تشكِّل مبادرة الحزام والطريق (BRI) تحدِّيًا كبيرًا لمصالح الولايات المتحدة الاقتصادية والسياسية وتغير المناخ والأمن والصحة العالمية، فمنذ إطلاق مبادرة BRI عام 2013، مولت البنوك والشركات الصينية وتم بناء كل شيء بدءًا من محطات الطاقة والسكك الحديدية والطرق السريعة والموانئ إلى البنية التحتية للاتصالات وكابلات الألياف الضوئية، والمدن الذكية حول العالم.
ويرى محللون أنه في حال تنفيذ مبادرة الحزام والطريق بشكل مستدام ومسؤول، فإن لديها القدرة على تلبية احتياجات البلدان النامية طويلة الأمد وتحفيز النمو الاقتصادي العالمي، حتى الآن. ومع ذلك، فإن المخاطر التي يتعرض لها كل من الولايات المتحدة والبلدان المتلقية والتي أثارها تنفيذ مبادرة الحزام والطريق تفوق فوائدها إلى حد كبير.
وتعد مبادرة الحزام والطريق أكثر مشاريع السياسة الخارجية طموحا فى الصين فى العصر الحديث وهو ما يطمح الرئيس الصينى شى جين بينج أن يكون إرثا له. حيث قامت المبادرة بتمويل وبناء الطرق ومحطات الطاقة والموانئ والسكك الحديدية وشبكات الجيل الخامس وكابلات الألياف الضوئية في جميع أنحاء العالم. فى حين سعت مبادرة الحزام والطريق فى البداية إلى ربط دول وسط وجنوب شرق آسيا بالصين، إلا أن عدد أعضائها الآن وصل إلى 139 دولة.
كما يرى محللون أن المبادرة تعمل على توسيع فرصها وتعزيز أجندة الصين الاقتصادية والجيوسياسية. وهو ما يعني أنها بصدد بداية حقبة تنافس قوى عظمى بين الولايات المتحدة والصين، وسيكون على صانعي السياسة الأمريكية تحقيق فهم أفضل لمبادرة الحزام والطريق وتداعياتها الاستراتيجية والسياسية.
وتعد مبادرة الحزام والطريق مثالا على قدرة الصين ورغبتها في ملء الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة. حيث أن تقليل حجم الأبحاث والاستثمارات في التقنيات المتقدمة بالولايات المتحدة أعطت للصين فرصة للتقدم في مجال تطوير وبيع تكنولوجيا الجيل الخامس، وتركيب السكك الحديدية عالية السرعة، وإنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وإصدار منصات الدفع الإلكترونى، وما غير ذلك.
إلى جانب هذا عرقلت قواعد الهجرة وصعوبة الحصول على التأشيرات من وصول المواهب للولايات المتحدة، وتسبب انسحاب الولايات المتحدة من الشراكة عبر المحيط الهادئ وعدم الاهتمام بالاتفاقيات التجارية المتعددة الأطراف الأخرى فى آسيا بتعزيز مكانة الصين كمركز للتجارة الإقليمية.
ومن المتوقع ألا يمُرّ هذا التنافُس دون تغيير ما في هيكل النظام والمعايير الحاكمة له، فهناك توازُن قوَّة ما قادم؛ فصعود الصين واقعٌ وحقيقة تتأكَد مع الوقت، وهذا سيعطيها سلطةً في تشكيل بعض قواعد النظام، أو على الأقلّ رفض بعضها؛ ولا شكَّ أنَّ ظهور قطبٍ جديد كالصين وروسيا بدرجةٍ أقلّ، يمنحُ البُلدان الأُخرى خياراتٍ أكبر ممّا كانت عليه في حقبة القُطب الواحد.