الغزو الروسي لأوكرانيا بين الأهداف السياسية والخيارات العسكرية
أصدر " مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" تقرير تحت عنوان "غزو روسي محتمل لأوكرانيا" في كانون الثاني من العام الجاري. وجاء في التقرير إنه في حال فشلت فشلت المحادثات بين روسيا والناتو فإن لدى الجيش الروسي عدة خيارات للتقدم إلى أوكرانيا عبر طُرق الغزو الشمالية والوسطى والجنوبية.
وأوضح التقرير إن مطالب الكرملين هي إنهاء توسع الناتو، والتراجع عن التوسع السابق، وإزالة الأسلحة النووية الأميركية من أوروبا، واحترام مجال نفوذ روسي.
لكن الورقة أشارت إلى أن بوتين قد يقبل بأقل من ذلك. فإن الهدف الأساسي للكرملين هو ضمان عدم انتماء بيلاروسيا وأوكرانيا وجورجيا أبدا إلى كتلة عسكرية أو اقتصادية غير تلك التي تسيطر عليها موسكو وأن روسيا ستكون الحكم النهائي للسياسة الخارجية والأمنية للدول الثلاث.
وأفاد التقرير بأن جوهر هذا الصراع يدور حول ما إذا كان يمكن للجمهوريات السوفياتية السابقة، بعد 30 عاما من انهيار الاتحاد السوفياتي، أن تعيش كدول مستقلة وذات سيادة، أو إذا كان لايزال يتعين عليها الاعتراف بموسكو كضابط للمنطقة.. ظاهريا، يبدو أن طلب الحصول على منطقة نفوذ حصرية في أوروبا الشرقية وجنوب القوقاز يلّبي المصالح الأمنية الروسية- بحسب التقرير.
واستطرد التقرير أنه بناء على هذه الأهداف السياسية، فإن الكرملين لديه ستة خيارات عسكرية محتملة على الأقل:
إعادة نشر بعض قواتها البرية بعيدا عن الحدود الأوكرانية - مؤقتا على الأقل - إذا نجحت المفاوضات، مع الاستمرار في مساعدة المجموعات الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا.
إرسال القوات الروسية التقليدية إلى منطقتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين "كقوات حفظ سلام" أُحادية الجانب ورفض سحبها حتى تنتهي محادثات السلام بنجاح والحصول على موافقة كييف على تنفيذ اتفاقيات مينسك.
السيطرة على الأراضي الأوكرانية في أقصى الغرب مثل نهر دنيبر لاستخدامها كورقة مساومة أو دمج هذه الأراضي الجديدة بالكامل في الاتحاد الروسي.
السيطرة على الأراضي الأوكرانية حتى نهر دنيبر والسيطرة على حزام بّري إضافي (يشمل أوديسا) يربط الأراضي الروسية بجمهورية ترانسدنيستريا الانفصالية ويفصل أوكرانيا عن أي منفذ إلى البحر الأسود. سوف يدمج الكرملين هذه الأراضي الجديدة في روسيا ويضمن بقاء دويلة أوكرانيا غير قابلة للحياة اقتصاديا.
السيطرة على حزام بّري فقط بين روسيا وترانسدنيستريا (بما في ذلك ماريوبول وخيرسون وأوديسا) لتأمين إمدادات المياه العذبة لشبه جزيرة القرم ومنع وصول أوكرانيا إلى البحر، مع تجنب القتال الرئيسي حول كييف وخاركيف.
السيطرة على كل أوكرانيا، والإعلان مع بيلاروسيا عن تشكيل اتحاد سلافي ثلاثي جديد لروسيا العظمى والصغيرة والبيضاء (الروس والأوكرانيون والبيلاروسيون.) سيشمل هذا الخيار عمليات ممثلة في الصورة 2a على أنها "المرحلة الأولى".
من بين هذه الخيارات الستة، فإن الخيارين الأولين هما الأقل احتمالا لتحفيز الغرب على فرض عقوبات دولية كبيرة، لكن فرصتهما محدودة لتحقيق انفراج في قضايا الناتو أو اتفاقيات مينسك بسبب طبيعتهما القسرية- بحسب التقرير.
في المقابل تجلب جميع الخيارات الأخرى عقوبات دولية كبيرة وصعوبات اقتصادية وستؤدي إلى نتائج عكسية في سبيل إضعاف الناتو أو فصل الولايات المتحدة عن التزاماتها تجاه الأمن الأوروبي.
كما يمكن أن تحقق الخيارات الثلاث الأخيرة هدفا آخر هو تدمير استقلالية أوكرانيا التي أصبح تطورها نحو دولة ديمقراطية ليبرالية مصدرا رئيسيا للخلاف بين النخب الأمنية في الكرملين.
أما الخيار الثالث سيجعل روسيا تسيطر على مساحة كبيرة من الأراضي الأوكرانية لكنه سيترك أوكرانيا دولة قابلة للحياة اقتصاديا.
والخيار الرابع ألا يترك سوى ردف زراعي لأوكرانيا ولكنه يمنع احتلال أكثر مناطقها قومية.
أما الخيار الخامس القليل التكاليف يترك المزيد من أراضي أوكرانيا دون السيطرة عليها ولكنه يقطع وصولها إلى البحر. الخياران الرابع والخامس - السيطرة على حزام من البر من تيراسبول إلى ماريوبول - معقدان بسبب حقيقة أنه لا توجد سمة طبيعية أو نهر أو سلسلة جبال من الشرق إلى الغرب يمكن أن تكون بمثابة خط ترسيم طبيعي لهذه الأرض التي سُتسيطر روسيا عليها. وستمر الحدود الجديدة على طول هذه المنطقة عبر عدد لا يحصى من الحقول والغابات وسيكون من الصعب الدفاع عنها.
الخيار السادس والأخير يعني السيطرة على البلد بأكمله والتعامل مع استيعاب 41 مليون نسمة قد يقاوموا روسيا بشكل فعال لسنوات.
الخيار الأخير سيتطلب قوة روسية كبيرة الحجم للسيطرة على السكان وإدارة الحدود الجديدة مع دول الناتو. يمكن أن يتوقع الأوكرانيون في أي منطقة محتلة "الترويس" القسري الذي عاشته الأمة في ظل حكام مثل كاترين العظيمة، وألكسندر الثاني، وستالين، وبريجنيف.
