لبنان: لا قانون يحد من خسارة المودعين

اعداد رامي عازار

2022.04.14 - 02:20
Facebook Share
طباعة

 يبدو انه لا أمل على المدى القريب بإقرار قانون يضع ضوابط وقيوداً استثنائية ومؤقتة لمنع هروب الرساميل عند الأزمات، والحد من خسارة المودعين الذين ائتمنوا المصارف على أموالهم.


فمنذ انهيار النظام المالي في لبنان ابتداءً من خريف العام 2019 والذي انعكس شللاً في القطاع المصرفي أدّى إلى تجميد أرصدة المودعين بالعملة الصعبة (الدولار)، أخفقت القوى السياسية في إقرار واحدة من النُسخ العشرة لقانون ما بات يعرف بـ «الكابيتال كونترول» بسبب الخلافات في ما بينها.


وبعد مرور عامين وثلاثة أشهر على تقنين السحوبات المصرفية بالدولار الأميركي، ها هي الليرة اللبنانية تسلك اليوم الدرب نفسه، ما ضيّق الخناق على المودعين لا سيما أرباب العمل والمستخدمين وأوجد سوقاً سوداء جديدة بالليرة اللبنانية.
وأمس الأربعاء أجّلت اللجان النيابية المعنية البت في هذا القانون إلى الأسبوع المقبل.


وأوضحت الخبيرة القانونية والرئيسة التنفيذية لمؤسسة juriscale سابين الكيك في حديث صحفي «أن النسخة الجديدة من الكابيتال كونترول الذي وافقت عليها الحكومة وناقشتها أمس اللجان النيابية، تتعلّق بأموال المودعين القديمة (أي قبل 17 أكتوبر 2019) وليس الجديدة freshالمحوّلة من الخارج، وهي تتضمّن قيوداً «قاسية» لدرجة أن المودعين لن يستعيدوا أموالهم أقلّه قبل 4 سنوات».


وأشارت إلى «أن إقرار هذا القانون ورد في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي من ضمن فقرة السياسة النقدية الجديدة التي يجب على الدولة اللبنانية اعتمادها بعد إعادة تحديد احتياطي العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان، ما يعني أنه ليس مطلباً أساسياً وكافياً لصندوق النقد الدولي كما يروّج، بل أن إقرار الموازنة وتوحيد سعر الصرف هما مطلبان أساسيان الآن للصندوق».


من جهته، أكد الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، في حديث صحفي، أن النسخة المطروحة من قانون "الكابيتال كونترول" هي العاشرة، ويبدو أنه لا رغبة بإقرار هذا القانون بسبب الانتخابات النيابية المقبلة، لأنّ الهاجس الانتخابي موجود.
وشدد عجاقة على وجوب وجود شبه اتفاق بين القوى السياسية بعدم المزايدة شعبوياً لإقرار "الكابيتال كونترول" وإلّا لن يمرّ.


وعن الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، اعتبر عجاقة أنه قد لا يتمّ تحقيقها كلّها، لأنّ الإصلاحات تعني تعديل السلوك في إدارة الدولة، وبسبب وجود مبدأ المساءلة، إضافة إلى التلاعب الحاصل في استخدام التعابير مثل عبارة إعادة هيكلة القطاع المصرفي التي تحمل تفسيرات عدّة.


وأوضح عجاقة أن هناك عاملين أساسيّين يلعبان دوراً في موضوع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وهما: الفساد المستشري وعدم الاستقرار السياسي، إنما يبقى الصرافون والتجار الأداة الأساسية في هذه المسألة.


من جهته، يؤكّد نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش في حديث صحفي أن "المؤسسات الخاصة كانت في البداية تُودِع رواتب الموظفين في المصارف عن طريق الشيكات، وفي مرحلة لاحقة الزمت المصارف أرباب العمل بإيداع نسبة 50% من قيمة الرواتب "كاش" و50% بموجب شيك. أما اليوم فكل المصارف باتت تطلب من المؤسسات والشركات إيداع المبالغ بأكملها نقداً ليتمكن الموظف من سحب كامل راتبه من المصرف. هذا الإجراء، جعل أرباب العمل يلجأون الى تسديد رواتب المستخدمين نقداً". وسأل بكداش: "لماذا سيضع ربّ العمل النقد في المصرف ويتم اقتطاع نسبة مئوية من الراتب لتسديد المبلغ؟"، نافياً إمكانية استخدام الحسابات الموجودة في المصارف لتسديد الراتب وإنما تقتصر على الإيفاء بالرسوم والضرائب التي تترتب على المؤسسات للدولة.


فيما رأى المستشار المالي والإقتصادي غسّان شمّاس في حديث صحفي أن "هذا التدبير هو نوع من الـ"كابيتال كونترول" غير المعلن على الليرة. فالمؤسسات التي تتعاطى بـ"الكاش" مثل السوبرماركات والصيدليات..."تبيع" الليرة الـ"كاش" الى البنوك والصرّافين مع اقتطاع نحو 30% من إجمالي المبالغ. ما أدى الى خلق سوق سوداء بالليرة اللبنانية". من هنا يرى شمّاس أن "الحلّ يكمن في السماح بالتداول بالليرة اللبنانية من خلال بالـ currency digitalعلى أن يصار الى حصر إمكانية الدفع من خلال التحويلات عبر "صيرفة"، بالمستورد والصناعي ولو بنسبة 50%، وبذلك يصبح بإمكان صاحب السوبرماركت على سبيل المثال أن يسدّد للمستورد فاتورته من خلال التحويلات فتنتفي الحاجة الى تسديد المواطن نسبة 50% من فاتورته الشرائية نقداً".


وكان مصرف لبنان طرح نحو 6 تريليونات ليرة لبنانية في السوق، ومع التعميم رقم 161 الإستثنائي الذي حوّل "كوتا" السحوبات من الليرة الى الدولار، تمكّن من "لمّها" لخفض التضخم، ما خلق شحاً إلا انه عاد وأتاح للبنوك في بيان اصدره بيع ما تشاء من الدولارات للحصول على النقد بالليرة اللبنانية الأمر الذي لم تفعله المصارف. وحول هذا الموضوع أكّد الخبير الإقتصادي نسيب غبريل أن "بيع الدولارات من المصارف يتطلب سحبها من البنوك المراسلة الأمر الذي يضرّ بالبنوك اللبنانية، علماَ أنها تستخدم السيولة من العملات الأجنبية للسحوبات وفقاً للتعميم 158". وأكّد غبريل ان "الكتلة النقدية بالليرة متواجدة في السوق ولكن بشروط. يخزّنها أولئك الذين لديهم ايرادات نقدية فيحولونها الى دولارات من خلال منصة "ًصيرفة"، وعندما تحاول المصارف شراء الليرة منهم يطلبون عمولة بنسبة 40%". مع العلم أن "المصارف قبل التعميم 161، كانت أيضاً تشتري الليرة اللبنانية من "السوق" بسبب عدم كفاية السحوبات من مصرف لبنان، مقابل عمولة بنسبة 20%"


في المقابل، أطلقت «جمعية المودعين» سلسلة تحرّكات احتجاجية محذّرةً من المسّ بأموال المودعين، ومنبّهة إلى أن معركتها ستكون مفتوحة وقاسية لحماية حقوق الناس وجنى أعمارهم.


وكشف رئيسها حسن مغنية «أن الإضراب الأسبوع المقبل سيكون أحد الخيارات التي ستلجأ إليها، مضيفا أنه في حال أقرّ النواب الكابيتال كونترول «فإنهم سيرون أشياء لم تحصل سابقاً»، وفق تعبيره.


يذكر أنه منذ بدء الأزمة المصرفية لم يعد باستطاعة المودعين سحب أموالهم بسهولة، لاسيما أصحاب الودائع «بالدولار»، حيث تم وضع سقف للسحوبات وبالليرة اللبنانية .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 6