تعاني مصر من هجرة الأطباء بسبب مجموعة من الأزمات التي لم تعر الدولة لها اهتماما، وكشفت نقابة الأطباء في مصر عن استقالة 11 ألفًا و536 طبيبًا من العمل بالقطاع الحكومي منذ 2019، وحذرت في تقرير لها من استمرار عزوف الأطباء عن العمل بالقطاع الحكومي وتزايد سعيهم للهجرة خارج مصر، مشددة على أنها رصدت استقالة 934 طبيبًا منذ بداية العام الجاري حتى 20 مارس الماضي.
وتوصلت الدراسة وقتها إلى أن أعداد الأطباء البشريين المرخص لهم بمزاولة مهنة الطب حتى آخر عام 2018 بدون الأطباء على المعاش، كان 212 ألفًا و835 طبيبًا، فيما من كان يعمل وقتها فعليًا في مصر بالجهات المختلفة التي تشمل وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية الحكومية والخاصة إلى جانب جامعة الأزهر والمستشفيات الشرطية يبلغ 82 ألف طبيب فقط بنسبة 38% من القوة الأساسية المرخص لها بمزاولة مهنة الطب.
وانتهت الدراسة إلى أنه في ضوء تلك الاحصائيات يكون معدل الأطباء في مصر 8.6% طبيب لكل عشرة آلاف مواطن بينما المعدل العالمي 23 طبيبًا لكل عشرة آلاف مواطن.
وقالت النقابة في تقريرها إنه بعد مرور ثلاث سنوات على إصدار تلك الدراسة، وبعد تنفيذ بعض توصياتها مثل؛ زيادة أعداد المقبولين بكليات الطب، وإنشاء كليات طب جديدة حكومية مثل «العريش» و«الوادي الجديد»، وخاصة مثل «ميريت» و«النهضة» ، إلا أن الأرقام والإحصائيات تؤكد أن «الوضع ما زال سيئًا بل ويتجه للأسوأ».
وتختلف أزمة نقص اﻷطباء بحسب المكان. في المحافظات النائية، وفي القرى البعيدة عن المدن المركزية، تعاني المستشفيات من نقص عام في جميع التخصصات الطبية. وفي المقابل، تتمتع المحافظات والمدن المركزية بنسبة عالية من اﻷطباء. بحسب تقدير مقرر اللجنة القانونية لنقابة اﻷطباء في 2013، 45% من مجموع الأطباء يعملون في القاهرة الكبرى.
وفي تصريحات صحفية سابقة قال الدكتور محمد رشاد، طبيب أمراض الكلى، أن السبب الرئيسي وراء عزوف اﻷطباء عن العمل في وزارة الصحة يرجع باﻷساس إلى عدم ملائمة المقابل المادي بالنظر إلى حجم مسؤولياتهم.
يشير طبيب أمراض الكلى إلى غياب مقابل مادي عادل كان موجودًا طوال الوقت، لكنه كان يتوازن بالطريقة العرفية التي تعمل بها المستشفيات الممتلئة باﻷطباء. يتوزع اﻷطباء في الوحدات والمستشفيات على أيام عمل اﻷسبوع والنبطشيات فيها. يتكفل كل منهم بالعمل في يومين أو ثلاثة مقابل عدم حضوره باقي أيام اﻷسبوع. صحيح أن هذه الطريقة تخالف القانون، لكنها كانت عادلة بالنسبة للأطباء، بحسب رشاد. المقابل المادي الذي تمنحه الحكومة يصبح أكثر عدلًا مع انخفاض أيام العمل بما يمنح الفرصة للأطباء للعمل في القطاع الخاص وتحسين دخولهم. هذا التوازن كان يحافظ على رغبة اﻷطباء في الاستمرار بالعمل في وظائفهم الحكومية رغم المقابل المادي الضئيل.
وبحسب النقابة شهد عام 2021 استقالة أكبر عدد من الأطباء من الحكومة مقارنة بالسنوات السابقة بإجمالي 4127 طبيبًا.
ولفتت النقابة إلى أنه بالمقارنة بين عدد الأطباء المستقيلين في السنوات الثلاث السابقة على الدراسة الحكومية؛ ألف و44 طبيبًا عام 2016، وألفان و549 طبيبًا في 2017، وألفان و612 طبيبًا في 2018، فيما عدد الأطباء المستقيلين في السنوات الثلاث التالية؛ ثلاثة آلاف و507 أطباء عام 2019، وألفان و968 طبيبًا عام 2020، وأربعة آلاف و127 طبيبًا عام 2021، إضافة إلى 934 طبيبًا خلال الشهور الثلاثة الأولى في عام 2022 الجاري، ما يتضح معه أن أعداد الأطباء البشريين في القطاع الحكومي يتجه للعجز الشديد.