اعتبر الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي ان الاتفاق الأولي يعطي بعض المؤشرات الايجابية بأن لبنان يسير بمسار المفاوضات الصحيح مع صندوق النقد الدولي، الا انه وبكل واقعية وشفافية لا يعني ذلك شيئاً، لأن الصندوق لن يقدم فلساً واحداً للبنان قبل مرور عدة استحقاقات، منها الاستحقاق النيابي ومنها مصالح الدول المشغلة للصندوق، مثل ترسيم الحدود البحرية.
وهنا نص المقابلة:
١
.ماهي أهمية الاتفاق الاولي على مستوى الموظفين فقط وخصوصاً وان الإجراءات الفعلية قد تأخذ أشهراً للتوصل إلى اتفاق نهائي ؟
الاتفاق الأولي يعطي بعض المؤشرات الايجابية بأن لبنان يسير بمسار المفاوضات الصحيح مع صندوق النقد الدولي، الا انه وبكل واقعية وشفافية لا يعني ذلك شيئاً، لأن الصندوق لن يقدم فلساً واحداً للبنان قبل مرور عدة استحقاقات، منها الاستحقاق النيابي ومنها مصالح الدول المشغلة للصندوق، مثل ترسيم الحدود البحرية، وهم يحاولون الدخول الى البلد من خلال صندوق النقد. وبرأيي لن يكون هناك اتفاق مع لبنان قبل حل مشاكل لها علاقة بالمصالح الأمريكية، لهذا انا أرى الاتفاق شكلياً يعتبر جيداً، الا انه لا يقدم شيئاً على أرض الواقع لأن صندوق النقد قال قبل ذلك بأن لا أموال قبل أشهر وبعد إتمام إصلاحات معينة لن تتم بسهولة في لبنان.
٢.هل هناك إمكانية تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي الأربعة(قرار قانون الكابيتال كونترول)؟
- موافقة البرلمان على قانون موازنة 2022.
- إقرار تعديلات بنيوية على قانون السريّة المصرفية.
- قانون إعادة هيكلة المصارف.
مشروع (الكابيتال كونترول) المعروض من قبل فريق رئيس الحكومة بالتحديد، لا يمكن مروره لأنه لا يراعي حقوق المودعين، وهو فقط يخدم حصراً المصارف من خلال عدة بنود بداخله استنسابية ترتبط مثلاً بكمية السحوبات، وليس هناك شيئاً واضحاً بعد الخمس سنوات وكيفية اعادة الأموال للمودعين.والقانون يعطى تأليف لجنة استثنائية من حاكم مصرف لبنان ووزيري المال والاقتصاد ، اضافة إلى خبراء اقتصاديين وقانونيين. وهذه اللجنة لديها صلاحيات استثنائية، وطالما أن لديها نفس الصلاحيات فبالتالي سوف نعود لنفس الفكرة قبل الكابيتال كونترول. لذلك لم يتم الموافقة عليه ولا حتى على قانون الموازنة النيابية الا بعد الانتخابات لأن الكتل النيابية لا تستطيع أن تأخذ قراراً قبل الانتخابات، لأنها تعرف تداعياتها ويمكن أن تفجر الشارع باعتبارها لا تخدم المواطنين، ولا الكابيتال كونترول يخدم المودعين ولا حتى السرية المصرفية ستمر بهذه الفترة. لذلك أنا أرى أن شروط صندوق النقد صعب تطبيقها، وان طُبقت ستكون ضد مصلحة المواطن اللبناني .
٣.هل هناك تعويل حقيقي على صندوق النقد الدولي في انقاذ الوضع الاقتصادي اللبناني؟
انا بصراحة لا أعول على صندوق النقد الدولي بحل المشكلة في لبنان . وحل المشكلة لا يعتمد عليه لأنه سوف يقدم اربع مليارات سنوياً مقسطة بطريقة محددة. بالتأكيد هي تخدم تصحيح الاقتصاد نوعاً ما اذا كانت الخطة واضحة، ولكن حسب تجارب سابقة لصندوق النقد بالعديد من الدول، هو أدى الى زيادة الفقر في الدول التي تعاملت معه، كذلك زادت الديون وزاد والعجز بشكل أكبر لأنه لا يتصرف وفق مصالح مالية ودائماً تكون اهدافه سياسية للدولة التي يتعامل معها .
ولذلك في ظل عدم وجود تسوية شاملة وحل كل المشاكل العالقة من ملف الترسيم إلى الصراعات الإقليمية فإن صندوق النقد لن يمد لبنان بما يريده ، واذا حصل وقام بمد لبنان بالاربعة مليارات، علماً أن لبنان أهدر العديد من المليارات عبر التأخر في الكابيتال كونترول والتهريب إلى الخارج والتحويلات، وكان باستطاعته الاستفادة من هذه الأموال بدون صندوق النقد. لذلك فإنه لن يرفع لبنان اقتصادياً كما تدعي السلطة، وهو فقط سيعالج مصالح محددة وسيخدم أجندات بعض القوى التي كانت تعمل من أجل الانهيار حتى تجعل البلد رهينة لصندوق النقد الدولي.
٤.ماهي أكثر القطاعات التي ستستفيد من إقرار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.؟
اما هم القطاعات المستفيدة فهي المرتبطة في البنى التحتية وهي قطاع البناء، وقد نستفيد ببعض الامور التي لها علاقة بالاقتصاد المنتج شرط تغيير العقلية الحاكمة والحوكمة الموجودة في إدارة السياسات الاقتصادية. بالنهاية حتى لو دخلت أموال ولن تكون هناك إدارة رشيدة ورتبنا الامور بشكل صحيح وذهبنا الى اقتصاد منتج يحيي الزراعة والصناعة لا إمكانية للخلاص الاقتصادي، لذلك فإن صندوق النقد ليس الحل لأن الحل اليوم هو استخدام الامكانيات الداخلية التي هي عبارة عن حوالي 80 مليار دولار منها 30 مليار مسيطرة عليها قوى سياسية وهي أملاك بحرية وغيرها لا تستفيد منها الدولة ابداً ولدينا ايضاً 50 مليار دولار مشاعات يمكن للدولة أن تستفيد منها وتأجرها بأرقام أعلى من المدفوع حالياً، مثال على ذلك هناك من يأخذ أرضاً قيمتها 100 مليون دولار ويدفع للدولة مليار ليرة بالسنة أو أقل. لذلك فإن المطلوب من الدولة أن تنعش هذه المسألة وتقوم بتحريكها، وكذلك لدينا حل آخر وهو مهم جداً وهو أن ننفتح شرقاً على روسيا والصين وايران وغيرها، والانفتاح هو لتحسين الوضع الاقتصادي وبناء معامل كهرباء وبنى تحتية مهمة، وكذلك تسريع موضوع الثروة النفطية البحرية ولا ينتظر ضوءاً أخضر من امريكا ويسعى لاستخراج النفط والغاز.