يشهد لبنان أزمة في القمح من جديد، الأمر الذي تسبب في خلق طوابير طويلة أمام الأفران بعدما كانت أختفت خلال الفترة القليلة الماضية.
وتسببت تلك الأزمة في بلبلة بين اللبنانيين، ترجمت بالتزاحم على شراء الخبز، الأمر الذي أدى إلى خلق طوابير طويلة أمام الأفران التي أجبر بعضها على الإقفال بعد نفاذ مخزونها.
من جانبه أكد نقيب أصحاب صناعة الخبز في لبنان أنطوان سيف، في تصريحات صحفية، أن أزمة الخبز حقيقية وسببها النقص في وجود الطحين لدى المطاحن بسبب عدم دفع مصرف لبنان المستحقات للموردين في الخارج.
ولفت إلى أن هناك قمحاً في المطاحن بقيمة 8 مليون دولار ولا يمكن التصرف به لتسليم الطحين للأفران لأن ثمنه غير مدفوع بعد.
وأعلن سيف أن ست مطاحن متوقفة عن العمل وبعض الأفران أقفل بسبب فقدان الطحين لديه، فيما هناك ضغط كبير على الأفران التي لا تزال تعمل، معرباً عن تخوفه من مشاكل بين المواطنين في الأفران بسبب الضغط الحاصل.
فيما أوضح رئيس نقابة أصحاب المطاحن في لبنان أحمد حطيط" أن "مصرف لبنان المركزي حوَّل الأسبوع الماضي أموالاً لأربع بواخر فقط من أصل ثمانية ترسو في البحر، وذلك لقوله إن مبلغ الـ21 مليون دولار الذي أقرّه مجلس الوزراء لا يغطي إلّا 4 بواخر لا أكثر، وبالتالي فإنّ الكميات التي أُمِّنت من القمح وُزِّعَت على أربع مطاحن من أصل 12 مطحنة في لبنان، الأمر الذي قسَّم المشهد بين مطاحن تملك قمحاً مدعوماً، بعكس المطاحن الأخرى، وبالتالي فإن الأفران التي يتوافر عندها الطحين هي فقط التي تخبز بشكل عادي".
ويشير حطيط في تصريح صحفي إلى أن الأزمة الأكثر حدّة تقع في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، باعتبار أن المطاحن التي يتعاملون معها لا يتوافر عندها القمح المدعوم، وهي مقفلة منذ يوم السبت الماضي، ولا يمكن أي مطحنة أن تحلَّ مكان الأخرى.
ويقول رئيس نقابة أصحاب المطاحن إن "وزير الاقتصاد أمين سلام، أبلغنا أول من أمس عند اجتماعنا معه أنه لن يسمح بأن تحصل أزمة خبز في البلاد، وأنه سيطرح الموضوع على مجلس الوزراء في الجلسة الأخيرة للحكومة، على أساس أنّها تُعقَد اليوم الخميس، لكنها أرجئت إلى الجمعة، ولم يتواصل أحد معنا للبحث في المسألة، ونستبعد أن يحتمل الوضع حتى هذا التاريخ، في وقت أن نصف المطاحن متوقف عن العمل".
من جانبه حذر رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في محافظة النبطية، حسين وهبي مغربل، من "الوقوع في أزمة رغيف بسبب عدم استيراد القمح وفتح الاعتمادات من قبل مصرف لبنان"، معتبراً "أننا نعيش في بلد الأزمات من الخبز إلى البنزين والطبابة والدواء والقمح والطحين، ولا من يعير أهمية لصرخات المحرومين والفقراء والمعدمين".
وتساءل: "من يردع كارتيلات النفط ومن يرفع أسعار البنزين حتى لا يستطيع الموظف والمعلم التوجه إلى عمله لأن راتبه بات يساوي ثمن صفيحتي بنزين".
وطالب مغربل، "الحكومة قبل أن تصبح في خانة تصريف الأعمال أن تردع المخلين بالامن الغذائي، لأنه من الكبائر والمحرمات المس بلقمة عيش المواطن وغلاء الأسعار تحت عنوان ارتفاع الدولار"، وأشار إلى أن "هناك أصحاب متاجر ومحطات اغتنوا على حساب الفقراء في ظل لعبة الدولار المخيفة والمقنعة، ولا من يردع التجار الفجار ومن يلعب بالدولار ويعرض الأمن الغذائي للخطر".
وكان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، الأربعاء، قد ترأس اجتماعاً خُصِّص للبحث في موضوع الأمن الغذائي وزراعة القمح، وعلى أثره أكد وزير الاقتصاد أمين سلام العمل على مشروع بالتنسيق بين وزارتي الزراعة والاقتصاد من أجل مستقبل القمح في لبنان الذي لديه الإمكانات والنية لزيادة الإنتاج المحلي من القمح الطري الذي يستعمل لصناعة الخبز.
وقال سلام: "بدأنا منذ يومين نسمع بأن هناك تخوفاً من نقص في مادة القمح، وأريد أن أطمئن إلى أنّ آخر دفعة فتحت كاعتماد من مصرف لبنان حرر منها تقريباً نحو 21 مليون دولار لدعم نحو 45 ألف طن من القمح، والموجود الآن في لبنان ما يقارب 40 ألف طن".
ليس ملف القمح الوحيد الذي يشكّل أزمة معيشية في لبنان، حيث أن هناك أزمة العتمة الشاملة على الأبواب بسبب نفاد مادة المازوت وتوقف معملي دير عمار الحراري والزهراني عن العمل.