عشية اقتراب الذكرى الثانية عشرة للحرب السورية، حذرت الأمم المتحدة من تضاعف معاناة السوريين جراء الانهيار الاقتصادي والفقر المتزايد في البلاد الناجم عن الصراع والفساد والعقوبات إضافة لجائحة كورونا.
وفي كلمة له بالمقر الأممي بنيويورك، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن نحو 60% من السوريين معرّضون لخطر الجوع هذا العام، وفي معظم فترات الحرب "الأهلية"، كانت مناطق شاسعة من البلاد تخضع لسيطرة المنظمات الإرهابية بحسب تصنيف مجلس الأمن والتي عرّضت العديد من السوريين لعنف وقمع شديدين.
ودعا غوتيريش إلى القيام بالمزيد من أجل إتاحة الوصول للمساعدات الإنسانية، حيث تعتبر عمليات التسليم المكثف عبر الخطوط (داخل سورية) وعبر الحدود ضرورية للوصول إلى جميع المحتاجين في كل مكا، قائلاً:. “لهذا السبب فإنني حثثت مجلس الأمن مراراً وتكراراً على تحقيق توافق في الآراء بشأن هذه المسألة الحاسمة”، مؤكداً ضرورة التوصل لحل شامل يلبي تطلعات السوريين المشروعة للعيش بكرامة وأمان.
الجوع يتضاعف
قبل أيام، قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة جويس مسويا خلال جلسة لمجلس الأمن إن " 12 مليون شخص في سورية يعانون "من وصول محدود أو غير مؤكد إلى الغذاء، وأن مزيداً من السوريين يحتاجون إلى مساعدة إنسانية حالياً أكثر من أي وقت مضى منذ بدء الحرب الأزمة في البلاد عام 2011".
و ذكرت مسويا أن "الاقتصاد السوري يشهد اتجاهاً هابطاً على نحو أكبر، ويتواصل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، "كما يعاني الشعب الجوع"، مشيرة الى أن "تكلفة إطعام أسرة مكونة من خمسة أفراد بالمواد الأساسية فقط في سورية تضاعفت تقريباً خلال العام الماضي".
كلام المسؤولين الأمميين، ليس بجديد بعد عقد من الحرب عاشها ولا يزال الشعب السوري في ظل ظروف اقتصادية تشتد صعوبتها عاماً بعد آخر، ما جعل الجوع يفتك بالمئات في مناطق خارج سيطرة الدولة، والفقر يفتك بجيوب من يعيش في كنف حكومتها.
حلول ولكن!
في السياق، يقول الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم لـ"وكالة أنباء آسيا"، إن الأوضاع الاقتصادية في الداخل السوري تزداد سوءاً في ظل عدم وجود حلول ناجحة للالتفاف على العقوبات الخارجية وكافة الاجراءات المتخذة ضد الدولة السورية من الغرب، مبيناً ان الهدف تجويع الشعب بحرب اقتصادية بعد 11 عاماً على الحرب الميدانية.
ورأى إبراهيم أن أحد الحلول يمكن بإدارة عجلة الاقتصاد محلياً، بمعنى أن يرتكز القوام الاقتصادي على العوامل المحلية بدءاً من الزراعة إلى الصناعة وحتى الطاقة، لتحقق المقومات مبدأ الاكتفاء الذاتي الذي كانت تتغنى به سورية في تسعينيات القرن الماضي.
وأوضح الأكاديمي السوري أن المناطق السورية بتنوعها الجغرافي والمناخي تنجح في رسم خارطة زراعية تبدأ من القمح الذي يعد الأساس في هيكلة اللقمة السورية وما شهده من ارتفاع عالمي يمكن الاستغناء عن توريده من الخارج في حال تم تقديم تسهيلات للمزارعين باعتماده زراعة أساسية بتوفير البذار والسماد وحتى تسويقه للقطاع العام بما يؤمن رغيف خبز بسعر معقول لجميع السوريين.
صناعياً، أشار إبراهيم إلى أهمية البدء بإنعاش "المكنة السورية" لإعادة الإنتاج المحلي بعد سرقة وتخريب معظم المعامل في حلب وريف دمشق بفعل الحرب، مضيفاً أن القروض وتأمين الطاقة أهم ما يطلبه الصناعي ليبقى في البلد ويعيد معمله لتصنيع ما يلزم من مواد خام وحتى غذاء ودواء ولباس.
وأكد الاقتصادي أن باقي القطاعات تستوجب حلولاً محلية من جهات معنية تدير الأزمة بعيداً عن الإتجار بلقمة عيش المواطن، وبمسؤولية وطنية بنفس الوقت.
انعدام الغذاء
في نهاية شباط الماضي، كانت قد أعلنت الأمم المتحدة أن "سورية باتت تصنف بين أكثر 10 دول تواجه انعدام الأمن الغذائي على صعيد كافة دول العالم، وأن 14.6 مليون سوري من المتوقع أن يعتمدوا على المساعدات هذا العام، وذلك بزيادة قدرها 9 في المئة، مقارنة مع عام 2021 وبنسبة 32 في المئة، مقارنة مع عام 2020".