائيلي، والمسؤول الأكبر عن نكبة فلسطين، وعن طَرْد الفلسطينيين من أرضهم، وعن ارتكاب المجازر في حقهم، مقرًا له بعد تقاعده.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 1