تشترك مناطق شرق الفرات التي يسيطر عليها تنظيم قسد بالكثير مما يحدث في مناطق سيطرة الجماعات المسلحة في باقي الشمال السوري، إذ تكثر عمليات الخطف والقتل والاعتقال، فضلاً عن معاناة الناس المتزايدة هناك، حيث تتعطل العملية التعليمية في الحسكة ، ويعاني سكان حي غويران حتى الآن، إضافةً لمعضلة الأطفال المعتقلين في سجون قسد والذين تم جمعهم مع إرهابيي داعش، وليس آخراً وجود حوادث تأخذ طابعاٌ عرقياً في مناطق التنظيم الكردي.
استياء في مناطق الإدارة الذاتية
فيما تنتشر حالات من التهكم بين الأوساط الشعبية ضمن شرق الفرات على المشاريع التي يدشنها مسؤولوا ما تٌسمى بالإدارة الذاتية من دوارات وبعض الأزقة بشكل شبه بدائي، ترتفع أصوات الطلاب وذويهم في الحسكة وتحمل التنظيم الكردي مسؤولية كبيرةً على تعطيل الدراسة.
في هذا السياق أكدت مصادر محلية من الحسكة لوكالة آسيا نيوز بأن الإجراءات الأمنية التي تفرضها قوات قسد في الحسكة لا تزال تشكل عبئاً على الطلاب والكادر الإداري والتدريسي الذي دفع الضريبة الباهظة عقب اشتعال المعارك بين تنظيمي قسد و داعش.
من جهتها أشارت عدة مصادر تعليمية بعضهم يدّرس في معاهد إلى أن هناك 25 ألف طالب جامعة ومعهد يعيشون أوضاعاً عصيبة، كون كلياتهم ومعاهدهم قد تدمرت خلال المعارك بين قسد وداعش.
بدورها اتهمت الإدارة الذاتية الحكومة السورية بالسعي لنقل الكليات الموجودة بمحافظة الحسكة إلى مناطق سيطرتها في دير الزور، في حين أكدت مصادر في جامعة الفرات لآسيا نيوز أن العملية الامتحانية معلقة بسبب استيلاء قسد على المباني الجامعية وتحويلها لمقرات عسكرية.
وفي سياق الحديث عن مدينة الحسكة، أكدت المعلومات الواردة من هناك لآسيا نيوز بأن عمليات التمشيط العسكرية والأمنية التي تقوم بها قسد لا تزال مستمرة، حيث توجد العديد من الشوارع المغلقة وسط حالة أمنية مشددة يعيشها السكان حالياً.
على صعيد متصل قالت مصدر أهلية في بلدة أم مدفع الواقعة جنوب الحسكة بأن السكان مصممون على الاستمرار بمظاهراتهم الاحتجاجية ، وسيستمرون بقطع الطريق الرئيسي احتجاجاً على سوء الخدمات وتردي الوضع المعيشي وأكدت تلك المصادر بأن تنظيم قسد يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع حالياً.
إلى ذلك أكد مراسل آسيا نيوز في الشمال بأن تنظيم قسد لا زال يمنع عدداً من العوائل من العودة إلى حي غويران وأضاف المراسل بأن المنطقة شبه مُحاصرة لليوم ويُفرض حولها طوق أمني، فيما لم تدخل أية منظمة إنسانية للحي ولم يتم تعويض أي مدني تضّرر أو مساعدتهُ، حيث تنتشر أكوام القمامة في الحي، وختم المراسل بالقول: إن سلطات الإدارة الذاتية لم تسمح لأي منظمة إغاثية بدخول الحي بسبب وجود عمليات أمنية لم تنته، وسط مخاوف بين الأهالي من اعتقال المزيد من أبنائهم.
العرب والناشطون الأكراد تحت مجهر قسد
في خضم التحديات التي تواجه تنظيم قسد، وسط تنامي حالة السخط الشعبية في مناطق سيطرته، قام التنظيم الكردي بعدد من الخطوات الوقائية وفقاً لما وصتها بعض المصادر المطلعة، حيث قام قسد بفصل مئات العناصر من قواته في مدينة الرقة، استناداً إلى دراسة أمنية أجراها جهاز الأسايش، بعد الأحداث التي وقعت في سجن الصناعة وحي غويران.
في هذا الصدد أفادت مصادر وكالة آسيا الخاصة بأن جميع من تم فصلهم ينتمون للمكون العربي، ولا يوجد بينهم كردي واحد، ما أثار نقمة في الأوساط العشائرية، إضافةً لحرمانهم من رواتبهم، وتضيف المصادر : هناك توجه لدى الإدارة الذاتية التي يتحكم بمفاصلها أكراد نافذون يتمثل بالقول أن مناطق انتشار المكون العربي خاصرة رخوة للحكم الذاتي، وأن البيئة العشائرية العربية تشكل مناخاً خصباً لاحتضان داعش، بل وإعادة إحيائه عبر إيواء خلايا نائمة.
على صعيد آخر أشارت مصادر محلية لآسيا نيوز بأن تنظيم قسد يجبر الناس في مناطق سيطرته التوقيع على عريضة سيتم رفعها للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان تطالب بالإفراج عن الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، في خطوةً يُعتقد بأنها ستمهد لتصعيد سياسي إقليمي قادم مع أنقرة بدعم من واشنطن.
وسط كل ذلك تعود الاعتقالات التعسفية بحق الإعلاميين الأكراد إلى الواجهة، حيث قام تنظيم قسد باعتقال أحد الصحافيين في قرية بانه قصري بريف مدينة المالكية، وذلك بعد ورود معلومات تفيد عن اعتقال التنظيم الكردي للإعلامي أحمد الصوفي.
مصدر مقرب من الحزب الديمقراطي الكردستاني قال لآسيا نيوز بأن تنظيم قسد ومن ورائه حزب الاتحاد الديمقراطي يقومون بالتخلص من كل الأصوات الكردية التي تخالفه وجهات النظر والرؤى السياسية لمستقبل الأكراد، وأضاف المصدر بأن هناك توقعات بقيام قسد اعتقال المزيد من الصحافيين، وهناك معلومات وردت إلى الحزب بأن الأسايش سيركز في الفترة القادمة على جميع الناشطين والصحافيين الأكراد المنتسبين لأحزاب المجلس الوطني الكردي، وختم المصدر بالقول: إن الناشطين الأكراد المعارضين لسياسة وممارسات قسد هم في خندق واحد مع المكون العربي الذي لا يمكن أن يخفي استيائه هو الآخر من الممارسات التي يعيشها، نحن وهم في خندق واحد ... خندق الاحتجاج ضد قسد.