لا تزال مفاعيل أحداث عملية الإنزال الأمريكية في أطمة بريف ادلب مستمرة حتى اللحظة، إذ تنشغل فيها أوساط تنظيم تحرير الشام، لا سيما بعد اتهامات طالته بالضلوع في العملية والتعاون مع القوات الأمريكية، مما دفعه لاستصدار بيان اعتبرته مصادر معارضة بأنه دليل إدانة، فيما تتوسع التظاهرات الاحتجاجية ضد التنظيم في الريف الادلبي.
بيان يثير الشبهات
منذ استهداف زعيم داعش أبو ابراهيم قرداش، من قبل قوات أمريكية، والأصابع تتجه لاتهام تنظيم تحرير الشام بالضلوع بالعملية، لا سيما وأنها وقعت في مناطق سيطرته، فضلاً عن قيام عناصره بضرب طوق أمني حول منطقة الإنزال وقبل حدوثها بنصف ساعة، فضلاً عن معلومات أخرى تحدثت عن إبلاغ التنظيم عبر ضابط ارتباط تركي بأن الأمريكييين سينفذون تلك العملية، منعاً لأي اشتباكات.
يقول مصدر خاص وصف نفسه بالمعارض لتحرير الشام: إن الهيئة كانت على علم بالعملية ، بل إن المعلومات الميدانية المتوافرة أكدت اشتراكها في عملية الإنزال، إذ كيف يضرب عناصرها طوقاً أمنياً حول منطقة العملية؟ وكيف علم الأمريكيون مكان تواجد الزعيم الداعشي.
ويضيف المصدر لوكالة آسيا نيوز: هناك معلومات خاصة تقول بأن تحرير الشام ساهمت في إبلاغ الأمريكيين بمكان تواجده، وهذا من مصلحتها لأن زعيم الهيئة الجولاني يخاف من عودة انبعاث داعش، قوة تهدد نفوذه وسطوته في ادلب، وفق قول المصدر.
يتقاطع ما قاله المصدر مع المعلومات الخاصة التي حصلت عليها آسيا نيوز في هذا الصدد، إذ تفيد تلك المعلومات بأن تحرير الشام أبلغت بعض المقاتلين الأجانب الذين يُسمون بالمهاجرين إخلاء المنازل التي يسكنونها في إدلب، فيما يقبع عدد كبير من هؤلاء في سجونها، وقد تم إبلاغ عائلات المقاتلين الأجانب المعتقلين لديها بضرورة إخلاء منازلهم.
بالعودة لعملية أطمة والاتهامات التي طالت تحرير الشام، وجدت الأخيرة نفسها مجبرة على إصدار بيان يتطرق للعملية للإيحاء بأنه لا علم لها بعملية الإنزال الأمريكية، حيث لم تندد الهيئة مباشرةً بالعملية، بل تطرقت لأسفها بمقتل نساء وأطفال خلالها، فيما أكدت على أن عملية الإنزال أثارت القلق لدى السوريين الهاربين مما أسمته بطش الحكومة السورية، دون التطرق للقوات الأمريكية بأي انتقاد أو هجوم، فيما اكتفى البيان بمهاجمة دمشق وحلفائها وكذلك تنظيم داعش.
أوساط محسوبة على ما يُسمى بالجيش الوطني المدعوم من تركيا اعتبرت بيان الهيئة بمثابة دليل إدانة على ضلوعها بالعملية وتعاونها مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، إذ لم يتهجم البيان على واشنطن، وحاول البيان أن يكون دبلوماسياً وبعيداً عن الصدام مع أمريكا، عندما قال بأن العملية أثارت قلق السوريين، وتابع تلك الأوساط لآسيا نيوز: إن صياغة البيان ومحتواه دليل على رغبة وطموح تحرير الشام بأن تكون عصا التحالف الدولي في الشمال السوري إلى جانب قسد وفق اعتقادها.
التظاهرات تتوسع وممارسات الهيئة تتشدد
تستمر التظاهرات الاحتجاجية ضد تنظيم تحرير الشام في قرى ادلب، حيث خرجت تظاهرات نسائية في بلدتي كللي و كفروما تطالب بالإفراج عن المعتقلين لدى الهيئة ، وسط نداءات لأهالي قرى ادلب بالخروج في تظاهرات ضد الهيئة تطالب بالإفراج عن المعتقلين من المدنيين.
بالتوازي مع ذلك أشارت مصادر أهلية في دير حسان بأن هناك محاولات شعبية للتنسيق بين القرى والبلدات الادلبية للخروج بتظاهرات احتجاجية كبيرة في توقيت واحد ضد ممارسات الهيئة، بدءاً من تزايد عمليات الاعتقال التعسفية، وصولاً للفساد الذي تغرق به الهيئة، فيما الناس تعيش فقراً شديداً.
إلى ذلك تتسع رقعة الاعتصامات التي يقوم بها المعلمون في إدلب ، حيث أضربوا عن التعليم في أكثر من 100 مدرسة. جرّاء استمرار عملهم التطوعي منذ سنوات عدّة، دون تلقي أجور لقاء عملهم، وسط تهميش كامل لعمل المعلم من قبل الجهات المسؤولة عن ملف التعليم ودعمه وهي حكومة الإنقاذ ذراع تحرير الشام المدنية، فيما يتم إعطاء كامل الدعم للمعاهد والمدارس الشرعية التي تشرف عليها تحرير الشام مباشرةً.
أحد المعلمين المنضوين ضمن ما أسموه بإضراب الكرامة للمعلمين قال لآسيا نيوز: إن هناك حالة سخط كبيرة بين المعلين في مناطق سيطرة تحرير الشام، وأشار المصدر إلى أن المعلمين المحسوبين على الهيئة والذين يدرسون في المدارس الشرعية يتقاضون رواتب تصل إلى 500 دولار شهرياً، مع ميزات أخرى كسلة معونة غذائية، فيما معلمو مدارس ادلب لم يتقاضوا أجورهم منذ عدة أشهر، ورغم اعتراضات قدموها لحكومة الإنقاذ، إلا أن الأخيرة لم تجبهم ولا تطمأنهم، ما دفعهم للخروج بذلك الاعتصام، وسط تخوفات من عمليات اعتقال تنفذها الهيئة ضد المعتصمين، لأن ذلك قد يشجع قطاعات أخرى على القيام باعتصامات مشابهة، مما سيربك حكومة الإنقاذ ومن ورائها تحرير الشام.