يبدو أن العالم أجمع على موعد مع أزمة غذاء عالمية، وذلك على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك وفقا لتصريحات وزير الزراعة والغذاء الفرنسي جوليان دينورماندي.
إلى جانب هذا، حذر برنامج الأغذية العالمي من مخاطر أزمات غذائية تلوح في الأفق على مستوى العالم بسبب توقف تصدير منتجات الحبوب والسلع الأخرى الأوكرانية والروسية بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل أقل من أسبوعين. وتبدو مصر من بين أكثر دول العالم تأثرا بهذه الحرب على صعيد ضمان توفير القمح ومنتجاته من الخبز والمعجنات والحلويات والسلع الأخرى.
تستهلك مصر، وهي أكبر مستورد للقمح في العالم وأكبر مستهلك للقمح الأوكراني، نحو 20 مليون طن قمح سنوياً، وتستورد نحو 12 مليون طن، وقد تصدرت قائمةَ الدول العربية التي استوردت القمح الأوكراني في عامي 2020/2021. أما عن القمح الروسي فقد اعتمدت نصف وارداتها على إمدادات القمح القادمة من روسيا.
وبحسب وزارة التموين المصرية، فإن حجم الاستهلاك الشهري من القمح لإنتاج الخبز البلدي المدعَّم 800 ألف طن شهرياً، فيما يبلغ عدد المستفيدين من منظومة دعم الخبز نحو 72 مليون مواطن. وخلال الأيام القليلة الماضية، رفعت مصر سعر الخبز غير المدعم.
وتأتي تلك الأزمة الغذائية لتكشف النقابة عن وضع مصر السيئ فيما يخص الموارد الزراعية، فعلى الرغم من أنها تمتلك رقعة زراعية كبيرة، إلا أنها فشلت في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية، وهو ما جعل الأمن الغذائي المصري مهدد. وهناك عدد من الأزمات تواجه قطاع الزراعة في مصر، الأمر الذي جعل الحكومة المصرية تفضل الشراء من الأسواق العالمية لسد حاجتها حتى لو بتكاليف باهظة عن حل تلك الأزمات واحياء الزراعة.
ويرى الدكتور محمد السيد أرناؤوط أستاذ الإرشاد الزراعى المتفرغ بمركز البحوث الزراعية:" أن هناك فجوة فيما يخص مجال الزراعة في مصر بسبب أسباب عديدة منها ارتفاع تكاليف زراعة وإنتاج القمح، وإلغاء الدورة الزراعية، مما أدى لتراجع دور وزارة الزراعة فى تحديد مساحات القمح، ما جعل الزُراع يحجمون عن زراعة القمح بزراعة محاصيل أخرى أكثر ربحاً، وكذلك نقص كميات تقاوى القمح عالية الإنتاج بما لايتناسب مع المساحات المطلوب زراعتها، مما يضطر بعض المزارعين لزراعة تقاوى غير جيدة تعطى إنتاجاَ أقل".
وأضاف في تصريحاته الصحفية؛ هذا فضلاً عن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، مع عدم حصول المزارع على كل مقرراته السمادية لمحصول القمح أثناء زراعته، وعدم رغبة بعض الزراع فى شراء أسمدة من السوق السوداء، وعدم تحديد سعر مجزٍ لشراء إردب القمح من الفلاح، والإعلان عنه قبل زراعة القمح بوقت كافٍ لتشجيعه على زراعته، وزيادة الفاقد من محصول القمح الذى قد يصل إلى 30 %، خصوصاً أثناء عمليات الحصاد والنقل، والتخزين فى شون ترابية مكشوفة ومعرضة للحشرات و الفئران والعصافير وغيرها.
إلى جانب هذا أشار أستاذ الإرشاد الزراعى إلى تدهور خصوبة بعض الأراضي الزراعية بسبب عدم تجديد شبكات الصرف المغطى وارتفاع منسوب المياه وملوحة التربة وخلافه، وعدم القيام بتجديد خصوبتها سواء بالتسميد العضوى، أو بالحرث العميق، أو إضافة الجبس الزراعى، أو بالغسيل، أو بتجديد شبكات الصرف المغطى وخلافه، مع الاعتداء عليها بالتبوير، أو التجريف، أو البناء فوقها.
إلى جانب؛ ارتفاع أجور العمالة الزراعية بسبب هجرة الفلاح المصرى من القرية إلى المدينة بحثاً عن عمل أفضل، وقلة مياه الرى لبعض مساحات القمح، وإصابة القمح ببعض الأمراض مثل صدأ القمح والصدأ الأسود، وإهمال المزارع فى مكافحتها، وبالطبع كل ماسبق يؤثر فى النهاية على الإنتاج.
في المقابل، أكد النائب محمد محمود عبد القوى، أمين سر لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، أن الأزمة الأخيرة المندلعة بين روسيا وأوكرانيا، ألقت بظلالها على الكثير من الدول العربية بما فيها مصر، كما كشفت عن أوجه القصور في الكثير من احتياجاتنا الأساسية، وهو ما يتطلب إلى ضرورة إعادة ترتيب أولوياتنا الأساسية التي كشفت عنها هذه الأزمة بوضوح، ومن بينها ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.