أعد معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية بالتعاون مع مركز الاستراتيجيات الأوروبية الآسيوية تقريرا تحت عنوان "التهديدات الدولية :2022 السيطرة على المبادرة"، وذلك في كانون الثاني للعام الجاري.
1- الأزمة الأوكرانية والضمانات الأمنية الروسية
لا يزال توّسع الناتو والنهوض بالبنية التحتية العسكرية للحلف على الحدود الروسية مصدر القلق الرئيسي في العلاقات بين روسيا والغرب. وتعتبر موســكو الناتو أداة لتعزيز المصــالح الأميركية في أوروبا، بما في ذلك في منطقة المصالح الحيوية لروسيا. وقد أثارت كل مرحلة من مراحل التو ّسع ردة فعل روسية حادة، لكن احتمال انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو بالتحديد هو "الخط الأحمر" بالنسبة لموسكو.
2- المفاوضات الروسية الأميركية: شروط الاستقرار
شروط توصل روسيا والولايات المتحدة إلى اتفاق بشأن الاستقرار الاستراتيجي والأمن السيبراني، أن تتجنب روسيا والولايات المتحدة سباق تسلّح واسع النطاق وغير منضبط، كما أن صعود نفوذ الصين لن يجعلها مشاركا ضروريا في المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة، وسينتقل الحوار حول الاستقرار الاستراتيجي إلى العمل الفعلي ضمن مجموعات العمل كجزء من المحادثات، سيتمّكن الطرفان من الاتفاق على "معادلة أمنية" مشتركة، وستواصل وكالة الأستخبارات الروسية والأميركية التعاون في مكافحة الجرائم الإلكترونية، لكن لن يكون هناك هجوم إلكتروني مد ّمر ضد روسيا أو الواليات المتحدة يمكن نسبته إلى أحد الطرفين.
3- استراتيجية جاك سوليفان (مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة)
تهدف هذه الاستراتيجية المحّدثة من ســــوليفان إلى إنشــاء مجموعة من مواقع القوة المزعومة في مجالات مختلفة وتتكون من خمسة عناصر: أولا، التركيز على توفير مســاحة إستراتيجية للتنفس تسمح للولايات المتحدة بتجديد "خّزان قوتها" من خلال زيادة الاستثمار في البنية التحتية الجديدة والابتكار ورأس المال البشري.
ثانيا، بناء "شـــبكة" من التحالفات القديمة والجديدة الوثيقة ب شكل متزايد مع مراعاة تحديات القرن الواحد والعشرين، من خلال إضافة مكونات جديدة (التعاون التكنولوجي، والمناخ، والمجال الســــيبراني) وتوســــيعها جغرافيا، على غرار AUKUS، في المنطقة الآسيوية. أما العنصر الثالث في الاستراتيجية هو إعادة تشكيل المؤسسات العالمية. لا يتعلق الأمر بإصلاح المؤسسات التي تم إنشاؤها في منتصف القرن العشرين بل يتعلق ببناء منصات مهمتها إدارة النفوذ السياسي في المستقبل - أجندة المناخ، وتنظيم السلاسل التكنولوجية أو مكافحة الفساد.
العنصر الرابع في الاستراتيجية هو تحويل التركيز من الاستخدام غير المبّرر للقوة العســكرية إلى الدبلوماســية، التي ينبغي أن تنزع فتيل التوتر وتمنع الأزمات، بما في ذلك في ال شرق الأوسط. وأخيرا، العنصر الخامس هو بناء مثل هذه العلاقات مع الصين التي تجعل من الممكن التنافس بفعالية دون الوقوع في صراع، وتسمح بحل المشكلات العالمية العاجلة معا. على الرغم من أن عناصــــر استراتيجية جيك ســــوليفان مبنية على الكفاءات المثبتة للسياسة الخارجية الأميركية، فإن احتمالات تنفيذها تعتمد كليا على نتائج الصراع السياسي الداخلي الذي لا تزال الإدارة الديمقراطية تخسره. ومع ذلك، إذا نجح سوليفان في منع التراجع الفوضوي للولايات المتحدة عن مواقف السياسة الخارجية الحالية فســتواجه روســيا في المســتقبل غربا أكثر فعالية وتماسكا، وإن كان ذلك بتوتر عسكري أقل.
4- انتخابات التجديد النصفي الأمريكية وخطة البنية التحتية لبايدن
ســيســتمر تأثير دونالد ترامب في الحزب الجمهوري وبين ناخبيه. وعلى المدى القصــير سيتولى أولئك الذين لا يتحدثون علانية ضــد ترامب الأدوار القيادية في الحزب. وهذا يعني إبقاء عنوان الانتخابات "المسروقة" لعام 2020 على جدول الأعمال.
في انتخابات التجديد النصفى لعام 2022 ســـيخســـر الديمقراطيون أغلبيتهم في مجلس النواب بالكونغرس. ويتمتع الديمقراطيون بفرصة الاحتفاظ بالسيطرة على مجلس الشيوخ والتعيينات الحكومية، بما في ذلك التعيينات القضائية. لكن فترة السنتين من تمركز السلطة التنفيذية والتشريعية في يد حزب واحد ستنتهي. وإدراكا لذلك ستسعى قيادة الحزب الديمقراطي في عام 2022 للحصول على الوقت لتمرير مشاريع قوانين جديدة من خلال الكونغرس.
5- تمركز السلطة في الصين
في عام 2022، ستكتمل عملية الانتقال إلى نموذج السلطة غير القابلة للعزل في جمهورية الصين الشعبية. وتجري حاليا عملية "التقديس" الأيديولوجي لشــــي جين بينغ باعتباره الممّثل الرئيســـــي لايديولوجية الأمة الصينية، والتي يمكن مقارنتها في الأهمية فقط بمؤسـس جمهورية الصـين الشـعبية، ماو تسـي تونغ.
وسيؤدي تعزيز دولة السـلطة "الشـخصيـة" إلى عدد من النتائج المهمة على السـياسـة الداخلية والخارجية لجمهورية الصين الشعبية إلى : .
إغلاق النظام ضمن دائرة حكم ضيقة من الناس سيقلّل من قدرة الإدارة الوسطى على اتخاذ قرارات مستقلة ويقّلل من جودة الإدارة السياسية، بالإضافة إلى محاربة الإدارات السـياسـية والمالية، وفرض سيطرة الدولة على الشــركات الخاصـــة الكبرى.
وسيؤدي تركيز السلطة في يد شي جين بينغ إلى زيادة نشاط السياسة الخارجية الصينية ظاهريا، ولكن ليس القدرة على التنبؤ بها أو الاعتدال ـ وكذلك تزداد احتمالية وجود سياسة خارجية أكثر حزما من قبل الصين. إن استخدام الرئيس الصيني الحالي لعنوان "الشرق آخذ في الازدهار، بينما الغرب في حالة تدهور" يتوافق مع مقولة ماو تســي تونغ "الريح القادمة من الشــرق تتغلّب على الريح القادمة من الغرب."
ومن الواضــح، في عام 2022، أننا نتوقع زيادة التوتر في علاقات الصـــين مع الولايات المتحدة وحلفائها. في الوقت نفســـه تســـعى جمهورية الصــين الشــعبية للحد من تأثير العوامل الخارجية على ســياســتها الداخلية.
6- احتمال تصعيد الأزمة بين الصين وتايوان
لا يمكن استبعاد وجود أزمة بين الصين والولايات المتحدة بشــأن تايوان. يمكن تحفيز الأزمة من خلال الأحداث التالية (غير مر ّجح حصولها في عام :)2022
1 - سوف يزداد الضغط على الصين من قبل حلفاء أميركا - مما يحفز بكين على استخدام القوة في بحر الصين الجنوبي على سبيل المثال.
2 - ستؤدي خطط شي جين بينغ لتوسيع سلطاته إلى تفاقم سياسي داخلي - وستحتاج بكين إلى أزمة دولية لتهدئة المجتمع.
3 - ســتصــبح ســياســة الصــين تجاه تايوان وحرية المالحة في بحر الصين الجنوبي أكثر صــرامة وتمهد الطريق ألزمة إقليمية.
4 - ســـتكثف تايوان جهودها لتوسيع نطاق الاعتراف الدولي بها. لم تتوقف جهود تايبي في هذا الاتجاه، لكن "حرب الاعتراف" لم تتجاوز الصــــراع الدبلوماســــي.
7 - هل سيتعثّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؟
هناك شروط زعزعة الاستقرار السياسي الداخلي في تركيا، منها انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة وتوطيد حزب الشعب الجمهوري حول مرشح رئاسي واحد وانشقاق في حزب العدالة والتنمية، إلى جانب عمليات أنقرة الهجومية في الشرق الأوسط وفضاء الاتحاد السوفياتي وتشديد الضغط من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى تصاعد التوترات مع روسيا كمحفز للتغيير داخل تركيا وتنامي الاحتجاجات الجماهيرية على غرار سيناريو 2013.
8 - أميركا وإيران يستأنفان المحادثات؟
من المحتمل جدا أن تعود الولايات المتحدة وإيران في النصف الأول من عام 2022 إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي.
داخل إيران، ستحدد نتيجة مفاوضات فيينا من خلال النضال من أجل دعم المرشد الأعلى لمعسكرين: حكومة تحتاج إلى رفع العقوبات؛ والدوائر العسكرية الدينية المقتنعة بقدرتها على مواجهة الضغط الأميركي من خلال الصناديق الإسلامية والقطاعات الإقتصادية.
وتتصاعد التوترات الاجتماعية في إيران جنبا إلى جنب مع العبء الضريبي والإنفاق على دعم السلع الأساسية والبنزين. وهذا يجبر حكومة إبراهيم رئيســي، ردا على الضــغط الأميركي تحت إدارة دونالد ترامب، على الســعي باستمرار للحصول على تنازلات من إدارة جو بايدن. حتى إذا فاز الجمهوريون في الانتخابات المقبلة وان سحبوا من الصفقة مرة أخرى
شروط تهدئة الوضع حول إيران عام 2022
عودة الولايات المتحدة وإيران إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن قطاعي النفط والمالي في الاقتصــــاد الإيراني، عدم وجود استفزازات من قبل قوات الأمن الإيرانية ووكالائها، بما في ذلك الحوادث العســكرية في الخليج العربي والتوصل إلى اتفاق غير رسمي بين إيران والسعودية لحل الصراع في اليمن، إلى جانب الحفاظ على الوضع السياسي الراهن في العراق وسوريا.