منذ أيام، يعاني قطاع المخابز والأفران في لبنان نقصاً حاداً في تسليم الطحين لصناعة الخبز. الأمر الذي كشفه اتحاد نقابات المخابز والأفران اللبناني اليوم الأربعاء.
وأوضح القطاع أن تأخير تسديد ثمن القمح المستورد من مصرف لبنان، وتكدس كميات من النخالة في مستودعات المطاحن، يمنعها من الإنتاج. وطالب الاتحاد "المسؤولين المعنيين العمل على إيجاد الحلول الناجعة بسرعة فائقة، منعاً لأزمة رغيف، خصوصاً وأن تسليمات الطحين إلى المخابز والأفران بالكاد تسد الحاجة اليومية لإنتاج الرغيف".
ويبدو أن لبنان على مشارف أزمة خبر ولا يتعلق الأمر بتأخير تسديد ثمن القمح المستورد وفقط، ولكن الأمر يتعلق أيضا الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث تُنذر التوترات القائمة حالياً بين روسيا وأوكرانيا، بأزمة غذاء في المنطقة وربما العالم، فالبَلَدان يستحوذان على أكثر من ثلث السوق العالمي للقمح، وغالبية دول المنطقة من بينها لبنان تعتمد بشكل شبه تام على واردات القمح الأوكراني والروسي.
وأن ارتفاع سعر طن القمح عالمياً خلال اليومين الماضيين بمثابة مؤشر على المخاطر المحدقة بإمدادات القمح وأسعارها، فيما لو تعاظمت التوترات بين البلدين وتراجع الإنتاج الأوكراني للقمح.
ويبلغ حجم التبادل التجاري بين لبنان وأوكرانيا سنوياً نحو نصف مليار دولار في أحسن حالاته. ويستورد منها لبنان الحديد وزيت دوار الشمس والحبوب وغيرها. إلى جانب هذا تعد أوكرانيا مصير الأمن الغذائي بالنسبة للقمح. فلبنان استورد من أوكرانيا عام 2020 أكثر من 630 ألف طن من القمح، أو ما يمثل 80 في المئة من حاجته الاستهلاكية، مرتفعاً من 535 ألف طن من القمح استوردها عام 2019.
لم يكن لبنان يعتمد في السنوات السابقة بشكل شبه كلّي على القمح الأوكراني. ففي العام 2015 استورد لبنان نحو 30 في المئة فقط من حاجته الاستهلاكية من القمح الأوكراني، في حين استورد نحو 46 في المئة من روسيا، والباقي من دول أخرى. أما في السنوات اللاحقة، فارتفعت نسبة استيراد لبنان للقمح الأوكراني تدريجياً حتى وصلت في العام 2020 إلى 80 في المئة من أوكرانيا، و15 في المئة من روسيا، و5 في المئة من باقي الدول.
تتصاعد المخاوف من الأزمة الأوكرانية الروسية، نظرا لتأثر أسعار القمح العالمية سلباً بالأزمة الأوكرانية. وهذا حال لبنان الذي يملك مخزوناً من القمح حالياً يكفي لنحو شهر ونصف الشهر، في وقت هناك شحنات جديدة من القمح الأوكراني محجوزة بموجب عقود، وهي في طريقها إلى لبنان، وفق ما يؤكد المدير العام للحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد، جريس برباري، في تصريحاته الصحفية، فلا خوف من نقص في مخزون القمح اللبناني. إنما الخوف من ارتفاع الأسعار العالمية وتأثيرها على لبنان الذي يعاني أزمة مالية ومعيشية.