أصدر مكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية، في شهر ديسمبر الماضي/ كانون الأول 2021، ورقة بعنوان "الديمقراطية التي تعمل" ردا على قمة الديمقراطيات التي عقدتها الولايات المتحدة حينها.
وتضمن ملخص الورقة الذي حمل عنوان:" أن الديمقراطية شكل سياسي يتشكل على مدى ألاف السنين، وقد أدت دورا هاما في التنمية البشرية".
واستطردت الورقة أنه:" منذ بداية القرن العشرين، لم تحرز الديمقراطية سوى تقدم ضئيل في بعض البلدان، ووجدت بلدان أخرى نفسها في حالة من الاضطراب بل انقسمت".
وقال مكتب الإعلام لمجلس الدولة لجمهورية الصين في الورقة المقدمة:" إن عالم اليوم يواجه تحديات الديمقراطية المفرطة، والديمقراطية المنفذة بسرعة كبيرة والعجز الديمقراطي وتلاشي الديمقراطية. ماذا حدث للديمقراطية؟ هل ما زالت حاضرة؟ والإجابات على هذه الأسئلة ستؤثر على السلم والتنمية العالميين ومستقبل جميع الحضارات. ولا يوجد شيء خاطئ في الديمقراطية في حد ذاتها. ولم تواجه بعض البلدان نكسات وأزمات في سعيها إلى الديمقراطية إلا لأن نهجها كان خاطئا".
وأوضحت الورقة أن في مجال تعزيز الديمقراطية، مّرت الصين بعملية صعبة من الاختيار والتجريب والممارسة والتنمية. لقد أنشأت الصين وطورت "ديمقراطية الشعب" بكامل عملياتها تمشيا مع ظروفها الوطنية. وهذا شكل من أشكال الديمقراطية، له سمات مميزة ُتعنى بها الصين، ما يعكس في الوقت نفسه رغبة البشر حول العالم في الديمقراطية، وقد غذت تنمية البلد ودفعت بتنشيط الأمة، وأسهمت بنموذج جديد في التشكيلة السياسية الدولية.
ورأى المكتب الإعلامي لمجلس الدولة لجمهورية الصين في الورقة المقدمة عن مكتبها الإعلامي أنها اكتشفت مسارات جديدة للديمقراطية، وقالت:" لم تكّرر الصين النماذج الغربية للديمقراطية، لكنها خلقت نماذج خاصة بها. والآن يتمّتع جميع سكان الصين أي خمس مجموع سكان العالم تقريبا بحقوق وحريات واسعة النطاق. وهذا مشجع جدا للبلدان النامية ويعّزز إلى حد كبير ثقتها في تطوير ديمقراطيتها. ويمّثل النهج الجديد الذي تّتبعه الصين إزاء الديمقراطية إسهاما كبيرا في السياسة الدولية والتقدم الإنساني".
وأشارت الورقة إلى أن الطموح الأصلي للديمقراطية في الصين هو ضمان وضع الشعب بوصفه سيد البلد، فالديمقراطية السليمة والحقيقية يجب أن تسمح للشعب بأن يصبح سيد البلد، ويجب أن تتيح له الحق في الترشح والانتخاب والحق في المشاركة الواسعة النطاق. ويجب أن تتيح له الحق في التعبير عن تو ّقعاته والحق في تحقيق تلك التو ّقعات، وأن تتيح له الحق في المساهمة في التنمية الوطنية والحق في تقاسم ثمار التنمية.
وأكدت الورقة على إن الصين تعتمد على كل إنجاز سياسي حققته بلدان أخرى، لكنها لا تقلّد أي نموذج من نماذج الديمقراطي لديها. وترحب بجميع الاقتراحات البناءة والانتقادات الحسنة النيّة، لكنها ترفض أي شكل من أشكال المحاضرة المتعجرفة. ويتعين على الصين أن تبتكر أنسب أشكال الديمقراطية وفقا لخصائصها وواقعها ــ وهو
مبدأ أساسي تلتزم به الصين لتطوير الديمقراطية.
وأشارت خلال الورقة إلى أنه لا توجد ُنظم سياسية متطابقة في العالم، ولا يوجد نموذج سياسي يناسب الجميع. يمكن للبلدان أن تستلهم من التجارب الناجحة للآخرين وأن تطور أشكالا من الديمقراطية تتلائم مع عملية التحديث الخاصة بها، ولكن ينبغي لها ألا تكّرر أنظمة أو نماذج أخرى. النموذج المناسب هو دائما الصائب.
ونفت الصين سعيها إلى تصدير النموذج الصيني للديمقراطية، كمان أنها أكدت على عدم السماح لأي قوة خارجية بتغيير النموذج الصيني تحت أي ظرف من الظروف. وهي تؤيد بقوة حق كل بلد في الاختيار المستقل لطريقه إلى الديمقراطية، وتعارض أي تدخل في الشؤون الداخلية للآخرين بحجة "جلب الديمقراطية.
ويرى المكتب الإعلامي لمجلس الدولة لجمهورية الصين في ورقته؛ أن الديمقراطيةتتجلّى في ُبعدين: على المستوى الوطني، حيث يشار إلى مركز الشعب باعتباره سيد بلده؛ وحيث يشار على الصعيد الدولي إلى العلاقات الديمقراطية بين الأمم. يجب احترام كرامة البلد وحرمة سيادته وأمنه ومصالحه الإنمائية.
تنشط الصين في تطوير شراكات عالمية. وهي تعمل على إنشاء إطار للعلاقات بين البلدان الرئيسية يكون مستقرا و متوازنا بشكل عام. وفي تطوير العلاقات مع البلدان المجاورة تطّبق الصين مبدأ الصداقة والاخلاص - بحسب الورقة.
يقول المكتب الإعلامي لمجلس الدولة أن الشمول والمنفعة المتبادلة وسياسة تعزيز الروابط الو ّدية والجارية. وبتعزيز التعاون مع البلدان النامية الأخرى تسعى الصين إلى تحقيق مصالح أكبر جيدة ومشتركة، وتطّبق مبدأ الإخلاص والصلة و ُحسن النيّة والنتائج الحقيقية.
كما عّززت الصين التبادل والتعاون مع البلدان المشاركة في "مبادرة الحزام والطريق" وتشاطرت المكاسب معها، ووسعت نطاق المبادرة إلى مزيد من المناطق وحولتها إلى منفعة عامة عالمية تحظى بتجاوب جيد.
وأشارت الورقة إلى إن عددا قليلاً من البلدان يتجاهل القانون الدولي ويستخف بالعدالة الدولية ويحتقر الرأي العام الدولي وينتهك بشكل صارخ سيادة البلدان الأخرى ويتد ّخل في الشؤون الداخلية للآخرين وكثيرا ما يسيء معاملة البلدان الأصغر والأضعف ويملي عليها إرادته ويحول "القرية العالمية" إلى غابة تعود إلى العصور الأولى قوامها الأقوياء والفريسة والضعفاء.
وفي عالم تواجهه التحديات، تكون جميع البلدان، كبيرها وصغيرها، قويها وضعيفها، غنيها وفقيرها، متساوية، لذا يجب دعم مبدأ الديمقراطية في العلاقات الدولية. وينبغي للبلدان القوية أن تتصّرف على نحو يليق بمركزها، وأن تجعل من مستقبل البشرية أولويتها، وأن تتحمل مسؤولية أكبر عن السلام والتنمية العالميين بدلا من استخدام قوتها سعيا إلى التفوق أو الهيمنة. ويجب أن يكون مستقبل العالم في أيدي جميع شعوب العالم، وأن تضع جميع البلدان القواعد الدولية وأن تحكم الشؤون العالمية جميع الأطراف وأن يتقاسم الجميع ثمار التنمية - بحسب المكتب الإعلامي.
ويقول المكتب الإعلامي لمجلس الدولة لجمهورية الصين؛ أنه لا يوجد طريق واحد إلى الديمقراطية. فالحاجز الحقيقي أمام الديمقراطية لا يكمن في النماذج المختلفة لها، بل في الغطرسة والتحامل والعداء إزاء محاولات البلدان الأخرى استكشاف مسارها نحو الديمقراطية، وفي التفوق المفترض والتصميم على فرض نموذج الديمقراطية على الآخرين. إن النظم السياسية تختلف من حضارة إلى أخرى ولكل منها مواطن قوتها.
ورأى أنه ينبغي لجميع البلدان أن تتمسك بمبدأ عدم التمييز، وأن تحترم نماذج الديمقراطية لدى الآخرين وأن تتقاسم الخبرات معهم وأن تستكشف مسارها وأن تسهم بنصيبها الواجب في التقدم الإنساني.
وأشارت الورقة إلى أن مبدأ "شخص واحد صوت واحد" مبدأ ديمقراطي لكنه ليس المبدأ الوحيد، ولا يخلق في حد ذاته الديمقراطية. ومع ذلك فقد أسيئ فهمها منذ فترة طويلة و ُشوه معناها من جانب عدد قليل من البلدان. يتم نشر مبادئ "الشخص الواحد والصوت الواحد" والمنافسة الحزبية التي يقوم عليها النظام الانتخابي الغربي بوصفها المعيار الوحيد للديمقراطية.
كما أكدت الورقة على أن بعض البلدان تستغل الديمقراطية كأداة سياسية وتتبع عقلية الهيمنة التي تقول إن "كل من يخالفني هو خطأ"، وتتد ّخل في الشؤون الداخلية للآخرين باسم الديمقراطية وتنتهك سيادتهم لخدمة مصالحهم السياسية. كما أنها تحّرض على العداء والانفصال بحجة "جلب الديمقراطية"، مما يسّبب عدم استقرار لا نهاية له في أجزاء كثيرة من العالم ويفاقم التوترات الدولية.
وأختتم المكتب الإعلامي لمجلس الدولة ورقته بأن بغية النهوض بالتقدم البشري وتحقيق التعايش السلمي والتنمية المشتركة يجب على جميع البلدان أن تفهم الديمقراطية الحقيقية وأن تعّزز هذه الديمقراطية. وجدد الإشارة إلى استعداد اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني للعمل مع الأحزاب السياسية والمنظمات السياسية الأخرى في جميع أنحاء العالم لزيادة التبادل والتعلّم بين بعضها البعض وتعزيز التقدم الإنساني.
وفي ديسمبر/ كانون أول الماضي، نظم الرئيس الأمريكي جو بايدن ا"قمة من أجل الديمقراطية" تجمع، عبر الفيديو، ممثلين عن حوالي مئة دولة ومنظمة غير حكومية وشركات ومنظمات خيرية. وأثارت لائحة المدعوين توترا شديدا فقد نددت الصين وروسيا، باستبعادهما، كما أغضبت دعوة تايوان بكين التي تعتبرها مقاطعة صينية حتى لو لم تكن تسيطر عليها.
وتضمن الحديث الذي تم تنظيمه افتراضيا جائحة فيروس كورونا، الكشف عن الصراع بين الديمقراطيات والأنظمة الديكتاتورية والأنظمة الاستبدادية، وهي في صلب السياسة الخارجية لبايدن.