مع اقتراب دخول شهر رمضان حلقت أسعار مختلف أنواع المواد بمحافظة دير الزور ، لاسيما الغذائية منها لتزيد من صعوبات الواقع المعيشي هناك ، فتساوت أوضاعها بباقي المحافظات السّورية ، واقعٌ لا يخرج بأسبابه عن مفرزات الحرب التي عاشتها سوريّة ، زاده سوءاً غياب الحلول عن لجم سُعار الارتفاع الجنوني ، ناهيك عن فقدان وقلة المواد ، فوصل ليتر الزيت النباتي إلى 13 ألف ليرة ، ولكيلو السمنة 15 ألفاً ، فيما كيلو السكر الحر إلى3500 ليرة وتجاوز كيلو التمور ذي الجودة المتوسطة الجودة 10 آلاف ليرة ، و الرز 7500 ليرة ، ووصل سعر مشروب "قمر الدين" معشوق الديريين الرمضاني إلى 6 آلاف ليرة وكيلو البرغل 5500 ليرة والمعكرونة 5400 ليرة وجاوز كيلو الشاي 30 ألف ليرة ، وبات طبق البيض يُباع ب13,2 ألف ليرة سوريّة ، وارتفع كيلو لحم الضأن إلى 18 ألفاً ، بعد أن كان يُباع ب16 ألف ليرة ، ولحمة العجل 18 ألف مُحافظاً على سعره السابق ، وهو حسب مُختصين نتيجة كثرة المعروض ، أما مسألة وفرة الوقود فحدث ولا حرج .
أمام هكذا أسعار سيكون وقع الوضع المعيشي على الديريين قاسياً كما يُشير أستاذ علم الاجتماع بجامعة الفرات الدكتور " عدنان عويد " : " بحسبة بسيطة لحاجاتك اليوميّة ولأسرة مؤلفة من 5 أشخاص فقط من الطعام ودون إسراف تحتاج لأكثر من 500 ألف ليرة ، هذا في أدنى تشكيلات المائدة ، فما بالك بأعلاها ، أو منطلباتك الأخرى من تعليم وطبابة وما إلى ذلك.
وأضاف : الاقتصاد هو القاعدة الأساس التي يرتكز عليها الفرد والمجتمع والدولة. إلى جانب عوامل أخرى كثيرة تصب في سياق قوته أو ضعفه. وبالتالي نقول كلما كان الاقتصاد قوياً عند الفرد أو المجتمع أو الدولة فهذا يعني أن هناك استقراراً وقوة حضور ومواجهة للتحديات والعكس صحيح، لذلك إن أعداء الداخل والخارج يعملون قبل كل شيء على تدمير الاقتصاد حتى ينهار الفرد والمجتمع والدولة ، فأعداء الدخل يقومون بنشر الفساد وتشكيل قوى طبقيّة جديدة من الطفيليين والبيروقراطيين تنهب أموال الشعب والدولة وهذا مايساعد على إفقار الدولة وإنتشار الرشوة والجريمة والمخدوات والدعارة.. وغير ذلك.
والخارج يعمل عل فرض الحصار الاقتصادي وهذا مايزيد من عرقلة الحركة الإنتاجية وإفشالها..وكل ما جئنا إليه يرتبط أساسا بالسياسات الفاشلة لحكومات هذه الدول التي يغيب فيها دور المؤساسات التشريعية والرقابيّة ، وبالتالي دور المحاسبة للمقصرين والفاسدين. وهذا ما يحول في النهاية الدولة إلى دولة فاشلة.
* تدخلات بالمستطاع :
قبالة الوضع المعيشي الضاغط سُجّل تدخلات جاءت خجولة بما أطلق عليه ( سوق رمضان الخيري ) حتى بات أهالي المحافظة يتندرون بمقولة ( وينك ياخيري ) حيث جاءت المبادرة من قبل فرع السوريّة للتجارة ، وذلك حسب مراقبين أصلاً يدخل في سياقات عملها، فبادرت لطرح تشكيلة منوعة من المواد الاستهلاكيّة كما ذكر مديرها لوكالة أنباء آسيا " أغيد جويشي " :
" تنوعت المواد المطروحة مابين الغذائيات ، والكهربائيات والصناعات التحويليّة ، فيما أسعارها تتراوح بنسب تخفيض 30 - 40 % ، مُبيناً أنه جرى تعزيز الصالة المُفتتحة لغرض البيع المباشر تحت عنوان السوق الخيري بثلاثٍ أخرى هي " صالة الروضة" في حي الجبيلة ، و"تشرين " بحي القصور ، وصالة عند دوار الكرة في حي " الجورة " ، وإذ لايرى مواطنون اختلافاً بالأسعار عن السوق المحليّة.
يؤكد " الجويشي" أنّ المشكلة بتدني قيمة الليرة السورية، ما انعكس على القدرة الشرائية للمواطنين ، فرع السوريّة للتجارة كما كل فروعها سجّل حضوراً واسعاً بالتخفيف من جموح الأسعار ، وذلك بتوفير المواد عبر البطاقة الذكيّة بأسعار منخفضة عن السوق ، ناهيك عن البيع المباشر ، غير أنّ الحصار الأمريكي الجائر وعقباته بوجه الاستيراد أسهم في هكذا أوضاع ضاغطة ، ولاننسى هنا أنّ الواقع الزراعي لايزال يواجه مشاكل بوجه انطلاقته الواسعة لجهة عدم وفرة الوقود لمحركات الري العامة والخاصة، إلى جانب باقي مستلزمات إنتاجه .
* تجارها ينؤون : لم يُسجل لغرفة تجارة وصناعة دير الزور حضوراً لافتاً بالتدخلات ( الرمضانيّة ) للتخفيف عن كاهل المواطنين ، فاقتصر الأمر على منحهم صالة لغرض احتواء المواد المعروضة من قبل فرع السوريّة للتجارة بالمحافظة ، إضافةً لكتابة لافتات ولوحات للدلالة
على ما أسموه ( سوقاً ) وهو عبارة عن مكان أشبه مايكون بالبقاليّة الصغيرة .
ولعل المُضحك المُبكي تصريحات صحفيّة صدرت عن الغرفة لوسائل إعلام بأنّ تجار دير الزور نأوا عن المشاركة بالسوق المذكور - والذي كما أسلفنا لايعدو عن كونه بقاليّة - لأسباب تقلبات السوق وأسعارها.
ليتساءل مواطنون : " إذا كان التجار نأوا حسب تصريحات غرفة التجارة ، فماذا نُسمي أعضاءها أليسوا تُجاراً أم ليسوا كذلك ؟ ، علماً أنهم من كبار تجار ورجال أعمال المحافظة ، فماذا قدموا غير الصالة ( البقاليّة ) وهي بالأصل تعود لأحد أعضائها ، فبات الأمر ترويجياً خاصاً، يقول مواطنون !!
هذا وعلمت " آسيا " أنّ الغرفة ستمنح خلال الشهر الفضيل " كوبونات " مجانيّة لشراء مواد غذائية ، فيما السؤال يبقى كم هي أعداد الأسر التي ستستفيد منها ؟ ، وهل ستكون على قاعدة أنّ المنح سيتم فقط لمن تعرفهم غرفة التجارة من معارف وأقارب وأصدقاء ؟.
* أين الرقابة ؟
لم يتغير شيء لجهة ضبط أوضاع السوق بدير الزور ، ففوضى الأسعار متواصلة ، مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك ضبطت في الآونة الأخيرة عدة محال على خلفيّة احتكار المواد ، فيما البيع يختلف بين محل إلى آخر لجهة التسعيرة .
هنا أوضح مديرها " بسام الهزاع " أنّ جولات عناصر الرقابة مستمرة في أسواق المحافظة ، قبل دخول الشهر الفضيل وخلاله، بالرغم من قلة عناصر الرقابة ، ناهيك عن عدم توفر آليات نقلهم ، مشيراً إلى أنّ المواد متوفرة ، باستثناء مادة الزيت ، وكون أغلب المواد تأتي من خارج المحافظة فإن ذلك يُسهم بارتفاع أسعارها لجهة مايتطلبه وصولها من تكاليف نقل مُرتفعة.
الهزاع أضاف مشكلة يعيشها المواطن لجهة غياب ثقافة الشكوى حيال أي حالة غلاء ببيع مادة ما ، إذ لا يُبادر إلى الشكوى لنا وهذا يُسهم في مُفاقمة الوضع ، ولا يبعث برسائل لمن يُمارس جشعه من باعة ، سواء أكانوا من كبار التجار أم صغارهم .
.jpg)